القطيعة الفلسطينية-الأمريكية بـ2019.. كرة ثلج تغذيها قرارات منحازة
نبيل أبو ردينة قال لـ"العين الإخبارية" إنه ما دامت القدس خارج الطاولة فلا علاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بالموضوع السياسي.
عندما أعلنت القيادة الفلسطينية وقف اتصالاتها السياسية مع الإدارة الأمريكية نهاية العام 2017، ساد الاعتقاد بأنها ستستأنف بعد أسابيع أو شهر، ولكن بمرور عامين على هذا القرار فإن التوقعات تشير إلى استمرارها لفترة أطول، فكرة الثلج تغذيها قرارات واشنطن المنحازة.
وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية لـ"العين الإخبارية" إنه "ما دامت القدس خارج الطاولة فلا علاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بالموضوع السياسي"، وأضاف أنه "بدون مرجعيات لعملية السلام ومبادرة السلام العربية والقانون الدولي فلا توجد عملية سياسية".
قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول 2017 بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس كان مقدمة لسلسلة من القرارات التي فاقمت من الأزمة، وحالت دون عودة العلاقات بين الطرفين.
وقال أبو ردينة: "لقد كانت هناك سلسلة قرارات أمريكية متلاحقة خلال العامين الماضيين، ولكن لا شرعية لها ولا تخدم أي مشروع سلام، ولا تعطي مشروعية لأي قرار أمريكي ولا تسهم سوى بتوتير الأجواء".
وفي هذا الصدد رصدت "العين الإخبارية" قرارات الإدارة الأمريكية الحالية بشأن فلسطين:
1-في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 رفضت وزارة الخارجية الأمريكية التمديد لعمل مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن لأول مرة منذ عام 1993.
2- في 6 ديسمبر 2017 قرر ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرر نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في خطوة لم يقدم عليها أي رئيس أمريكي سابق.
3- في 6 يناير/كانون الثاني 2018 أعلنت الإدارة الأمريكية قرارها وقف تقديم المساعدات المالية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، حيث دخل القرار حيز التنفيذ في مطلع سبتمبر/أيلول 2018.
4- في 14 مايو/أيار 2018 نقلت الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى مدينة القدس.
5-في 25 أغسطس/آب 2018 أعلنت واشنطن إعادة توجيه أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدات اقتصادية للضفة الغربية وغزة إلى مشاريع في أماكن أخرى حول العالم.
6- في 7 سبتمبر 2018 أعلنت الإدارة الأمريكية وقف دعمها المالي للمستشفيات الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية والتي كانت تقدر بنحو 25 مليون دولار سنويا.
7- في 10 سبتمبر 2018، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية إغلاق مكتب البعثة العامة لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن وألغت اعتماد السفير الفلسطيني وأغلقت الحسابات المصرفية لمنظمة التحرير.
8- في 15 سبتمبر 2018 أعلنت الإدارة الأمريكية وقف تمويل برامج شبابية فلسطينية بقيمة 10 ملايين دولار.
9- في 4 مارس/آذار 2019 دمجت الإدارة الأمريكية قنصليتها العامة في القدس بالسفارة، وحولتها إلى "وحدة الشؤون الفلسطينية في السفارة الأمريكية".
10-في 18 نوفمبر 2019، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة "مخالفة للقانون الدولي".
- تحركات فلسطينية لمواجهة القرار الأمريكي بشأن الاستيطان
- إعلان أمريكي صادم: الاستيطان الإسرائيلي "لا يتناقض مع القانون"
وفي هذا الصدد فقد أشار المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري إلى أنه "بالبداية، لم نعتقد أن قرار القيادة الفلسطينية بقطع العلاقات السياسية مع الإدارة الأمريكية سيدوم طويلا، ولكن بعدها صدرت سلسلة من القرارات الأمريكية مثل وقف المساعدات وإغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير في واشنطن ودمج القنصلية الأمريكية العامة بالسفارة، وصولا إلى قرار اعتبار المستوطنات الإسرائيلية ليست غير قانونية، أصبح من الواضح أن الأمور مرشحة للتصاعد بين القيادة الفلسطينية والإدارة الأمريكية".
وأضاف المصري لـ"العين الإخبارية": "من الصعب جدا رؤية عودة قريبة للعلاقات السياسية الفلسطينية-الأمريكية، وفي حقيقة الأمر فإنه لا توجد بوادر لعودة هذه العلاقات، ويسهم في هذا توالي القرارات الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية والتي هي في مجملها سلبية وخطيرة".
واعتبر المصري أن "الإدارة الأمريكية الحالية لم تحاول ولو لمرة واحدة الاقتراب من الموقف الفلسطيني، بل على العكس فإن قراراتها كانت جميعا عدائية".
ولاحظ المصري أن "الإدارة الأمريكية اتخذت في معظم الأحيان قراراتها انطلاقا من اعتبارات انتخابية أمريكية في محاولة لإرضاء الجهات الداعمة لإسرائيل في الولايات المتحدة وأيضا لاعتبارات انتخابية إسرائيلية في محاولة لمساعدة بنيامين نتنياهو على الفوز بالانتخابات".
لا بديل للولايات المتحدة الأمريكية
ولكن ما فاقم الأوضاع هو عدم وجود بديل للولايات المتحدة الأمريكية في المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية.
وكانت القيادة الفلسطينية قد حاولت منذ عام 2018 حث دور أوروبي وصيني وروسي فاعل لرعاية المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية ولكن دون جدوى.
وقال المصري: "لقد حاولت القيادة الفلسطينية البحث عن بديل للولايات المتحدة الأمريكية ولكن أعتقد، شخصيا، أن هذه الجهود لم تكن جدية بما فيه الكفاية، وأعتقد أن كثيرين في القيادة الفلسطينية كانوا ينتظرون أن تنصلح العلاقة مع الولايات المتحدة لكن واشنطن لم تساعد من خلال سلسلة قراراتها".
وأضاف المصري: "رغم الرغبة الفلسطينية؛ فإنه لا الاتحاد الأوروبي ولا الصين ولا روسيا جاهزون للقيام بدور بديل الولايات المتحدة في عملية السلام، هذه الدول جاهزة لأن تقوم بدور من خلال اللجنة الرباعية (أمريكا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا) ولكن ليس بديلا عن واشنطن".
ولم ير المصري أفقا لعودة هذه العلاقة وقال إن "المؤشرات ترجح انتخاب ترامب لولاية رئاسية ثانية، وإذا ما صحت هذه التقديرات فإنه من المتوقع استمرار القطيعة السياسية الفلسطينية-الأمريكية لفترة طويلة".
3750 أسيرا مقدسيا منذ القرار الأمريكي بشأن القدس
وذكر مركز أسرى فلسطين للدراسات أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 3750 مواطنا مقدسيا منذ إعلان الإدارة الأمريكية قرارها حول القدس، وإعلانها أن القدس عاصمة لإسرائيل قبل عامين بسبب رفضهم لهذا القرار.
وقال النائب أسامة سعدي، عضو الكنيست عن القائمة المشتركة، في تصريح أرسله لـ"العين الإخبارية" إن "حكومة الاحتلال لم ولن تنجح في إخضاع الفلسطينيين عامةً والمقدسيين خاصةً لهذا القرار الذي يهدف إلى القضاء على جميع الإمكانيات لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس التي هي حق للفلسطينيين فقط".
صفقة القرن
وأعلنت الإدارة الأمريكية أنها أتمت وضع خطة لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يطلق عليها "صفقة القرن" على أن تعلنها حال وجود حكومة مستقرة في إسرائيل.
وبالمقابل فقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أكثر من مناسبة أن الفلسطينيين لن يقبلوا الخطة التي تستثني القدس واللاجئين والمستوطنات ولا تتبنى حل الدولتين.
ويجد موقف الرئيس الفلسطيني تأييدا واسعا في الشارع الفلسطيني؛ إذ أظهر استطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية إلى أن 68% من الفلسطينيين يعارضون عودة الاتصالات السياسية الفلسطينية-الأمريكية.
وأشارت النتائج إلى أن 83% من الفلسطينيين يرون أن "صفقة القرن" لن تؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فيما أشار 69% من الفلسطينيين إلى أنه على القيادة الفلسطينية رفض الخطة الأمريكية.
aXA6IDMuMTQ2LjIwNi4yNDYg
جزيرة ام اند امز