المقصود بـ"الدورتين" السنويتين في الصين هو دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ودورة المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
اللتين تعقدان سنويا في شهر مارس بمشاركة كافة أعضاء مجلس نواب الشعب والمؤتمر الاستشاري السياسي. في عام 2022، عُقدت الدورة الخامسة للمجلس الوطني الثالث عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني في الفترة من الرابع إلى العاشر من مارس، بينما عقدت الدورة الخامسة للجنة الوطنية الثالثة عشرة للمجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني في الفترة من الخامس إلى الحادي عشر من مارس.
بالنسبة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، فهو أعلى هيئة تشريعية في البلاد، ويضم في عضويته ممثلين لكافة القوميات الصينية الست والخمسين، باعتبار أن "الشعب هو السيد" وله السيادة على دولته. ويوجد مجلس لنواب الشعب على المستويات الإدارية المختلفة في الصين؛ المدن التابعة مباشرة للحكومة المركزية، المقاطعات، المناطق الذاتية الحكم، المدن، المحافظات، البلدات وأحياء المدن. وحسب دستور جمهورية الصين الشعبية، فإن كل مواطن صيني جاوز عمره ثماني عشرة سنة له الحق في أن يَنتخِب ويُنتخَب، بغض النظر عن أصله العرقي، جنسه، قوميته، وظيفته، خلفية عائلته، دينه، تعليمه، ثروته، أو مدة إقامته في محل إقامته المسجل، باستثناء المحرومين من الحقوق السياسية وفقا للقانون. ويوجد في الصين أكثر من ألفي مجلس لنواب الشعب على مستوى المحافظة وأكثر من ثلاثين ألفاً على مستوى البلدة، ويبلغ عدد النواب على المستويين أكثر من مليوني نائب. وحسب الدستور الصيني، ينتخب من يحق لهم التصويت انتخاباً مباشراً أعضاء المجالس الشعبية المحلية الأدنى من مستوى المقاطعة وما يماثلها في التقسيم الإداري للبلاد "المنطقة الذاتية الحكم والمدن التابعة مباشرة للحكومة المركزية". أما أعضاء مجالس نواب الشعب على مستوى المقاطعة وما يماثلها في التقسيم الإداري للدولة، فيتم انتخابهم انتخابا غير مباشر، عن طريق أعضاء مجلس نواب الشعب للمستوى الإداري الأدنى. أي أن أعضاء مجالس نواب الشعب على مستوى المقاطعة وما يماثلها في التقسيم الإداري للدولة يتم انتخابهم بواسطة أعضاء مجالس نواب الشعب للمستويات الإدارية الأدنى، بينما يتولى أعضاء مجالس نواب الشعب على مستوى المقاطعة وما يماثلها في التقسيم الإداري للدولة انتخاب أعضاء المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
أما المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني الذي أنشئ نظامه قبل سبعة عقود، فيعمل على إجراء التشاور الواسع والكامل لدفع الإصلاح والتطور وتعزيز الاستقرار في الصين، وبذلك صار قوة هامة لتحقيق ازدهار الدولة وسعادة شعبها ونهضة الأمة الصينية بأسرها. أعتقد أن أعمال التشاور الديمقراطي في المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني تتميز بأربع خصائص. أولا، يتناول المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني الموضوعات المتعلقة بالقضايا والإستراتيجيات الهامة في الصين والحاجات الملحة للشعب الصيني سعيا لتقديم الآراء النافعة في عملية صياغة السياسات والتطور الاقتصادي والاجتماعي ورفع مستوى معيشة الشعب الصيني. لقد عقد المجلس الوطني الثالث عشر للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني كثيرا من الاجتماعات والأنشطة الاستشارية حول موضوع مكافحة الفقر. مثلا، نظم مجلس الأعضاء الدائمين للتشاور حول القضايا الخاصة للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي اجتماعين حول "معالجة قضية الفقر في أشد المناطق فقرا في الصين" و"محاربة الفقر بفاعلية وبناء الآلية الطويلة الأمد لمكافحة الفقر" في عامي 2018 و2020 على التوالي؛ وقام مجلس التشاور للقضايا الخاصة بمناقشة تعزيز الخدمات الثقافية العامة في المناطق الريفية ودور الثقافة في نهضة الأرياف وكيفية تنفيذ إستراتيجية نهضة الأرياف بصورة كاملة خلال الفترة من عام 2019 إلى 2021 وهذه الأنشطة الاستشارية ساهمت في توطيد النتائج المحرزة طيلة السنوات الماضية في الحد من الفقر وإصدار السياسات أكثر فاعلية لتحقيق نهضة الأرياف في الصين. ثانيا، يواكب المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني العصر من حيث طريق التشاور. في أغسطس عام 2018، أطلق المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، تطبيق التشاور الجديد الذي يحمله الأعضاء على هواتفهم أو أجهزة الكمبيوتر ويتابعون الأعمال الاستشارية الجارية ويقدمون آراءهم والمقترحات بصورة فورية بغض النظر عن فرق المكان والوقت. فضلا عن ذلك، نظم المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني أربعة عشر اجتماعا استشاريا افتراضيا منذ أكتوبر عام 2018، مما يوفر للأعضاء من المجالات المختلفة فرصا مفتوحة للتعبير عن اقتراحاتهم عبر الوسائل المختلفة أينما يتواجدون. ثالثا، يدعو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني الخبراء والأكاديميين من كافة المجالات، مسؤولي الأجهزة المختلفة وجماهير الشعب للمشاركة في الأعمال الاستشارية من أجل جمع مزيد من الآراء المفيدة. على سبيل المثال، في مايو عام 2019، ناقش العديد من العلماء الصينيين البارزين على هامش اجتماع مجلس التشاور للقضايا الخاصة، قضية عدم اكتمال نظام التمويل التكنولوجي في الصين وافتقاره إلى الأكفاء ذوي المستويات العالية وغيرهما من المشكلات التي تعرقل تطور الصين المدفوع بالابتكار؛ في إبريل عام 2020، في الندوة التشاورية التي تعقد كل أسبوعين، قام الأكاديميون والقضاة ومسؤولون من وزارة التجارة وزارة الخارجية وزارة التعليم ووزارة العدل بمناقشة كيفية تدريب الأكفاء القانونيين من ذوي المستويات العالية في الشؤون الخارجية. رابعا، تقدم نتائج الأعمال الاستشارية للمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني آراء مهمة في صياغة السياسات. بحسب الاقتراحات المقدمة في الاجتماع التشاوري الافتراضي الذي عقد في مارس عام 2019، حول تسريع تعبيد الطرق العامة في المناطق الريفية، أنشأت وزارة النقل الصينية آلية التشاور مع الأطراف المعنية للتعاون في تحليل كل الاقتراحات والآراء قبل صياغة التدابير الجديدة.
ويعتبر تقديم الاقتراحات عملا أساسيا للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني إذ أنه الطريق الأكثر أهمية ومباشرة وفاعلية لممارسة الوظائف الثلاث الرئيسية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
وتعد "الدورتان" تجسيدا واقعيا لـ"الديمقراطية الشعبية بعملياتها الكاملة، والتي تشمل ثلاث مراحل؛ جمع الأفكار، وصياغة السياسات والقوانين، والتنفيذ، وهي تغطي جميع قطاعات المجتمع، من خلال الديمقراطية الانتخابية والديمقراطية الاستشارية والديمقراطية على مستوى التجمعات السكنية، ويتم تطبيقها من خلال الجمع بين الانتخابات والمشاورات وصنع القرار والإدارة والمراقبة. إن الديمقراطية على هذا النحو نظام كامل له آليات وإجراءات داعمة، وقد تم اختباره بالكامل من خلال المشاركة الواسعة. وهو نظام يدمج بين الديمقراطية الموجهة نحو الفاعلية مع الديمقراطية الموجهة نحو النتائج، والديمقراطية الإجرائية مع الديمقراطية الموضوعية، والديمقراطية المباشرة مع الديمقراطية غير المباشرة، والديمقراطية الشعبية مع إرادة الدولة. وهذا النظام، يعمل على إنشاء قنوات ديمقراطية متنوعة ومفتوحة ومنظمة جيدا لضمان إدارة جميع الأشخاص لشؤون الدولة وإدارة المشروعات الاقتصادية والثقافية والشؤون الاجتماعية من خلال قنوات مختلفة وبطرق مختلفة وفقا للقانون. وعلى هذا، فإنها ديمقراطية واسعة النطاق وفاعلة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة