الخليفة التركي المنحول لا يعرف الطريق إلى العلاقات السياسية القويمة، ولا يقيم وزنا للجيرة الجغرافية السليمة.
فقد السلطان الحائر ظله، وأصبح مثل الثور الجريح، ينهار داخليا وخارجيا، فلا يجد من مهرب إلا اللجوء إلى الأوهام.
يخيل إلى أردوغان أن الكون كله بات يتآمر عليه، الرئيس الأمريكي في مكتبه بالبيت الأبيض، والقيصر وراء جدران القصر العتيد المعروف باسم الكرملين."
غير أن المثير إلى حد الاشمئزاز أنه غير قادر على دفع مواطني أمريكا أو روسيا لتجاهل إخفاقاته، وبدأ يمارس أمراضه العقلية وأوهامه النفسية إلى الأقرب بالنسبة له وهم مواطنو دول الخليج العربي وبقية الدول العربية.
حين تحذر وزارتا الخارجية الألمانية والأمريكية مواطنيهما من السفر إلى تركيا، يلقي أردوغان القبض على مواطنين من دول الخليج، ذلك لأنه لا يستطيع مواجهة كلتيهما. وقد جرب اعتقال القس الأمريكي "برانسون"، وأفرج عنه صاغرا تحت ضربات ترامب وتهديداته بسحق وتدمير اقتصاد تركيا.
كنا نظن أن تهديدات وزير داخليته المدعو "سليمان صويلو" ليست إلا ضربا من ضروب إرضاء الآغا التركي المريض، لا سيما حين أشار في مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تلفيق الشرطة التركية الاتهامات للعرب والمسلمين الخليجيين تحديدا، وذلك على هامش أحد مؤتمرات حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه رجب طيب أردوغان.
لكن الأمر تجاوز ذلك إلى إلقاء القبض على البعض من السياح العرب من مواطني دول الخليج العربي بتهم التجسس وتهديد أمن البلاد، وفيما تعد الاتهامات الموجهة ضدهم لا تستند إلى حقائق أو معطيات، إلا أن الإعلام العثماني بادر بنشر صورهما، في تصرف بغير وجه حق.
صويلو لم يدارِ أو يواري في تصريحاته بأن كل من يعارض تركيا في الخارج، ثم يقدم على قضاء عطلته في تركيا، سوف تعد الشرطة التركية ما أسماه "أكوام" من الملفات والقضايا ضدهم، في تأكيد منقطع النظير لممارسة أنقرة البلطجة السياسية والسياحية، ضد أولئك الذين يدرون على خزينة أردوغان ذهبا وفضة طوال العام.
الخليفة التركي المنحول، لا يعرف الطريق إلى العلاقات السياسية القويمة، ولا يقيم وزنا للجيرة الجغرافية السليمة، وبينهما يحاول أن يصب شهوات قلبه الشريرة صبا على الرافضين لنموذجه الديكتاتوري، عبر ممارسات تليق بعصابات المافيا لا حكام الدول الكبرى.
منذ فترة والسياح العرب والخليجيون، يرصدون تصرفات غير طبيعية تجاههم، بدءا من تعرضهم للعنف والتمييز العنصري، والكراهية في الشوارع والحوانيت، ووقوف الشرطة التركية وبقية الأجهزة الأمنية كالمتفرجين بل حتى المتواطئين في هذه الانتهاكات. هل الأمر مصادفة أم هي خطة إرهابية أردوغانية جديدة، تأتي في سياق تصرفاته الهوجاء قبل السقوط المدوي المرتقب؟
من الواضح أن الآغا يجيد حبك الحبال على الرقاب، ولا يدري أنه سيكون ضحية في لحظة بعينها للحبل ذاته، حبكة تبدأ من عند الإعلانات المتلفزة والأسعار الزهيدة التي يقدمها لاستدراج الخليجيين للسفر إلى تركيا، ومن ثم جعلهم صيدا سهلا للمخابرات التركية، ليجد بعد ذلك اتهامات " صويلو " خلف الباب حاضرة للسيطرة عليه.
مثير جدا أمر أردوغان المسكين والذي يعرف جيدا أن الدوائر بدأت بالفعل تدور من حوله، ولذلك يحاول الانتقام من دول الخليج بنوع خاص. ففي الوقت الذي تعج فيه شوارع ومدن تركيا بعناصر من داعش وجبهة النصرة، وبقية الجماعات الإرهابية التي ما أنزل الله بها من سلطان، إلا أنه لا يخشى منهم لأنهم صنيعة يديه، ولأنهم مكلفون بجمع المعلومات والبيانات عن المواطنين الخليجيين والعرب الزائرين لتركيا، ولخدمة الأغراض الخبيثة الموصولة بحالة الإرهاب في الشرق الأوسط كافة.
ما يقوم به أردوغان تجاه السياح الخليجيين أمر غير جديد عليه، فهو معروف بتطويع العدالة واستغلالها أسوأ استغلال من أجل تحقيق مصالحه السفلية، وسياسة توجيه الاتهامات والاعتقالات باتت السياسة الأساسية في الداخل ومنذ الانقلاب المسرحي تجاهه، والذي فتح له الباب للخلاص من الآلاف من القوات المسلحة ذات المسحة الكمالية العلمانية، والمئات من القضاة والمستشارين، ناهيك عن آلاف آخرين من المواطنين بدعاوى الخيانة التي تسكن بل تعشش دماغه.
يأتي الآن فصل جديد من فصول أردوغان لإثارة الأزمات على المستوى الإقليمي من خلال الاتهام والتضييق على السياح العرب، وهو فصل مفضوح فكلما ازداد الضغط الداخلي عليه في الداخل لجأ إلى استراتيجية تصدير الأزمات للخارج، القصة المنحولة مع القادة الفاشلين، والتي لم تنفع غيره من قبل، لكن الآغا لا دالة له على قراءة فصول التاريخ.
وتعد خسارة أردوغان في الداخل لأهم المدن في البلاد في الانتخابات الأخيرة لصالح المعارضة ضربة موجعة لم يفق منها حتى الساعة، ويريد تحويل الأنظار عنها إلى الخارج. لكن مواطنيه وفي ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية وقيمة الليرة التي تهوي، باتوا يدركون تمثليات الخليفة الخيالية والحالمة.
أما عن الخارج فيكاد الرجل يضحى محصورا ومحسورا بين المطرقة والسندان، فهو يعيش في توتر غير مسبوق مع حلفائه في الناتو الرافضين لمجرد تفكيره في شراء صواريخ "إس 400" لعلمهم بأنه رجل لا يؤتمن جانبه، ولا هو بالكيان الإنساني الموثوق به، وبين القيصر الذي يتلاعب به على رقعة الشطرنج الإدراكية، وحين تنتهي اللعبة برسم معالم وملامح النظام الدولي الجديد سيتخلص منه، فالقيصر لا يحب ألاعيب الضعفاء والجبناء والخونة.
حين تحذر وزارتا الخارجية الألمانية والأمريكية مواطنيهما من السفر إلى تركيا، يلقي أردوغان القبض على مواطنين من دول الخليج، ذلك لأنه لا يستطيع مواجهة كلتيهما. وقد جرب اعتقال القس الأمريكي "برانسون"، وأفرج عنه صاغرا تحت ضربات ترامب وتهديداته بسحق وتدمير اقتصاد تركيا.
الكرة في ملعب مواطني دول الخليج والعالم العربي.. المقاطعة هي الحل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة