لا تزال هيئة تحرير الشام بما فيها تنظيم داعش واهمة بأن الرئيس التركي لن يسمح بمعركة إدلب وأن المدينة أصبحت بوصاية تركية.
أبرزت القمة الثلاثية في طهران أهمية التعاطي على قاعدة الشأن السيادي السوري مع الأخذ بالاعتبارات الدولية، وألا تكون هناك ضحايا من المدنيين، في المقابل بقي الرئيس التركي متحفظاً في هذا الجانب خاصة حينما يتم دعوة الإرهابيين للكف عن إطلاق النار أو القيام بتفجيرات وإعدامات وعمليات خطف وقتل، ولن يتمكن أردوغان من فرض قرارته على التنظيمات الإرهابية، فهو الذي أفسح لها المجال بالتحرك على الحدود السورية وتأمين التدريب والتمويل والمساعدات من الدول الداعمة للإرهاب.
جاء إعلان النظام التركي أن هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية متأخراً، وذلك ما يستدعي مواجهتها، إلا أن رفض هذه المنظمة الإرهابية الانسحاب أو إلقاء أسلحتها دليل واضح على أنها تستقوي بحليفها التركي الذي يخطط لبقاء الوضع في إدلب على ما هو عليه
من غير المسموح أن يظل أردوغان داعماً لهذه التنظيمات، في الوقت الذي أكدت فيه تركيا أن فصائل هيئة تحرير الشام ومن معها من عناصر تنظيم داعش إرهابيون، دون أن يتخذ موقف المواجهة الحتمية وبالحد الأدنى ينبغي رسم خطوط واضحة وإيجاد حدود الفصل للقضاء على هذه التنظيمات بعزلها ومواجهتها ومن ثم الدخول إلى المدينة والتعاطي مع المعارضة غير الإرهابية بطريقة آمنة وسلمية، لكن كل الدلائل تشير إلى أن التصريحات التركية بدت أقل جدية حيال المسلحين وأقل وثوقاً ودخولاً في معترك المواجهة، فبالتالي إما أن يكون التركي مجبراً على المجابهة أو متفرجاً ومنكفئاً ومصاباً بالخيبة والاندحار.
لا تزال هيئة تحرير الشام بما فيها تنظيم داعش واهمة بأن الرئيس التركي لن يسمح بمعركة إدلب وأن المدينة أصبحت بوصاية تركية، وهذه الأوهام من باب بث روح اليقظة والمعنويات في صفوف الجماعات الإرهابية، وهناك أكثر من ثلاثمائة إرهابي أجنبي انشقوا عن تنظيم هيئة تحرير الشام ويأملون العودة إلى بلادهم حتى لو أدى بهم الأمر إلى اعتقالهم عدا عن حالات الفرار في صفوف المسلحين عبر الحدود التركية.
تركيا أنفقت ملايين الدولارات على التنظيمات الإرهابية من خلال قطر التي أغدقت الأموال الطائلة على الإرهابيين، رغبة من أردوغان في الهيمنة على مناطق الشمال السوري بهدف تقسيم سوريا إلى ولايات طائفية وإعادة السوريين النازحين الموجودين في تركيا إلى مناطق إدلب وتوزيعهم فيها ولو أن بعضهم ليسوا من سكان إدلب وإنما هم من مختلف المحافظات السورية، ذلك يجسد طموحات وحجم نوايا أنقرة الاستعمارية في الشمال السوري وبالتالي إدخال الأزمة السورية في دوامة الصراعات الإقليمية والمنازعات الدولية.
جاء إعلان النظام التركي أن هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية متأخراً، ما يستدعي مواجهتها، إلا أن رفض هذه المنظمة الإرهابية الانسحاب أو إلقاء أسلحتها دليل واضح على أنها تستقوي بحليفها التركي الذي يخطط لبقاء الوضع في إدلب على ما هو عليه، بأن تسيطر عليه تركيا من خلال الفصائل الإرهابية المرتبطة بها، مما أدى إلى أن تظل تركيا حريصة على حشد الفصائل الإرهابية المسلحة التابعة لجماعة الإخوان لخوض المعارك ونشر الرعب، وحتى يظل أردوغان سيد الموقف وله الدور الفعال في المشهد السوري وهذا هو السبب الرئيسي لرفض جبهة النصرة الارتباط بالتشكيل الجديد "الجبهة الوطنية للتحرير" أو الانسحاب من إدلب وهي على تنسيق دائم مع الأجهزة الاستخباراتية التركية.
تركيا تمثل عائقاً أمام الحل في إدلب وقواتها منتشرة في أنحاء المحافظة وعززت من مواقعها العسكرية، وكل ما تخشاه في حال تصاعد حدة الاشتباكات من تدفق اللاجئين السوريين على أراضيها مرة ثانية وبدء الفوضى والاضطرابات السياسية والاجتماعية داخل المدن التركية، بما في ذلك انتشار العناصر الإرهابية.
الولايات المتحدة تعد لضربة أقوى من السابقة على سوريا، وهذا يعني أن الضربة قد تكون خاضعة لمسألة وقت وحسب واقع تطورات السيناريوهات المطروحة وحسب الوقائع الميدانية والتفاهمات مع الأطراف اللاعبة في الأزمة السورية، وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو يؤكد أن بلاده ترى في مكافحة الإرهابيين في شمال سوريا أمراً ضرورياً وتشاطر روسيا مخاوفها حيال وجودهم في إدلب، حيث بدا واضحاً أن الإدارة الأمريكية تدرك جلياً أن حالات معينة بدأت تتغير في السياسات الدولية، مما يوحي بحالة اقتراب الأمريكي خطوة من الروسي رغم إدراك موسكو أنها حذرة من السياسة الأمريكية البراغماتية في المنطقة وفي أماكن أخرى من العالم، وأن لا تراجع للروسي عن أية خطوة إلى الوراء في محاربته للإرهاب، حيث تعد موسكو مجموعة كبيرة من المفاجآت للرد على أية استفزازات طارئة.
كل ذلك ما يجعل المعركة في إدلب قائمة لا محالة باشتداد تفاعلات القوى الإقليمية والدولية اللاعبة في الميدان ويبدو أن الأمور تمضي باتجاه الحسم العسكري.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة