اليورو في عامه العشرين لا يزال يحلم بمنافسة الدولار
قبل 20 عاما، تخلى ملايين الأوروبيين في 12 دولة عن عملاتهم الوطنية لاعتماد اليورو في حدث اعتبره الرئيس شيراك آنذاك أنه "انتصار لأوروبا"
وطرحت العملة الجديدة، وهي رمز للوحدة الأوروبية، لتكون أيضا منافسا للدولار الأمريكي القوي، لكن مع مرور عقدين من الزمن لا يزال الدولار ملكا متوجا وأكثر العملات أمانا في العالم.
فعندما توقفت عجلة الاقتصاد العالمي مع انتشار جائحة كوفيد - 19 تهافت المستثمرون على تحويل أصولهم إلى العملة الأمريكية، ما عزز قيمة الدولار.
ويتم تداول أكثر من 2100 مليار دولار، فيما يستحوذ الدولار على حصة تصل إلى 60 % من احتياطي العملات الصعبة في المصارف المركزية.
ويشكل اليورو، حوالى 20 % تقريبا من هذا الاحتياطي على ما يفيد البنك المركزي الأوروبي.
ومع أن العملة الأوروبية الموحدة لا تهدد بتاتا هيمنة الدولار الأمريكي، إلا أنها أصبحت منافسا يحسب له حساب.
وطرحت عملة اليورو، لأول مرة في أول يناير/ كانون الثاني 2002، أي بعد 3 سنوات من ظهور فكرة العملة المشتركة. واستخدمت في البداية في 12 دولة، من الدول الأعضاء حالياً في منطقة اليورو.
واليورو، هو العملة الموحدة لدول الإتحاد الأوروبي، وهو ثاني أهم عملة على مستوى النظام النقدي الدولي، بعد الدولار الأمريكي، ويتم التحكم به من قبل البنك المركزي الأوروبي، في مقره بفرانكفورت بألمانيا.
مخاطر اليورو
وأتى اليورو، ثمرة تسوية مؤلمة بين ألمانيا التي قبلت بالتخلي عن المارك الألماني رمز نهوضها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية في مقابل دعم فرنسا لإعادة توحيد البلاد بعد سقوط جدار برلين.
وفي بداياته استند اليورو، إلى المارك الذي كانت أولويته المحافظة على الاستقرار في ألمانيا التي لا تزال تسكنها هواجس أزمات التضخم الحادة في عشرينات القرن الماضي، وسبعيناته.
ويرى جونترام فولف، مدير مركز "بورجل" للأبحاث، ومقره في بروكسل: "في تلك الفترة كان جعل اليورو عملة دولية من الطراز الأول طموح فرنسا ربما، لكن ليس الألمان بالتأكيد".
وأضاف الخبير الاقتصادي: "عندما بدأ البنك المركزي الأوروبي العمل، استلهم نظامه بشكل واسع من نظام المصرف المركزي الألماني مع اعتماد الحياد في هذه المسألة".
لكن مهما كانت تطلعات هذا الفريق، أو ذاك، تحطم حلم الوصول إلى عملة أساسية بعد 10 سنوات على ذلك، بسبب أزمة الديون في منطقة اليورو فيما كافحت العملة الأوروبية لاستمرارها.
تأثير ترامب
وعادت فكرة جعل اليورو، أداة قوية لسياسة اقتصادية تكون في خدمة القارة الأوروبية، لتطرح مع وصول دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة.
عندما انسحبت الولايات المتحدة العام 2018، من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وإعادة فرض العقوبات على طهران، باتت الشركات الأوروبية، التي استثمرت في إيران في مرمى العقوبات الأمريكية.
واستحدثت أوروبا يومها آلية لكي تفلت من هذه العقوبات إلا ان المستثمرين تراجعوا خوفا من إثارة غضب واشنطن.
واشترطت عدة دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي، من بينها فرنسا، إعادة طرح النقاش حول الدور الجيوسياسي للعملة الأوروبية، من دون أن يفضي ذلك إلى نتيجة تذكر.
اختلافات الأعضاء
ومنذ مغادرة ترامب للسلطة، فقدت المسألة بعضا من أهميتها فيما قال مسؤول أوروبي مطلع على هذا الملف "في أي حال عندما نتحدث عن دور اليورو على الصعيد العالمي إنما نتحدث عن كل شيء ولا شيء في آن واحد".
وأكد أن "الجميع متفقون على أن يضطلع اليورو بدور أكبر على الساحة الدولية، ولكن ثمة تباينات حول طريقة التوصل إلى ذلك".
وثمة عنصر حيوي غائب في هذه المعادلة ،هو نظير باليورو لسندات الخزانة الامريكية، التي أصبحت منذ الحرب العالمية الثانية ملاذا للمستثمرين في حال حصول اضطرابات في الأسواق.
وأعيد طرح فكرة سندات دين أوروبية "يوربوند" خلال مفاوضات الدول الأعضاء في الاتحاد بشأن خطة التحفيز لمرحلة ما بعد كوفيد-19 التي استحدثت مديونية مشتركة للتكتل الأوروبي.
إلا أنها اصطدمت بموقف الدول الثرية، وتلك التي تعتمد نهجا "متقشفا" مثل ألمانيا، وهولندا، وترفض إضفاء طابع دائم على قروض قد تفيد أكثر الدول مديونية مثل إيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، واليونان.
ويرى جونترام فولف، أن مفتاح النجاح لليورو مرتبط في المقام الأول بالنمو الاقتصادي.
ويؤكد: "إذا كان الاقتصاد يتمتع بالحيوية فهو سيستقطب الاستثمارات إلى أوروبا ما سيعزز اليورو أيضا".