السر وراء تمسك أردوغان بإعادة انتخابات إسطنبول
رغم فوز مرشح الشعب الجمهوري برئاسة بلدية إسطنبول فإن حزب العدالة والتنمية أبى الاعتراف بالهزيمة وهرول وراء الطعون وحقق ما أراد.
أرجع الكاتب التركي أحمد غورصوي، سر تمسك حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، بإعادة الانتخابات في إسطنبول، إلى أن المدينة بوابة مهمة للغاية للشرق الأوسط على أوروبا، وأحد مراكز التمويل البارزة في العالم أجمع.
- آسلي أردوغان: الديمقراطية انتهت بتركيا.. والنظام "فاشي"
- صحف أوروبية: أردوغان "ينقلب" على الديمقراطية ويشعل النار في تركيا
وتحت عنوان "لماذا يتمسك العدالة والتنمية بإسطنبول؟"، أكد غورصوي لصحيفة "يني جاغ" التركية المعارضة، أنه رغم فوز مرشح الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول، إلا أن الحزب الحاكم أبى الاعتراف بالهزيمة، وهرول وراء الطعون حتى تحقق له ما أراد، ونزلت اللجنة العليا للانتخابات عند رغبته، وقررت إلغاء النتائج السابق وإعادة الانتخابات على رئاسة البلدية ثانية.
وعن السبب الثالث الذي دفع حزب العدالة والتنمية التركي للاستماتة على الاحتفاظ بمدينة إسطنبول، أوضح غورصوي أن المدينة تعد مركزًا حيويًا في حركة الأموال وكذلك الطاقة الدولية، لافتاً الانتباه إلى المقولة الشهيرة التي قالها وزير الداخلية التركي الأسبق: "من لا يدير إسطنبول لا قبل له بأن يدير تركيا".
وأضاف: "ضعوا هذه النقاط بجوار بعضها البعض ليتضح لكم مدى الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها مدينة بحجم إسطنبول، وفكروا بمنطق العدالة والتنمية الذي يرى أنه بخسارته لها قد خسر كل شيء".
وبيّن أن "العدالة والتنمية بمجرد خسارته المدينة تأكد لديه يقينًا أن نظامه قد انتهى، فالضربة كانت موجعة بالنسبة له؛ إذ وجد فجأة مصادر التمويل تخرج من بين يديه؛ لذلك حشد كافة إمكانياته لخوض حرب الطعون حتى تحقق له ما أراد على أمل الفوز في جولة الإعادة".
وانتقد الكاتب التركي السياسات التي يتبعها حزب العدالة والتنمية، الساعي لتأسيس دولة إسلامية معتدلة، مشيرًا إلى أنه لا يتورع عن إقامة تحالفات مع أية جهات في سبيل تحقيق ما يريد "إذ سبق له التحالف مع جماعة الخدمة، ومع حزب العمال الكردستاني، ومؤخرًا حزب الحركة القومية".
ولفتت إلى أن "السياسات المتخبطة للحزب أثبتت فشله في التعاطي مع الأزمات التي تواجهها البلاد؛ لا سيما الملف الاقتصادي، وملف الحريات والديمقراطيات التي ضربت في مقتل بعد إلغاء النظام البرلماني وتحويل البلاد لنظام الرجل الواحد الذي يمسك بزمام السلطات جميعًا".
وشدد غورصوي على أن النظام القضائي في وضع يرثى له، مضيفًا: "لذلك دخلت البلاد في أزمة عميقة لا يمكن أن تخرج منها ولو بعد حين".
ومنذ إجراء الانتخابات المحلية في تركيا يوم 31 مارس/آذار الماضي، وجميع المراقبين يؤكدون أن إصرار نظام الرئيس رجب طيب أردوغان على استعادة إسطنبول يكمن في كون هذه المدينة تمثل مصدر ورمز قوته ومكانته وثروته الشخصية وعائلته والمقربين منه.
ففي 2018، بلغت ميزانية بلدية إسطنبول 42.6 مليار ليرة تركية (نحو 7.3 مليار دولار)، والرقم أكبر من ميزانية معظم الوزارات التركية.
كما أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يذهب إلى الشركات الخاصة التي تستعين بها البلدية لتوفير الخدمات أو مشاريع البنية التحتية، ما يعني أن حاكم إسطنبول يسيطر على شبكة ضخمة من العلاقات، وهي التي يستثمرها حزب العدالة والتنمية في التغلغل والفساد المالي وغيرهما.
وكانت تقارير اقتصادية كشفت مؤخراً أن الحزب الحاكم في تركيا حوّل في الفترة ما بين 2006 و2018 نحو 6 مليارات ليرة، من أموال البلديات لأوقاف مقربة منه، وعلى رأسها وقف "الخدمات التعليمية الشبابية" و"أنصار" و"رماة الأسهم" و"شباب تركيا".
التقارير أشارت إلى أن ميزانية الأوقاف خلال 2006 كانت 16 مليونا و530 ألف ليرة، لكنها وصلت إلى 848 مليونا و385 ألف ليرة في نهاية 2018، ما يمثل زيادة الـ50 ضعفا.
ومنذ خسارة الحزب الحاكم المدن الكبرى في انتخابات البلديات كشف العديد من رؤساء البلديات الجدد حجم البذخ وإهدار الأموال، بجانب وقائع الفساد التي تورط فيها أعضاء في الحزب الحاكم.
وارتفعت حدة الانقسام المجتمعي والتشظي السياسي في تركيا على خلفية قرار اللجنة العليا للانتخابات في 6 مايو/أيار الجاري بإعادة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، وإبطال فوز أكرم إمام أوغلو.