الأفلاج في مدينة العين تحكي تاريخ وطن ومسيرة آباء.. قصة أهل الخير والبركة تروي سيرة أصحاب السواعد المعطاءة.. مسيرة سطورها بفخر وسؤدد.
ونحن نقلِّب صفحات التاريخ نقرأ من سطوره باعتزاز قصة الإنسان الإماراتي، الذي شق الصخر، وزرع الصحراء محبة وعطاء.. نقرأ من نفحات تاريخه المجيد كيف بادل ذرات رمل الصحراء وفاء، فأكرمه الله بينابيع الأرض وعيونها عبر مئات السنين، لتروي ترابها الطهور وإنسانها الغيور وزرعها المبروك وواحاتها الباسقة خيرا ورضا وثمرات طيبة.
فمن نعم الله على أهل هذه الديار أن رزقهم رب العباد بأعظم شخصية قيادية في التاريخ الحديث، ألا وهو الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي بحكمته وعبقريته نسج مستقبل هذه الدولة بروية واقتدار، وآمن أن كثيرا من التحديات هي بالفعل فرص تولد منها حياة جديدة.. إنسان لا يعرف المستحيل.. وهذا ما تختصره حكاية الواحات الخضراء والأفلاج، التي رعاها يدا بيد مع أهل العين لتشكل حلقة تاريخية مهمة تحكي قصة الزمان والمكان.
وتاريخ الأفلاج في العين يؤكد أن ثقافات عديدة مرت فوق ترابها وسكنت أطرافها وزرعت أرضها، وأسلوب حفرها وشقها يعكس كفاءة الهندسة البنائية الدقيقة، التي استخدمها الرواد الأوائل رغم الإمكانيات المحدودة، كما تعبر أطوالها وأعماقها عن إرادة صلبة وهمة وعزيمة لا تلين في مقارعة جوف الأرض واستخراج الماء العذب الرقراق الزلال الهدار.
مفردات لها وقع في حياة أهل العين.. وترتبط بتاريخ الآباء والأجداد.. فكانت حديث السهارى آنذلك في الليالي المعتمة.. منها.. الشريعة.. أم الفلَج.. الثُقبة.. العوامِد.. المناداة.. الداس.. الفَنَر.. الزور.. صاروج.. القيظ والسواعد.. كلها مفردات تربطك بحنين الماضي وسيرة عطرة من الإنجاز والعطاء.
11 فلجا أثريا وتاريخيا في العين من أبرزها "الهيلي، الداوودي، الجيمي، المويجعي"، وهي أفلاج كانت كفيلة بوضع مدينة العين على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
وتواصل مؤسسات الدولة في الإمارات، الرسمية والأهلية، عبر نشاطاتها وندواتها وفعالياتها المستمرة باستحضار هذا التاريخ المجيد، وتحرص كل الحرص على تعزيز هذا الموروث الثقافي والإنساني والتراثي للأفلاج في أذهان أبنائنا والأجيال القادمة.
اليوم تقف للأفلاج مؤسسات رسمية وأكاديمية وتراثية وثقافية وسياحية في الإمارات، لتعيد لأبنائها قراءة تاريخ الآباء والأجداد وتعزز هذه الروح المتوارثة بأدوات علمية عصرية تربط الحاضر بالماضي بكل فخر وعز وإباء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة