صناعات الذكاء الاصطناعي.. قاطرة نمو مستدام لاقتصاد الإمارات
تقدم الإمارات نموذجاً فريداً ومتميزاً للمنطقة والعالم في النمو الاقتصادي والنظرة المستقبلية.
ولخّص الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استراتيجية إدارة مستقبل الإمارات الاقتصادي، بقوله: "نحن دولة مغرمة بالمستقبل، وهذا أحد أهم أسرار نجاحنا.. صناعة المستقبل ستكون جزءاً رئيسياً في عمل حكومتنا".
هذه النظرة الثاقبة إلى المستقبل والإدراك العميق للتغييرات في المشهد الصناعي العالمي تؤكد فهم فلسفة الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، و"مشروع 300 مليار" كاستراتيجية حكومية عشرية هي الأشمل من نوعها، للنهوض بالقطاع الصناعي في الإمارات وتوسيع حجمه ونطاقه.
ويأتي تركيز "مشروع 300 مليار" الهادف إلى تعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الإمارات في الناتج المحلي الإجمالي من 133 مليار درهم إلى 300 مليار درهم بحلول العام 2031، على الصناعات المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة، بما يعمل على تمكين الاقتصاد، وتحفيزه، ورفده بعناصر النمو المستدام.
وتسعى الإمارات إلى البناء على التقدم الذي أحرزته في مجال الذكاء الصناعي والعلوم المتقدمة، بعدما تحول هذا التقدم إلى ميزة نسبية للإمارات في ظل تصدرها هذين المجالين إقليمياً، بفضل إطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي عام 2017.
وتركز استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي على أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير.
قطاع الفضاء
وتطور قطاع الفضاء الإماراتي بشكل لافت خلال السنوات السبع الماضية بعدما شهد ضخ أكثر من 22 مليار درهم استثمارات، وحالياً أصبح يمتلك 13 قمراً اصطناعياً مدارياً، و5 أقمار اصطناعية جديدة قيد التطوير، وأكثر من 50 شركة ومؤسسة ومنشأة فضائية داخل الإمارات بما في ذلك شركات عالمية وشركات ناشئة، و3 مؤسسات تعمل في تشغيل الأقمار الاصطناعية هي مؤسسة محمد بن راشد للفضاء.
وقد يغيب عن بال الكثيرين، مدى اتساع حجم التطبيقات الصناعية للعلوم الفضائية، فمنتجات كثيرة مما نراها دارجة الاستخدام في المجتمعات حالياً، كانت عبارة عن منتجات تم تطويرها لاستخدامات رواد الفضاء، وكانت في الأصل عبارة عن قفزات تكنولوجية ابتكرها علماء يعملون على مهام الفضاء قبل أن تتخذ لاحقا أشكالا تجارية عديدة تدخل في حياة الناس اليومية.
الذكاء الاصطناعي
وتستخدم الإمارات تطبيقات الذكاء الاصطناعي بنجاح في مجموعة واسعة من المجالات، من بينها التشخيص الطبي، وتداول الأسهم، والتحكم الآلي، وصناعات ألعاب الفيديو وبرمجيات محركات البحث على الإنترنت، إلى جانب تطبيقاتها الخاصة بتحسين الإنتاج الزراعي بالإضافة إلى التطور الكبير في إنترنت الأشياء بما بات يسمح بإدارة المصانع وعمليات الإنتاج بشكل آلي بالكامل تقريبا، مع إمكانية استشراف الأعطال التصنيعية وتجنب تعطل سلاسل التوريد.
وكون الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة تسعى إلى تطوير واقع القطاع الصناعي حالياً، مع التركيز على صناعات ذات أفق تنموي، فإن المجالات التي توليها أهمية خاصة تشمل تلك المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة، مثل تكنولوجيا الفضاء والتكنولوجيا الطبية، والطاقة النظيفة والمتجددة، إلى جانب الصناعات المعدنية، والصناعات الغذائية، والمنتجات الطبية والدوائية، ومنتجات المطاط واللدائن، والإلكترونيات وغيرها.
كما تسعى الاستراتيجية التي تنفذها وزارة الصناعة والتكنولوجيا بالتعاون والشراكة مع مصرف الإمارات للتنمية إلى إحداث قفزة نوعية في قطاع الصناعة في الإمارات في مختلف المجالات والقطاعات الحيوية، مع التركيز على الصناعات المستقبلية التي تشكل رافعةً أساسية لاقتصاد المعرفة في مقدمتها الصناعات المرتبطة بقطاع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا المتقدمة، والصناعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، وقطاع الصناعات الفضائية.
وتركز الاستراتيجية الصناعية في المرحلة المقبلة على تطوير القطاعات الصناعية التالية: الصناعات الفضائية، والصناعات التكنولوجية المتقدمة، والصناعات الطبية والدوائية، والصناعات المتعلقة بالطاقة النظيفة والمتجددة (إنتاج الهيدروجين)، والآلات والمعدات، والمعادن، والمواد الكيميائية، ومنتجات المطاط واللدائن، والأجهزة الإلكترونية والكهربائية، والمنتجات الغذائية والمشروبات.
وتشكل الاستراتيجية خطة عمل وطنية على مستوى الإمارات في إطار رؤية عريضة تسعى للنهوض بالقطاع الصناعي وتعظيم مردوده ليكون رافداً اقتصادياً رئيساً، من خلال توفير الآليات والأدوات الممكنة، وتعزيزها، وبناء مظلة تشريعية وقانونية ولوجستية وتقنية وبنية تحتية هي الأكثر مرونة من نوعها.
وستوفر الاستراتيجية حزمة من التسهيلات والإعفاءات غير المسبوقة، كما ستعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع الصناعي، وتوفير بيئة صناعية إنتاجية في الإمارات بمواصفات عالمية، وتعزيز القيمة الوطنية المضافة، إلى جانب دعم وتسويق المنتج الصناعي المحلي وتعزيز جودته وتنافسيته، تحت مظلة هوية صناعية موحدة، تسعى إلى وضع معايير إنتاجية رفيعة تعمل على ضمان تميز المنتج الوطني بما يتسق وأعلى معايير والجودة الكفاءة.