تقارب أنقرة ودمشق.. مكاسب تركيا بين الحسابات الداخلية والإقليمية
بين الحسابات الانتخابية والحسابات الإقليمية والدولية المعقدة، تحاول تركيا تحقيق توازن عبر تقارب مع دمشق يبدو هذه المرة أقرب من أي وقت مضى.
وقال تحليل، نشره معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، إن تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول إمكانية دعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، جاءت فيما كانت تبدو الاستعدادات لشن عملية عسكرية تركية في شمال سوريا، تسير على قدم وساق.
- التقارب التركي السوري.. تصريحات جديدة عن "علاقات مباشرة"
- التقارب التركي السوري.. بداية لنهاية الخلافات ولقاء الأسد وأردوغان
واعتبر التحليل الأمريكي أن توجه تركيا نحو التقارب مع دمشق مثل صدمة وصفعة للفصائل السورية التي دعمتها أنقرة طوال سنوات. موضحا أن الصدمة التالية للفصائل جاءت مع تسريبات عن إمكانية اتصال رفيع المستوى بين وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيره السوري، فيصل المقداد.
ومع انتهاء قمة سوتشي التي جمعت الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في الخامس من أغسطس/آب الماضي، أشار أردوغان إلى رغبة روسيا في القضاء على التهديدات الإرهابية من خلال التعاون التركي مع الحكومة السورية.
التحليل الأمريكي أكد أن هذا التحول أثار احتجاجات واسعة النطاق في أوساط ما يسمى بـ"المعارضة السورية"، مما دفع جاويش أوغلو للقاء رؤساء مؤسسات المعارضة، لإعادة التأكيد على "دعم تركيا لحقوق السوريين"، إلا أن هذا لم يمنع بعض الدوائر السورية، ومنها 9 جمعيات للمحامين والمعلمين والمهندسين ومهن أخرى، من التظاهر للتعبير عن رفضهم لهذا التوجه التركي الجديد واستنكارهم له.
ومع ذلك، يبدو أن تصريحات جاويش أوغلو الأخيرة تشير إلى أن تركيا ستترك أمر سوريا تماما لحكومة دمشق. وكان اللافت بشكل خاص في تصريحات جاويش أوغلو الجديدة هو حديثه عن "الحق الطبيعي لدمشق في إخراج التنظيم الإرهابي من أراضيها"، في إشارة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال سوريا.
حتى أن جاويش أوغلو أبدى استعداد حكومته لتقديم "جميع أنواع الدعم السياسي لعمل الحكومة السورية في هذا الصدد"، مما أطلق العنان للعديد من التكهنات حول النوايا الحقيقية للحكومة التركية، حسبما ذكر تحليل المعهد الأمريكي.
تواصل مطمئن
وفيما تبحث أنقرة خطواتها القادمة تجاه دمشق، فإنها تبدو مطمئنة إلى أن تواصلها مع حلفاء سوريا الرئيسيين، روسيا وإيران، سيكون كافيا لضمان مصالحها قبل أي إجراء أمني أو عسكري أو سياسي تقرره الحكومة السورية.
لكن التحليل الأمريكي رأى أن فتح قناة اتصال على مستوى سياسي عالٍ بين بين أنقرة ودمشق قد يؤثر سلبًا على حزب العدالة والتنمية قبل الانتخابات المقررة في يونيو/حزيران المقبل.
فمع تطبيع العلاقات مع دمشق، قد تحصل أنقرة على بعض الإنجاز الداخلي قبل انتخابات 2023، ووخاصة فيما يتعلق بإمكانية تهيئة الظروف للعودة الطوعية للاجئين السوريين، لكنها ستفقد مصداقيتها بين فصائل المعارضة التي قد تنضم لاحقا لدعم أعداء أنقرة من الأكراد.
وكان المعارضون للتقارب التركي مع دمشق قد تظاهروا في العديد من مدن شمال سوريا، ورفعوا شعارات تهاجم رموز الدولة التركية، حيث تعتبر المعارضة السورية أن أي حوار من هذا القبيل هو بمثابة التفاف على مطالبها وطعنة في الظهر.
وتوقع التحليل الأمريكي أن تخسر حكومة حزب العدالة والتنمية جزءًا كبيرًا من أصوات الناخبين الأتراك الذين يقفون إلى جانب المعارضة السورية، إذا أدى دعم حكومة حزب العدالة والتنمية للاحتجاجات السورية فيما مضى إلى زيادة شعبيتها.
ورأى التحليل الأمريكي أنه من غير المحتمل أن يساهم الاتصال التركي مع سوريا في إنهاء أو حتى تقليل حالة المنافسة الجيوسياسية التركية الإيرانية أو التركية الروسية في الشرق الأوسط، بل قد يقوض المكاسب التي حققتها أنقرة بعد عمليات "درع الفرات" و "غصن الزيتون" و "نبع السلام" في شمال سوريا ضد تنظيم داعش وقوات سوريا الديمقراطية.
وخلص التحليل إلى أنه بين الحسابات الانتخابية الضيقة والحسابات الإقليمية والدولية المعقدة، فإن القيادة التركية تحاول تحقيق التوازن.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMjIzIA== جزيرة ام اند امز