خبراء لـ"العين الإخبارية": حراك السودان يغرق أطماع أردوغان في"سواكن"
جزيرة سواكن تحظى بإرث تاريخي عريق قبل أن يغزوها السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر الميلادي.
ديسمبر/كانون الأول 2017، زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس تركي إلى السودان، حيث توجه رجب طيب أردوغان بصحبه أكثر من 200 شخص من حكومته، ولم تكن مجرد زيارة رسمية روتينية، وإنما كانت تجر مخططا كاملا وراءها للحصول على موطئ قدم يضمن له حضورا مزدوجا في كل من أفريقيا والشرق الأوسط.
لقاءات واتفاقيات عديدة جرى توقيعها خلال تلك الزيارة، ولكن الرئيس التركي كان يريد أكثر من الاتفاقيات الاقتصادية أو السياسية، وتوجهت أنظاره إلى "سواكن" تلك الجزيرة الواقعة على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرقي السودان.
سواكن والغزو التركي
تحظى جزيرة سواكن السودانية بإرث تاريخي عريق قبل أن يغزوها السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر الميلادي، وترتبط فترة الغزو العثماني بمجازر وأعمال عنف وقتل في حق السودانيين.
تقع الجزيرة على الساحل الغربي للبحر الأحمر شرق السودان، وتبلغ مساحتها 20 كلم مربع على ارتفاع 66 مترا عن سطح البحر، وتبعد عن العاصمة الخرطوم نحو 560 كلم.
ويعد الميناء الموجود في جزيرة سواكن، الأقدم في السودان، يستخدم في الغالب لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية.
فبعد قرون من الغزو التركي الأول للجزيرة سعى أردوغان إلى استعادة وهم الإمبراطورية العثمانية، فخلال زيارته قبل عامين صرح مباشرة بمخططه التوسعي في موقف خطير يستبطن تغيرا تكتيكيا يهدد الأمن الاستراتيجي العربي بشكل خاص.
وهنا أكد محمد حامد، الباحث في الشؤون التركية، أن التغيرات في السودان خلال عام 2019 تضرب طموحات أردوغان التي سعى إليها منذ عامين، فالوضع الحالي غير واضح بالنسبة للامتيازات التي حصل عليها أردوغان خلال حكم البشير.
وأضاف حامد، خلال تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، أن في حالة خسارة أردوغان للامتيازات التي حصل عليها في السودان وبالأخص جزيرة سواكن الاستراتيجية يضع المخطط التركي القطري في مهب الريح.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشفت تقارير صحفية عديدة عن أن قطر تقدمت بطلب إلى الحكومة السودانية لإدارة "سواكن".
ووعدت الدوحة بإنشاء ميناء جديد بها لكن الحكومة السودانية لم توافق على الطلب القطري، واستمرارا للعبة تبديل الأدوار بين الدوحة وأنقرة، منحت الخرطوم حق الإدارة إلى الحكومة التركية.
أردوغان يخسر مجددا
الأطماع التركية في القارة الأفريقية اتخذت العديد من الأشكال، بدءا بالقواعد العسكرية، مرورا بالتركيز الإعلامي، وصولا إلى جزيرة سواكن السودانية.
وهنا أكد بدر يوسف، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، خلال تصريحاته لـ"العين الإخبارية"، أن خسارة الرئيس التركي في السودان تعادل حجم أهمية جزيرة سواكن.
وقال بدر إن أحداث السودان الأخيرة تعد درسا في علم السياسة لأردوغان، مؤكدا أن العلاقات السياسية المبنية على الأبعاد الأيديولوجية والولاءات السياسية هي قصيرة الأجل وعرضة للفشل في أي وقت.
وأوضح الباحث في شؤون الشرق الأوسط أن تركيا في ظل حكم أردوغان تعمل على إحياء مشروع التمدد الخارجي، الذي يمكن تأطيره تحت عنوان "العثمانيون الجدد"، وهو مشروع مبني برمته على سرقة التراث واستعباد الشعوب باسم مفهوم الوحدة الإسلامية.
وأضاف بدر أن جزيرة سواكن بالنسبة لتركيا تمثل محطة تمويل وإشباع لبطون العثمانيين الجدد، الذين اعتاد أجدادهم على نهب ثروات الشعوب، وسقوط البشير بالنسبة لتركيا بمثابة ضياع لمشروع كبير لها داخل السودان وأفريقيا، ولذلك لن تقف صامتة، وستحاول إدارة المشهد داخل السودان بما يحفظ شيئا من مشروعها.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xNjkg
جزيرة ام اند امز