معارضان تركيان: ملايين الدولارات المنهوبة وراء إعادة انتخابات إسطنبول
بلدية إسطنبول قدمت تحت إدارة حزب العدالة والتنمية مساعدات بقيمة 847 مليون ليرة للأوقاف التابعة للحزب الحاكم خلال عام 2018 فقط
وصف النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض غورسَل تكين قرار إعادة الانتخابات على منصب رئيس بلدية مدينة إسطنبول بـ"الضربة القوية للاقتراع الحر النزيه".
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها تكين لصحيفة "الجارديان" البريطانية، الأربعاء، ونقلتها العديد من وسائل الإعلام المحلية التركية.
وقال تكين، في تصريحاته، إن "السبب الأساسي لإلغاء نتائج انتخابات إسطنبول هو رغبة الحزب الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان في الحفاظ على ملايين الدولارات التي يحصل عليها من أموال الأوقاف بالبلدية، والتي تشكل جزءا أساسيا من الوجود السياسي للحزب".
وأوضح أن "القرار يكشف عن ديكتاتورية نظام أردوغان وحزبه الحاكم في إدارة البلاد".
- صحف أوروبية: أردوغان "ينقلب" على الديمقراطية ويشعل النار في تركيا
- الإصلاح الاقتصادي في تركيا أصعب بعد إعادة انتخابات إسطنبول
وتابع: "اختاروا انتهاك القانون لأنهم لم يستطيعوا قبول الوضع القانوني، هذا القرار الظالم بمثابة ضربة قوية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، لذلك فإن كفاحنا في إسطنبول مستمر لاستعادة الديمقراطية في هذا البلد".
وفي تصريحات مماثلة للصحيفة نفسها، قال النائب السابق عن الشعب الجمهوري باريش يارقاداش إن "رغبة العدالة والتنمية في التستر على فضيحة الاستيلاء على ملايين الدولارات التي قدمتها البلدية كمساعدات للأوقاف المقربة من الحزب الحاكم السبب الحقيقي لإعادة الانتخابات".
ولفت في السياق ذاته، إلى "رغبة الحزب الحاكم في مواصلة السيطرة على العاصمة الاقتصادية لتركيا"، مضيفا "إسطنبول كانت المصدر الرئيسي لدخل الحزب الحاكم وتمويل أنشطته على مدار 25 عاما".
وتابع "بلدية إسطنبول قدمت تحت إدارة حزب العدالة والتنمية مساعدات بقيمة 847 مليون ليرة تركية للأوقاف التابعة للحزب الحاكم خلال عام 2018 فقط، حسب تقارير تبرعات البلدية".
ومنذ إجراء الانتخابات المحلية في تركيا يوم 31 مارس/آذار الماضي، وجميع المراقبين يؤكدون أن إصرار نظام الرئيس أردوغان على استعادة إسطنبول يكمن في كون هذه المدينة تمثل مصدر ورمز قوته ومكانته وثروته الشخصية وعائلته والمقربين منه.
ففي 2018، بلغت ميزانية بلدية إسطنبول 42.6 مليار ليرة تركية (نحو 7.3 مليار دولار)، والرقم أكبر من ميزانية معظم الوزارات التركية.
كما أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يذهب إلى الشركات الخاصة التي تستعين بها البلدية لتوفير الخدمات أو مشاريع البنية التحتية، ما يعني أن حاكم إسطنبول يسيطر على شبكة ضخمة من العلاقات، وهي التي يستثمرها حزب العدالة والتنمية في التغلغل والفساد المالي وغيرهما.
وكانت تقارير اقتصادية كشفت مؤخراً أن الحزب الحاكم في تركيا حوّل في الفترة ما بين 2006 و2018 نحو 6 مليارات ليرة، من أموال البلديات لأوقاف مقربة منه، وعلى رأسها وقف "الخدمات التعليمية الشبابية" و"أنصار" و"رماة الأسهم" و"شباب تركيا".
التقارير أشارت إلى أن ميزانية الأوقاف خلال 2006 كانت 16 مليونا و530 ألف ليرة، لكنها وصلت إلى 848 مليونا و385 ألف ليرة في نهاية 2018، ما يمثل زيادة الـ50 ضعفا.
ومنذ خسارة الحزب الحاكم المدن الكبرى في انتخابات البلديات كشف العديد من رؤساء البلديات الجدد حجم البذخ وإهدار الأموال، بجانب وقائع الفساد التي تورط فيها أعضاء في الحزب الحاكم.
وارتفعت حدة الانقسام المجتمعي والتشظي السياسي في تركيا على خلفية قرار اللجنة العليا للانتخابات في 6 مايو/أيار الجاري بإعادة الانتخابات المحلية في مدينة إسطنبول، وإبطال فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو.
واتخذت اللجنة قرارها مستندة إلى دعاوى وهمية سوّق لها حزب العدالة والتنمية، من بينها كشف السلطات عن وجود علاقة بين منظمة إرهابية "حركة خدمة" ومسؤولين في مكاتب الاقتراع خلال الانتخابات، كما أن النيابة العامة توصلت إلى أن 43 مسؤولاً في لجان الانتخاب كانوا يقيمون اتصالات مع شبكة الداعية فتح الله غولن المتهم بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة في صيف 2016.
وسعى حزب العدالة والتنمية طوال الأسابيع التي خلت إلى التشكيك بنتائج الانتخابات في أنقرة وإسطنبول، سواء عبر إطلاق إجراءات جنائية، متهماً حركة غولن بالوقوف وراء التزوير، أو الزعم بوجود تناقض بين محاضر نتائج الاقتراع وجداول عدِّ الأصوات وفرزها، إضافة إلى توجيه اتهامات بليل أو من وراء ستار للمعارضة بالتلاعب في النتائج، حتى أن الرئيس التركي اعتبر أن ثمة "جريمة منظمة" عكرت صفو انتخابات إسطنبول.
وكان حزب الشعب الجمهوري في تعليقه من قبل على قرار اللجنة ومبرراته ذكر أن "الحزب الحاكم أراد بهذا القرار التستر على فساده المالي في إسطنبول".
القرار تسبب في موجة عارمة من الانتقادات والتنديدات من كافة أطياف المجتمع، ومن المؤيدين للنظام الحاكم قبل المعارضين، الذين أكدوا جميعا أن هذا القرار جاء نتيجة ممارسات وضغوط من قبل نظام أردوغان على اللجنة العليا، استمرت لأكثر من 36 يوما على اللجنة المذكورة.
ومن أبرز المعارضين للقرار الرئيس التركي السابق عبدالله جول، ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، إذ إن كليهما أعربا في بيانين منفصلين عن استنكارهما القرار، وسلطا الضوء على تداعياته السلبية على الحياة السياسية والاقتصادية بتركيا.