التواصل الاجتماعي في عهد أردوغان.. الطاعة أو الموت
مع دخول قانون جديد حيز التنفيذ، يراه مراقبون ومعارضون امتدادا لسياسة تكميم الأفواه.
الطاعة أو الموت.. بهذا الشعار تدشن تركيا، اليوم الخميس، عهدا جديدا تودع فيه جميع حرياتها، مع دخول قانون جديد حيز التنفيذ، يراه مراقبون ومعارضون امتدادا لسياسة تكميم الأفواه.
فتدوينة على فيسبوك أو تغريدة على تويتر لا تشبع رغبة الحاكم بأمره، باتت كفيلة بالزج بصاحبها وراء القضبان دون محاكمة، في بلد تخضع فيه حسابات وسائل التواصل الاجتماعي إلى مراقبة شديدة.
وفي يونيو/حزيران الماضي، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى تنظيم مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد آخر فضاءات تتيح للأتراك التعبير بحرية خارج أغلال الحكومة.
وسرعان ما صادق البرلمان التركي، في الشهر التالي، على القانون المثير للجدل، والذي يثير الكثير من المخاوف بشأن حقوق الإنسان.
وهو ما عبّر عنه إيان ليفين، مسؤول قسم حقوق الإنسان في "فيسبوك" في تغريدة، قال فيها إن القانون يثير الكثير من المخاوف.
مخاوف عكستها أيضا مديرة منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تركيا إيما سينكلير ويب، التي أكد أنه "من المستحيل في بلد مثل تركيا إلغاء مواقع التواصل الاجتماعي التي تتداخل إلى حد بعيد مع حياة الناس".
واعتبرت أن الهدف من القانون الجديد " هو تهديد شبكات التواصل الاجتماعي بفرض الطاعة أو الموت عليها".
أغلال القانون
ويُلزم القانون الجديد، شبكات التواصل الاجتماعي التي يتردد عليها يوميا مليون عملية دخول، مثل فيسبوك وتويتر، أن يكون لها ممثل في تركيا.
فضلا عن الامتثال لأوامر المحاكم التركية إذا ما طلبت سحب مضمون معين من عمالقة الانترنت، خلال 48 ساعة.
وفي حال عدم الامتثال، تقع تلك الشبكات تحت طائلة التعرض لغرامة مالية كبيرة قد تصل إلى 40 مليون ليرة تركية (4,3 ملايين يورو)، أو حجب الإعلانات أو تقليص عرض النطاق الترددي.
السكين القاتل
وعلى الرغم من أن حساب أردوغان على "تويتر" يحظى بـ16,7 مليون مشترك، إلا أن الرئيس التركي لطالما أبدى نفوره وانزعاجه من هذه المواقع التي وصفها من قبل بـ"السكين القاتل"، وهدد بإغلاقها أكثر من مرة.
وفي عام 2014، حجبت تركيا موقعي تويتر ويوتيوب، بعد بث تسجيلات كشفت ضلوع أردوغان في فضيحة فساد.
وتشير الإحصائيات التي نشرها المدافع عن الحقوق على الانترنت سيفكيت أويانيك، إلى أن السلطات التركية حجبت 408 آلاف موقع، و40 ألف تغريدة، و10 آلاف مقطع فيديو على يوتيوب، إضافة لـ6200 عملية تشارك محتويات على فيسبوك عام 2019.
حصيلة وضعت الناشط الحقوقي في حيرة من أمره، متسائلا عما يمكن أن يحصل بعد دخول القانون الجديد حيز التنفيذ.
ويعول العديد من الأتراك وخصوصا شريحة الشباب على مواقع التواصل، للحصول على معلومات مستقلة ونقدية، في مشهد تهيمن عليه وسائل الإعلام الموالية للحكومة.
لكن الرئيس التركي الذي يستشعر الخطر منذ سنوات، قيّد منصات وُجدت بالأساس للتعبير عن الرأي، وأمر باعتقال من يتجرأ على انتقاده، مكبلا جيلا لم يعرف سوى حكم غلبت عليه سطوة أردوغان.