أطماع تركيا في البحر الأحمر تتحطم على جزيرة سواكن السودانية
طموحات أردوغان التوسعية في أفريقيا والدول الإسلامية تتحطم مع زيادة المطالبات بإخلاء جزيرة سواكن السودانية من الوجود التركي.
سلط نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الضوء على مصير الاتفاقيات الموقعة بين الرئيس السوداني المعزول عمر البشير ونظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن جزيرة سواكن السودانية.
النشطاء أكدوا أن الاتفاق الذي كان يمهد لإقامة قاعدة عسكرية تركية في هذه المنطقة، تحطم على صخور جزيرة سواكن التي يقع بها الميناء الأقدم في السودان.
سواكن التي يعدها أردوغان جزءا مهما من خارطة التمدد التركي بالشرق الأوسط وسيطرة أنقرة على العواصم الإسلامية، تمهيدا لاستعادة إمبراطورتيها البائدة، طالب النشطاء بعودتها إلى الحضن السوداني بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام البشير وحزبه الحاكم.
وبهشتاقات متعددة منها "#السودان، و#سواكن، و#جزيرة سواكن، و#سواكن_يوك_يا_أردوغان" تداول نشطاء وصحفيون وخبراء ما يفيد بمنح مهلة لنظام تركيا لإخلاء جزيرة سواكن السودانية، وهو ما نشرته مواقع إخبارية سودانية، وأعاد نشره على "تويتر" صحفيون ومغردون.
وكان العمل قد توقف في جزيرة سواكن عقب الاحتجاجات التي اندلعت ضد نظام البشير الذي ظل يحكم البلاد طيلة 30 عاما.
وأثارت جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة في أفريقيا، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، جدلا واسعا، بعدما حصلت أنقرة على مشروع إعادة إعمار وترميم آثار تلك الجزيرة الواقعة على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرقي السودان، وهو ما أدى إلى تأجيج التوتر في المنطقة بسبب الخطوة التي وصفت بأنها تأتي ضمن إعادة نفوذ الإمبراطورية العثمانية الغابرة.
وقال الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط أمجد طه في تغريدة على "تويتر" بشأن جزيرة سواكن "الكبار أعطوا مهلة لنظام تركيا لإخلاء جزيرة سواكن السودانية من أي تواجد تركي استخباراتي أو عسكري".
وتابع: "قيل لأردوغان؛ تمكنتوا من وضع قاعدة تركيا العسكرية في قطر والصومال.. ولكن في السودان القاعدة هي أرض العرب للعرب.. أصحاب.. الحزم والعزم فقط".
الجزيرة كانت تحظى بمكانة مهمة في عهد الدولة العثمانية، وقد كانت مركزا لبحريتها في البحر الأحمر، بل إن ميناءها ضم مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885.
وترتبط جزيزة سواكن التي تبعد بنحو 560 كم عن العاصمة الخرطوم، في أذهان السودانيين بمقاومة المستعمر العثماني "سيء السمعة" الذي تكتظ الجزيرة بآثاره.
ويرى مراقبون أن دعوات السودانيين لإنهاء العمل بهذه الاتفاقية يأتي انطلاقا من حرصهم على علاقات الصداقة وحسن الجوار بين بلدهم والدول العربية والأفريقية التي ترفض التدخل والتوغل التركي في القارة، بل وتحذر منه أيضا.
وعقب تسلم القاهرة رئاسة الاتحاد الأفريقي، في شهر فبراير/شباط الماضي، حذّر وزير الخارجية المصري سامح شكري من دور أنقرة في القارة الأفريقية، مشددا على ضرورة مواجهة أي تدخلات خارجية، خاصة مع انكشاف دور البعض في دعم التنظيمات الإرهابية.
وكان الرئيس الإريتري قد اتهم تركيا بالسعي للتحكم في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر وفق أجندة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، وبدعم مما أسماها "قوى الهيمنة العالمية".
وبحسب مراقبين، ما كان للرئيس الإريتري أسياس أفورقي أن يتحدث بلغة صارمة بشأن التغلغل التركي في القرن الأفريقي وسواحل البحر الأحمر، إلا أن خطورة مشروع جماعة الإخوان الإرهابية الذي تتبناه أنقرة يهدد أمن المنطقة.
وفيما قال منذر آل شيخ مبارك، رجل الأعمال السعودي، الناشط على "تويتر" في تغريدة "إنها السودان الجديدة القوية الواضحة!!".. وتساءل مغردون آخرون عن صحة الحديث بشأن طلب إخلاء جزيرة سواكن.
ومع زيادة الحديث عن هذا الموضوع وارتفاع الأصوات المطالبة بإخلاء الجزيرة من الوجود التركي العثماني، ستظل صخور سواكن السودانية شاهدة على تحطم طموحات أردوغان التوسعية في أفريقيا والدول الإسلامية.
ومنذ السادس من أبريل/نيسان الماضي يعتصم الآلاف من المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم، في تتويج لمظاهرات استمرت نحو 4 شهور داخل الأحياء والأسواق ومواقف المواصلات العامة.
وفي 11 أبريل/نيسان الماضي، انحاز الجيش السوداني للشعب، بينما تواصل اعتصام المتظاهرين خارج مقر القيادة العامة للقوات المسلحة لتحقيق مطالب الثورة في نقل السلطة لحكومة مدنية وتقديم رموز نظام البشير للعدالة.
وتسارعت الأحداث منذ 11 أبريل/نيسان الجاري، حيث أعلن الجيش عزل الرئيس عمر البشير واعتقاله في مكان آمن وتعطيل العمل بالدستور، وحل البرلمان والحكومة المركزية وحكومات الولايات، وتشكيل لجنة أمنية لإدارة البلاد لمدة انتقالية مدتها عامان، يتم خلالها تهيئة البلاد للانتقال نحو نظام سياسي جديد، مع فرض حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر.
ورغم عزل البشير، واصل السودانيون اعتصاماً مفتوحاً أمام مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، مطالبين بتنحي كل تنظيم "الحركة الإسلامية" السياسية وتسليم السلطة إلى قيادة مدنية.