تركيا.. "ملاذ مشكوك فيه" للمعارضين في إيران
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن ملاذات وصفتها بأنها "مشكوك فيها" وفرتها تركيا للإيرانيين الهاربين من الاضطهاد في بلادهم.
وذكرت الصحيفة، خلال تقاريرها، أن عمليات الاختطاف والقتل أخافت المعارضين الباحثين عن المأوى في تركيا، ما دفعهم للبحث عن أماكن أبعد، إلا أن ذلك لم يخفِ خوفهم من غدر أنقرة وتسليمهم إلى طهران.
ومنذ عقود، كانت تركيا أول ملجأ وملاذ للعديد من الإيرانيين الذين يعبرون الحدود بطريقة غير قانونية أو يستغلون سياسة "اللاتأشيرة" الخاصة بالزوار.
ووصل الآلاف بصفتهم لاجئين منذ الحملة القمعية ضد الاحتجاجات الديمقراطية عام 2009، حيث سجلت مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة نحو 40 ألف إيراني يسعون للحصول على حماية دولية في تركيا بحلول عام 2017.
ومنذ هذا الوقت، تولت الحكومة التركية مهمة تسجيل المهاجرين الدوليين، وأفادت بأن 1425 إيرانيًا سعوا للحصول على الحماية العام الماضي.
لكن خلال الأشهر الأخيرة، يبدو أن بعض المعارضين الإيرانيين تعرضوا للاستهداف من قبل حكومة طهران؛ إذ تعرض المعارض البارز حبيب شعب للاختطاف والإعادة القسرية إلى إيران من تركيا، بحسب ما قاله مسؤول تركي كبير الأسبوع الماضي.
وتوصل المحققون إلى أن عملاء الاستخبارات الإيرانية استدرجوه من منزله في السويد إلى تركيا، ثم خدروه وهربوه عبر الحدود من جانب إحدى جماعات تهريب المخدرات، بحسب المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم كشف هويته.
ولم تكن هذه حالة فردية، إن تعرض الناشط أرسلان رضائي إلى الطعن حتى الموت في إسطنبول في ديسمبر/كانون الأول. وبالرغم من أنه لم يتضح بعد من يقف وراء عملية القتل، قال ناشط كان يعرفه إنه كان يتلقى تهديدات من عملاء تابعين للحكومة الإيرانية.
ويقلق النشطاء بشكل خاص حول ما قد يحدث مع المعارضين الذين تتم إعادتهم إلى إيران، فقد استدرج المعارض الشهير روح الله زام، الذي أدار قناة معارضة عبر الشبكات الاجتماعية من منفاه في فرنسا، إلى العراق، وجرى اختطافه هناك وإعادته إلى طهران، ثم أعدم الشهر الماضي.
وذكرت "نيويورك تايمز" أن تركيا، التي سعت تحت إدارة الرئيس رجب طيب أردوغان، للحفاظ على علاقات جيدة مع طهران، لديها اتفاقية لتسليم المجرمين مع طهران، ورحلت بشكل عام الإيرانيين الذين عبروا الحدود بطريقة غير قانونية أو ليس لديهم تصريحات للإقامة.
ومع ذلك، قال المحامي التركي ليفنت بيسكين، الذي يمثل العديد من الإيرانيين، إن هناك مؤشرات على أن تركيا تتصرف بمزيد من الحذر منذ اختطاف السيد شعب، ومنذ صعدت الجماعات النسوية حملاتها عبر الشبكات الاجتماعية لدعم النشطاء الإيرانيين.
وأضاف: "أنهم يحاولون أن يكونوا أكثر لطفًا، وأكثر اهتماما. إنه ليس تحول في السياسة، لكن يتعين عليهم أن يكونوا أكثر حذرًا."
ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن مصير الصحفي الإيراني الذي اعتقل شرقي تركيا في 18 يناير/كانون الثاني بعد عبوره بطريقة غير قانونية الحدود من إيران لتجنب السجن يعتبر أحد الأمثلة على ذلك.
ودعت لجنة حماية الصحفيين، ومقرها نيويورك، تركيا لعدم ترحيل الصحفي محمد مساعد، الذي حصل في نوفمبر/تشرين الثاني على جائزة المنظمة لحرية الصحافة، لكنه هرب من بلاده بعد تلقيه أوامر بالذهاب إلى السجن.
وأكد مسؤول تركي بارز أن السيد مساعد تم احتجازه ونقل إلى المستشفى بسبب سوء حالته الصحية، مشيرًا إلى أن مساعد عرف نفسه بأنه صحفي وطلب حماية دولية، مستبعدًا ترحيله.
وبالرغم من التطمينات التركية، عبر النشطاء الإيرانيون والمعارضون في البلاد عن قلقهم بشأن مستقبلهم.
وتختبئ سمية راموز (38 عاما)، ناشطة يمثلها أيضًا المحامي بيسكين، في تركيا بعدما تسلمت تهديدات من عملاء الاستخبارات الإيرانية.
راموز كانت تعمل مصففة شعر في بلدة عبادان الجنوبية، وكانت جزءا من مجموعة تدعم عودة الملكية الدستورية في إيران والتي نظمت احتجاجات عام 2017، ثم هربت إلى تركيا منذ ثلاثة أشهر.
وأكد محاميها أنها سجنت في إيران العام الماضي لمدة ثلاثة أشهر، وتعرضت لضرب مبرح أثناء الاستجواب لدرجة أنها أصيبت في كبدها.
وقالت إن أحد الحرس تعدى عليها جنسيًا، مضيفة: "ليلًا ونهارًا تراودني كوابيس عن هذا. أستيقظ وأنا أصرخ وحدي".
وبحسب وثائق قضائية، أطلق سراحها بكفالة في 31 يوليو/تموز. وقالت إنها تعيش في بلدة صغيرة تطل على الساحل الشمالي لتركيا، وتلقت تهديدات عبر الإنترنت وبشكل شخصي، حتى إنها سمعت أناسا يتحدثون الفارسية خارج باب شقتها، وفي إحدى الليالي، حاول أحد الأشخاص اقتحام منزلها.