وانتصرت ديمقراطية الحق على السياسة الأردوغانية الهوجائية، وأصيب حزب العدالة والتنمية بهزيمة مذلة وساحقة بعد فوز أكرم إمام أوغلو.
وانتصرت ديمقراطية الحق على السياسة الأردوغانية الهوجائية، وأصيب حزب العدالة والتنمية بهزيمة مذلة وساحقة بعد فوز أكرم إمام أوغلو على مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم الأسبوع الماضي، في انتخابات الإعادة في مدينة إسطنبول بفارق ثمانمائة ألف صوت مقارنة بثلاثة عشر ألف صوت في مارس الماضي، وشكل الفوز تحدياً كبيراً وصفعة سياسية ستؤدي إلى انهيار الحزب الحاكم في سياسته الداخلية والخارجية.
الوضع الدبلوماسي الدولي يبدو متوتراً بوضوح ناحية تركيا، بالإضافة لوضعها الاقتصادي المؤثر في سياستها الانهزامية المفترضة في سوريا، والتي سوف تدفعها للتراجع وعدم مواجهة الجيش العربي السوري ومعاكسة الروس الذين برهنوا لأردوغان بعد وقوفهم معه أن بإمكانه الاعتماد على الروس في السياسة والدبلوماسية وفي الاقتصاد
وجاء إخفاق يلدريم بمثابة انهيار كامل لأردوغان وسياساته المتناقضة والمتلونة أمام المرشح المعارض إمام أوغلو مرشح تحالف الأمة المكون من حزبي الشعب الجمهوري والخير، الذي اعتبر نفسه ضحية بعد حرمانه من الفوز في المرة الأولى فاكتسب شهرة بعد أن كان مغموراً، ولم يتول من قبل سوى منصب بلدية بيليك دوزو. واعتبرت أحزاب المعارضة التركية أن حزب العدالة والتنمية تلقى ضربة موجعة وانقضى دوره وبدأ عهد المعارضة يظهر على الساحة التركية بما في ذلك حزب "الخير" التركي المعارض الذي واجه أردوغان في الانتخابات الرئاسية.
المعارِضة ميرال أكشنار وزيرة الداخلية السابقة، كانت تستعد لإحداث نقلة ديمقراطية سياسية منذ أن خسرت معركة إسقاط دولت بهتشلي والاستيلاء على كرسيه، حينها فصلت من حزب الحركة القومية في 8 أيلول 2016 وأسست فيما بعد حزب -الخير الجديد- الذي رفع شعار "تركيا ستكون جيدة" يجمع تحت مظلته مفصولين من حزب الحركة القومية وحزب الشعب الجمهوري والأحزاب اليسارية الأخرى، بالإضافة إلى موالين لجماعة فتح الله غولن وبعض معارضي سياسة أردوغان، وقالت: "نحن هنا الآن.. لقد انقضى عهد حزب العدالة وبدأ عهدنا ولن يكون أي شيء كما كان من قبل، وأن نتائج الانتخابات هي تحذير شديد اللهجة من الشعب التركي لحزب العدالة والتنمية الحاكم"، واعتبر السياسي الألماني في حزب الخضر المعارض جيم أوزدمير ذي الأصول التركية أن عصر أردوغان انتهى والمخاطر التي تهدد تركيا لا تزال كبيرة وأردوغان لديه قوة لجذب البلد نحو الهاوية.
ولا يستبعد عضو مجلس الشعب السوري عمر أوسي حصول انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة وسينحسر دور أردوغان ويغيب عن الساحة السياسية في المرحلة المقبلة، وأن حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل فيه الأكراد الأغلبية العظمى كان له الأثر الكبير في فوز ممثل حزب الشعب الجمهوري وحينها تصعد المعارضة التي باتت تسيطر على كبرى المدن التركية.
والحالة السياسية اليوم في تركيا ستلقي بآثارها الإيجابية على الملف السوري الذي انخرط فيها أردوغان بصورة مباشرة سواء عن طريق دعم الإرهابيين أم من خلال ما يمثله من مرجعية لتنظيم الإخوان المسلمين، لا سيما أن حزب الشعب الجمهوري يخالف موقف أردوغان السياسي تجاه دول المنطقة وضده، وبالأخص دعمه لكل التنظيمات الإرهابية.
ولا ريب أن الدور الذي قام به رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو والرئيس السابق عبدالله غول اللذان انتقدا قرار إعادة انتخابات بلدية إسطنبول وتراودهما فكرة تأسيس حزب جديد وهزيمة حزب الرئيس التركي، خصوصاً عند الأخذ بعين الاعتبار قدرته على تحريك مصادر الدولة وسيطرته على العديد من المؤسسات من وسائل الإعلام إلى المحاكم ولجان الانتخابات، ومحاولته اليائسة للتقليل من أهمية انتخابات البلدية قائلاً إنها ليست سوى تغيير في واجهة المحل طالما أن حزب العدالة يسيطر على ثلثي المناطق التابعة للمدينة. وأعلن أنه يعتزم زيارة الصين وأوروبا بعد قمة مجموعة العشرين المقررة في اليابان، وبذلك يعزي نفسه بتحويل بوصلة التركيز إلى رحلة حاسمة سيقوم بها إلى آسيا قريبا.
الوضع الدبلوماسي الدولي يبدو متوتراً بوضوح لناحية تركيا، بالإضافة لوضعها الاقتصادي المؤثر في سياستها الانهزامية المفترضة في سوريا، والتي سوف تدفعها للتراجع وعدم مواجهة الجيش العربي السوري ومعاكسة الروس الذين برهنوا لأردوغان بعد وقوفهم معه أن بإمكانه الاعتماد على الروس في السياسة والدبلوماسية وفي الاقتصاد، لكن ليس محبة به طبعاً كون ألاعيبه في التآمر أصبحت مكشوفة وإخفاقاته حتمية وهزيمته السياسية والشعبية ماثلة للعيان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة