3 أشهر في قبضة المخابرات التركية.. الاعتراف أو الموت
محنة المدرس بدأت عندما جرى احتجازه في كازاخستان بسبب مخالفات تتعلق بالهجرة ليتم ترحيله إلى تركيا في رحلة عذاب
كشفت وثائق قضائية حصل عليها موقع "نورديك مونيتور" السويدي عن اختطاف جهاز الاستخبارات التركي لأحد منتقدي الرئيس رجب طيب أردوغان من كازاخستان.
كما جرى نقله على متن رحلة طيران سرية تعرض خلالها للتعذيب قبل نقله لأحد المواقع السرية قرب المطار في أنقرة.
وفي شهادته أمام المحكمة الجنائية العليا الخامسة بمدينة كوجالي في 3 أبريل/نيسان لعام 2018، قال ظابط كيشي (48 عامًا)، معلم بمدرسة ابتدائي، للقضاة إنه تعرض للضرب على متن الطائرة خلال الرحلة التي استمرت ثلاث ساعات من مدينة ألماتي في كازاخستان إلى أنقرة.
وبدأ العملاء ضربه على رأسه وأماكن متفرقة من جسمه، بينما كان معصب العينين ومصفد اليدين، ورغم فقدانه للوعي، تواصل تعرضه للضرب بعدما تفقده أحد عناصر جهاز الاستخبارات للتأكد من أن قلبه لازال ينبض.
- "أرواح مكسورة" في تركيا.. برنامج أمريكي يوثق القهر
- انتهاكات أردوغان قطار لا يتوقف.. اعتقالات وفض مسيرات
وعندما حطت الطائرة، نقل إلى أحد المواقع السرية الخاصة بوكالة الاستخبارات قرب مطار إيسنبوغا بأنقرة، ووضع داخل حاوية صغيرة لمدة 108 أيام تعرض خلالها للتعذيب، والاعتداء الجنسي، وغيرها من أنواع سوء المعاملة.
بداية المأساة
بدأت محنة كيشي عندما جرى احتجازه في كازاخستان بسبب مخالفات تتعلق بالهجرة بعدما انتقل من بيشكيك في قيرغيزستان إلى ألماتي، حيث أمرته المحكمة الكازاخية بالعودة إلى قيرغيزستان، التي كانت تبقى فيها عائلته ولديه إقامة بها.
وفي 30 سبتمبر/أيلول عام 2017، ذهب إلى المطار برفقة محاميه من أجل إجراءات الترحيل، وبدأ انتظار رحلته إلى بيشكيك، لكن خلال التفتيش الأمني، قيل لمحاميه إنه لن يتمكن من مرافقته.
واحتجز كيشي بالمطار ووضع بإحدى الغرف، وخلال ذلك، سمع مسؤولين بالمطار يتحدثون عن طائرة قادمة من تركيا لنقله.
وبعد وصولها، نقله فريق من جهاز الاستخبارات التركي قسرًا من المطار ووضعه على متن طائرة وصفها بالمموهة، مما يرجح أنها كانت على الأرجح واحدة من الطائرات التي تشغلها القوات الجوية التركية، التي على ما يبدو أنها أعارتها للوكالة من أجل عملية الاختطاف.
وبعد الوصول إلى أنقرة، نقلته شاحنة إلى أحد مواقع التعذيب، ليلقى به داخل ما وصفه بحاوية شحن تعرض بها لتعذيب وسوء المعاملة لأكثر من ثلاثة أشهر.
وعن الحاوية، التي تصل مساحتها لـ3 أمتار مربعة بلا نافذة، قال كيشي: "كانت كالمقبرة بالنسبة لي، كان مهربي الوحيد من هناك هو موتي. لم أتخيل أبدًا أن يكون الموت أمرًا سارًا هكذا".
وطوال فترة الاحتجاز، أخبره معذبوه بأن يقبل اعترافات ملفقة أعدوها، وحذروه من أن التعذيب سيتواصل حتى يموت ما لم يفعل ما أخبروه به.
وأشار "نورديك مونيتور" إلى أن كيشي كان قد انتقل مع عائلته إلى كازاخستان على أمل إيجاد وظيفة بعدما خسر عمله في تركيا ديسمبر/كانون الأول عام 2015.
وكانت السلطت التركية قد شنت حملة على المدارس التي تديرها حركة غولن المعارضة لأردوغان، مما اضطر كيشي للبحث عن عمل بالخارج.
لكن أثناء غيابه، أصدرت السلطات مذكرة اعتقال بحقه بعد الانقلاب المزعوم 15 يوليو/تموز عام 2016، استنادًا لمزاعم أنه كان على صلة بأدميرالات الانقلاب في قيادة كولجوك البحرية.
وأصبح واضحًا بالمحكمة أن تلك المزاعم كانت بلا سند، وأنه لم يكن على صلة بأي أدميرال، ولم يكونوا هم يعرفوه.