أردوغان.. ضغوط وابتزاز لإدخال إسطنبول "بيت الطاعة"
قرار صادم ومحاولات وألاعيب وضغوط لم تهدأ وتيرتها على مدار نحو 36 يوما، وتحديدا منذ إعلان خسارة مرشح حزب أردوغان أهم المدن.
بعد أكثر من شهر من الضغوط والابتزاز، تمكن الرئيس التركي رجب أردوغان من سحق صناديق الاقتراع وتجاهل إرادة الشعب عبر إلغاء الانتخابات المحلية في إسطنبول.
قرار صادم ومحاولات وألاعيب وضغوط لم تهدأ وتيرتها على مدار نحو 36 يوماً وتحديداً منذ إعلان خسارة مرشح حزب أردوغان أهم المدن وعلى رأسها إسطنبول.
ولئن حاول الحزب الحاكم استساغة هزيمته المذلة بالعاصمة الإدارية أنقرة وإزمير وغيرهما من المدن المهمة، إلا أن خسارته إسطنبول بدت القشة التي قصمت ظهر البعير، وجعلت مسؤولي الحزب يوزعون الاتهامات يمنة ويسرة.
ورغم الطعون والضغوط، إلا أنه جرى تنصيب أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، في 17 أبريل/نيسان الماضي، رئيساً لبلدية إسطنبول، قبل أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات إلغاء النتائج وإعادة الاقتراع في 23 يونيو/حزيران المقبل.
طعون وابتزاز
عقب فشل الطعون التي قدمها حزب "العدالة والتنمية" في استرجاع إسطنبول من المعارضة، مر أردوغان مباشرة إلى التهديد، وقال، السبت، إنه يتعين على لجنة الانتخابات "تبرئة نفسها"، في تصريحات اعتبرها مراقبون محاولة مفضوحة لابتزاز اللجنة.
فرسالة الرئيس التركي للجنة بدت واضحة، فإما إعادة الانتخابات، أو اعتبارها "متهمة" بالانتماء لحركة "غولن"، ما يعني الزج بجميع أعضائها في السجن.
تهديد يبدو أنه أتى أكله سريعاً، وأجهض محاولات اللجنة في التمسك بحيادها واستقلاليتها، بل إن مصادر مطلعة تقول إن التهديدات أرسلت بشكل مباشر لأعضاء اللجنة، وإن رفض الأربعة قرار إعادة الانتخابات يدخل ضمن مسرحية أعدها أردوغان مسبقاً.
إسطنبول.. دجاجة تبيض ذهبا
كثر من يستغربون تمسك أردوغان بإسطنبول مع أنه من المفروض أن يكون أكثر قلقاً على خسارته أنقرة.
لكن إصرار الرجل الغريب على استعادة إسطنبول يكمن في كون هذه المدينة تمثل مصدر ورمز قوته ومكانته وثروته الشخصية وعائلته والمقربين منه.
ففي 2018، بلغت ميزانية بلدية إسطنبول 42.6 مليار ليرة تركية (أي ما يعادل نحو 7.3 مليار دولار)، والرقم أكبر من ميزانية معظم الوزارات التركية.
كما أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يذهب إلى الشركات الخاصة التي تستعين بها البلدية لتوفير الخدمات أو مشاريع البنية التحتية، ما يعني أن حاكم إسطنبول يسيطر على شبكة ضخمة من العلاقات، وهي التي يستثمرها حزب العدالة والتنمية في التغلغل والفساد المالي وغيرهما.
وتعتبر عائلة بيرات آلبيراق، صهر أردوغان، والذي جرت ترقيته إلى منصب وزير المالية والخزانة في 2018، من أكثر المتضررين من خسارة إسطنبول.
واستفادت أسرة آلبيراق من قربها من الأحزاب الإسلامية التي ترأست بلدية إسطنبول منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، كما أن أردوغان استعان حين كان عمدة المدينة بشركة آلبيراق القابضة لتنفيذ مشاريع بناء كبرى.
رئيس بالوكالة على إسطنبول
وزير داخلية أردوغان، سليمان صويلو، سرعان ما تحرك عقب قرار اللجنة، لإكمال مخطط الإطاحة بإمام أوغلو، وأعلن، الثلاثاء، تعيين علي يرلى قايا، رئيساً بالوكالة لإسطنبول.
واللافت أن عصابة العدالة والتنمية قامت بالتزامن مع ذلك بحذف جميع منشورات أكرم أوغلو من الموقع الإلكتروني الرسمي للبلدية، ومن صفحات الأخيرة بوسائل التواصل الاجتماعي، وذلك مباشرة عقب سحب محضر التنصيب منه.
باريش ياركداش، نائب حزب الشعب الجمهوري، قال في تغريدة عبر "تويتر"، إنه "جرى حذف جميع منشورات إمام أوغلو من الموقع الإلكتروني الرسمي لبلدية إسطنبول الكبرى، وموقع التواصل الاجتماعي تويتر" .
وأضاف أن "ضربات اللجنة العليا للانتخابات مستمرة وبأقصى سرعة، هل أنتم خائفون جداً، وتكرهون اختيار الشعب، ستتعلمون احترام اختيار الشعب".
انقلاب إسطنبول.. العالم يهدد
نعى العالم الديمقراطية في تركيا عقب قرار إعادة انتخابات إسطنبول، وأعرب العديد من المسؤولين عن استيائهم بسبب السياسات القمعية التي تنتهجها أنقرة، وترسيخ نظام قمعي لا يحترم إرادة الناخبين.
وبلغت موجة الاستنكار والاستياء حد المطالبة بوقف مفاوضات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي، لعدم توافق ممارسات أردوغان مع معايير الحلف الأوروبي.
المستشار النمساوي سباستيان كورتس جدد مطالبته بإنهاء مفاوضات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي بعد فضيحة إسطنبول.
وقال كورتس، في تصريحات إعلامية: "ليس لدى من لا يقبل الانتخابات الديمقراطية شيء يبحث عنه في الاتحاد الأوروبي".
واعتبر كورتس أن أنقرة ابتعدت منذ سنوات بخطوات متزايدة عن الاتحاد الأوروبي، خصوصاً منذ مسرحية انقلاب يوليو/تموز 2016، مضيفاً: "لا تزال هناك قيود منهجية شديدة على حرية الرأي والتعبير في تركيا".