أردوغان يزور السعودية.. ماذا تغير بين 2017 و2022؟
يحلّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غدا الخميس، ضيفا على السعودية في زيارة هي الأولى منذ عام 2017، جرت بعدها مياه كثيرة تحت جسر العلاقات.
الزيارة المرتقبة كشف عنها مصدران، لوكالة رويترز، قالا إن أردوغان سيجتمع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للمملكة المقررة غدا، وفق مسؤول تركي أيضا.
ورغم غياب إعلان رسمي عن الزيارة من الجانبين السعودي والتركي، تكتسي الزيارة أهمية بالغة في توقيتها، وفي حجمها؛ إذ تعد وفق مطلعين على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، نقطة فاصلة في علاقات بلدين مؤثرين في المنطقة، عرفت توترا في السنوات الأخيرة.
وتتناغم زيارة أردوغان مع خطوات تركية بدأت في الأشهر الأخيرة، للعودة إلى قاعدة تصفير المشاكل مع دول المنطقة، في التوجه الدبلوماسي لأنقرة، التي رأت أن يد التقارب حان لها أن تمد لدول الخليج خاصة دولة الإمارات والسعودية.
وتعود الذاكرة إلى الوراء، وتحديدا إلى آخر زيارة قام بها أردوغان إلى السعودية، في يوليو / تموز من عام 2017، حين التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهد الأمير محمد بن سلمان في مدينة جدة.
ما الذي تغير بعد هذه الزيارة؟
خلال هذه السنوات، بين يوليو/ تموز 2017، وأبريل/ نيسان 2022، مرت العلاقة بين البلدين بفتور كبير كاد يصل حدّ القطيعة، وذلك إثر تصريحات أردوغان ضد السعودية بسبب الخلاف في ملفات عدة.
هذا التوتر السياسي الذي بلغ أوجه عام 2018، انعكس سلبا على العلاقات الاقتصادية بين أنقرة والرياض، وأثر جليا على مستوى ميزان التبادل التجاري، الذي اختل تحت وطأة الخلاف.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية (رسمية)، تراجعت تركيا من المرتبة الـ11 من حيث الواردات إلى المملكة في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وحلت في الرقم 58 في نفس الشهر من العام الموالي، واستمر هذا التراجع حتى العام الماضي.
وعلى المستوى السياسي كان لتعامل تركيا مع مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقحي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018، تأثير كبير أضر بالعلاقات.
ومع الإعلان عن مقتل خاشقحي، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أوامر ملكية بإعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم، وأعلنت المملكة لاحقا توقيف 18 سعوديا على ذمة القضية.
وبعد تحقيقات كثيفة، أعلنت النيابة السعودية أحكاما رادعة ونهائية بحق المتهمين، لتسدل بموجب الأحكام الستار على القضية، التي اتسم تعامل الرياض معها بشفافية، وتركتها بين أيدي القضاء.
بيد أن الرياض أخذت على أنقرة استغلالها السياسي لقضية جنائية منظورة في القضاء السعودي، رافضة تدويل مقتل خاشقجي، من قبل القيادة التركية والمسؤولين في هذا البلد.
ومنذ 2018، وحتى 2020، ظلت الأزمة السياسية بين تركيا والسعودية، تراوح مكانها، فيما يلتزم كلا البلدين الموقف ذاته من عودة العلاقات، قبل أن تظهر خلال الأشهر الماضية الرغبة التركية في ضبط العلاقات مع دول خليجية وعربية، من بينها السعودية.
بداية المؤشرات الإيجابية
مطلع عام 2021، بدأت لغة تركيا تتغير، خاصة في قضية خاشقجي، التي غيرت منها موقفها في سبيل إصلاح علاقتها بالسعودية، وأعربت عن ذلك بشكل واضح في تصريحات صحفية.
وقال إبراهيم كالين، المتحدث باسم أردوغان، في أبريل/ نيسان العام الماضي إن تركيا تأمل في إنهاء المقاطعة، كاشفاً عن البحث عن سبل لإصلاح العلاقات بأجندة أكثر إيجابية مع السعودية.
وفي تغير ملحوظ في لهجة أنقرة، حينها رحب مستشار أردوغان بالمحاكمة التي أجرتها السعودية وقضت العام الماضي بسجن ثمانية متهمين بقتل خاشقجي بين سبع سنوات و20 عاما.
وقال كالين: "لديهم محكمة أجرت محاكمات. اتخذوا قرارا وبالتالي فنحن نحترم ذلك القرار"، في موقف ينسف ما رددته أنقرة سابقا، حين قالت عندما صدر ذلك الحكم إنه لم يرق لمستوى التوقعات وحثت الرياض على التعاون معها، حيث تجري محاكمة 20 مسؤولا سعوديا غيابيا.
ومطلع العام الجاري، قال أردوغان إنه يدرس زيارة الرياض، مع سعي تركيا لإصلاح العلاقات مع السعودية، وفي مارس/آذار الماضي، طلب مدعي عام إسطنبول "إغلاق ملف" قضية خاشقجي وإحالته على السعودية.
وقال أردوغان الشهر الماضي إن تركيا تواصل "النقاش الإيجابي" مع السعودية وترغب في اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين العلاقات.
وكشفت أنقرة أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عقدا محادثات مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود واتفقا على تحسين العلاقات.
وخلال الشهر الحالي، وفي خطوة تطوي هذه صفحة خاشقجي نهائيا قضت محكمة تركية بوقف محاكمة السعوديين المشتبه بهم في قضية مقتله، وإحالتها إلى السعودية.
ووافق وزير العدل التركي في وقت لاحق على الطلب الذي كانت تسعى إليه الرياض في البداية.
aXA6IDMuMTI5LjIxMS4xMTYg
جزيرة ام اند امز