صعد أردوغان أول الأمر إلى سفينة الزعيم التركي أرباكان، ثم عندما وصل إلى زعامة الحزب انقلب عليه وأسس حزبه الخاص
خلال الأسابيع الماضية تردد اسم «مجموعة البجع» بكثرة في وسائل الإعلام التركية، بعدما كان مجرد ذكرها سرا يقود إلى غياهب السجون، تركيا التي قدمت نفسها كواحة للديمقراطية -كذبا وزوراً- لإقناع الأوروبيين بقبول عضويتها في الاتحاد الأوروبي انكشفت تماماً، فالمعارض أو صاحب الرأي المخالف «للسلطان» لن يكون مصيره بأحسن من مصير العراقيين والسوريين واليوغوسلاف مع تلك الأنظمة البائدة.
لم تعد مجموعة البجع سرية، ولم تعد أفعالها الإجرامية خافية على العالم، وعلى المجتمع الدولي ملاحقتها وعلى الأمريكان بالذات الذين يقدمون ملاحظات على بعض الدول، الالتفات لهذا التنظيم السري وملاحقته قانونياً
لنتعرف أقرب على مجموعة البجع المتنفذة وصاحبة القبضة الحديدية داخل القصر، والتي أصبح انتقادها جزءاً من غضب الأتراك والنخب على «الديكتاتور» أردوغان، الذي خرج من دائرة الغرور والغطرسة ليتحول إلى دائرة الإعجاب بالنفس ووهم الزعامة الخالدة.
الغريب أن من يقود الانقلاب على أردوغان هم رفاقه في الحزب والجماعة، وهو الذي صعد على أكتافهم ذات يوم، وتحول من صبي يبيع اللبن في شوارع إسطنبول عند شركة أولكر التركية إلى رئيس للجمهورية ليس كفاءة منه وإنما تمكين من رفقائه والتنظيم الدولي، مسيرة سياسية طويلة خاضها هذا «الجرجاني» ذو الأصول غير التركية، لكي يصل الى إدارة بلدية إسطنبول ثم رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية.
صعد أردوغان أول الأمر إلى سفينة الزعيم التركي أرباكان، ثم عندما وصل إلى زعامة الحزب انقلب عليه وأسس حزبه الخاص، ثم صعد إلى سفينة الزعيم الروحي «فتح الله غولن»، وعندما وصل إلى رئاسة الوزراء انقلب عليه وبدأ في محاربته، مروراً بانقلابه على الجيش الذي وثق فيه وأدخل جنرالاته إلى السجون، وأخيراً وليس آخر انقلابه على رفاق دربه عبدالله غول وأحمد داوود أغلو.
تنظيم «البجع الحديدي» كما يوصف اليوم في تركيا يتكون من مجموعة ضيقة من الأقرباء والموالين لأردوغان، ويتحكمون في الحكومة والإعلام وأجهزة المخابرات والداخلية التركية، ولديهم سلطة مالية واسعة وصلاحية القبض على الخصوم أو المشكوك في ولائهم ورميهم في السجون بلا محاكمات.
كما أن من أهم أنشطتها تشويه الخصوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وشن حروب وهمية ضدهم واغتيالهم معنوياً.
علينا أن نتذكر أن الحملة على السعودية بدأت منذ أكثر من 10 سنوات، وتحمل في طياتها أهدافاً عديدة، أهمها محاولة إسقاط الدولة السعودية عبر مجموعة من الأفعال التي تدخل في نطاق الحرب «القذرة».
أولاً: احتلال معنوي لوجدان ومشاعر وقلوب المسلمين عبر العالم، من خلال تشويه المواقف السعودية وتزوير مقصود، وتدوير الأخبار وتوظيفها ضد القيادة والدولة السعودية بكاملها.
ثانياً: محاولة الفصل بين السعوديين وقيادتهم، عبر استقطابهم للاستثمار في تركيا وزيارتها وتفضيلها والوقوع في ثنائية المقارنة التي روج لها بكثافة عملاء الإخوان، والدفع بتركيا لتكون الخيار الأول في السياحة والاستجمام والتجارة.
ثالثاً: السعي لتشويه السعودية في المحافل الدولية واستغلال عداء قوى اليسار في العالم للدول الملكية، ودعم مواقف أعداء الرياض في طهران والدوحة وصعدة.
رابعاً: محاولة تقديم تركيا كبديل للمملكة في المواقف العربية والإسلامية من القدس إلى ميانمار، ويتعمد إخفاء المبادرات والمواقف السعودية على مدى 100 عام، موقف تركي لا يتكامل بل يضاد الأعمال السعودية، كل تلك الخطوات قادتها مجموعة البجع بإشراف مباشر من أردوغان.
خامساً: في الشارع العربي والإسلامي تتعمد مجموعة البجع الهجوم على السعودية وقيادتها وتشويهها «كذبا وزورا»، خصوصاً الأمير محمد بن سلمان، عبر حملات كثيفة استخدمت المجموعة فيها منصات إعلام تتبع التنظيم الدولي للإخوان والقطريين حول العالم لصناعة الوهم حول المملكة وقيادتها.
لم تعد مجموعة البجع سرية، ولم تعد أفعالها الإجرامية خافية على العالم، وعلى المجتمع الدولي ملاحقتها وعلى الأمريكان بالذات الذين يقدمون ملاحظات على بعض الدول، الالتفات لهذا التنظيم السري وملاحقته قانونياً، وحرمان أفراده من الحركة بحرية، خصوصاً أنهم تحولوا إلى مافيا تعمل لخدمة استراتيجية أردوغان وحلمه التوسعي في المنطقة.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة