التضخم الكبير.. كيف تحولت تركيا إلى بيئة طاردة للاستثمار؟
لم تلبث أسعار المستهلك في تركيا أن هبطت دون 10% خلال الربع الأخير 2019 سرعان ما عاودت الصعود لتضيف مزيدا من الأعباء على الأتراك
لم تلبث أسعار المستهلك في تركيا أن هبطت دون 10% خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهي المرة الأولى منذ يوليو/ تموز 2017، لكن سرعان ما عاودت الصعود لتضيف مزيدا من الأعباء على الأتراك المرهقين من غلاء الأسعار وسط عجز حكومي واضح في تقديم أي علاج.
وبينما أشارت أحدث بيانات هيئة الإحصاء التركية بارتفاع نسبة التضخم في يونيو/ حزيران الماضي إلى 12.62%، فإن موقع "تركيا الآن" الناطق بالعربية، ذكر أن تركيا تحتل المرتبة الـ 14 عالميا من حيث أعلى نسب التضخم من بين أزيد من 205 دول.
وتعني النسبة، أن السوق التركية على الرغم من اعتبارها من البلدان ذات الدخل المتوسط، إلا أن غلاء أسعار السلع خاصة الأساسية منها، هو أمر غير طبيعي، ويجعل البلاد بيئة طاردة للاستثمار والإقامة بها، نتيجة ارتفاع تكلفة المعيشة على أراضيها.
- موجز العين الاقتصادي.. أوروبا تعاقب تركيا وفقر متصاعد في إيران
- سنوات العجز في تركيا.. ضياع نصف تريليون ليرة خلال حكم أردوغان
كذلك، أورد الموقع عن حزب الشعب الجمهوري التركي، قوله إن ارتفاع معدل التضخم السنوي في تركيا خلال شهر يونيو الماضي بنسبة 12.62%، وضع أنقرة في مرتبة من ضمن أعلى معدلات التضخم في العالم وتحتل المرتبة 14 عالميا.
ومن بين البلدان التي تسبق تركيا في نسب التضخم، السودان على سبيل المثال، التي تشهد تدهورا حادا في قيمة عملتها المحلية (الجنيه)، بوجود فارق بنسبة 100% بين سعر صرف السوق الرسمية والسوق الموازية.
لكن تركيا، التي من المفترض أن تملك احتياطات نقد أجنبي ومداخيل أجنبية من عائدات الصادرات والتحويلات المالية، إلا أنها من حالات الدول النادرة التي تسجل نسب تضخم مرتفعة، وهذا يعود إلى ضعف الثقة المحلية بالليرة.
ومن متوسط 4.9 ليرة لكل دولار واحد حتى يوليو/ تموز 2018، انهار سعر صرف العملة المحلية ليتجاوز 7.28 ليرة في مايو/ أيار الماضي، الأمر الذي دفع الأتراك للتوجه إلى تحويل مدخراتهم من العملة المحلية إلى الدولار والذهب.
ولم يكتف التضخم باستنزاف جيوب الأتراك من خلال ارتفاع أسعار السلع الرئيسة والخدمات وارتفاع أجور الأيدي العاملة، بل إن هبوط العملة يضاف إلى الضغوطات السلبية على المواطنين، الذين لديهم ادخارات بالعملة المحلية.
بحسب بيانات البنك المركزي التركي، تبلغ ودائع العملاء لدى البنوك في تركيا، قرابة 3.4 تريليونات ليرة (500 مليار دولار) بسعر صرف 6.8 ليرة الحالي، بينما كان هذا الرقم يعادل 693 مليار دولار وفق سعر الصرف الطبيعي قبل الانهيار البالغ 4.9 ليرة.
في أكتوبر/ تشرين أول 2018، كانت تركيا سجلت نسبة تضخم تجاوزت 25%دفع بالبنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة لتخفيض الطلب على الاستهلاك، وبالتالي خفض نسب التضخم، إلا أن النسب رغم تراجعها، ما تزال بعيدة عن المتوسط العالمي (3%).
وتعتبر غالبية البلدان التي تسبق تركيا في معدلات التضخم، تشهد توترات حادة إما سياسية مثل إيران وفنزويلا والسودان وجنوب السودان، أو تواجه أعقد أزمات اقتصادية بسبب غياب النقد الأجنبي، مثل الأرجنتين.
aXA6IDMuMTQ0Ljg5LjQyIA== جزيرة ام اند امز