من الحكايات التي يزخر بها التراث الصيني الغني بالحكمة قصة الشيخ الحكيم الذي كان في رحلة سفر ومر بقرية وقد نال منه تعب المسافة.
من الحكايات التي يزخر بها التراث الصيني الغني بالحكمة قصة الشيخ الحكيم الذي كان في رحلة سفر ومر بقرية وقد نال منه تعب المسافة، فمر بتاجر يبيع التفاح فاستأذنه في أن يعطيه تفاحة كونه لم يكن يملك المال، فما كان من التاجر الجشع إلا أن رفض الطلب فرآه شاب يافع مقبل على الحياة يملك حظا من القوة والذكاء، فأراد مساعدته بفكرة جميلة وجمع المارة وشجعهم على المشاركة في شراء التفاحة وكان له ما أراد.
يمكننا القول لقد اختارت الصين الإمارات واختارت الإمارات الصين، وسيتصدران المشهد كأكبر شريكين تجاريين في القريب العاجل، كما يرى الخبراء تفعيل الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية المتكاملة بين البلدين حدثا دوليا مهما مرتقبا كنموذج رائد في العلاقات الدولية الواعدة ودور الدولتين في تدعيم السلام والتنمية في العالم
وبعد ذلك ما كان من الشيخ بعد أن أكل التفاحة إلا أن حفر في الأرض ووضع بذورها ونادى بماء ثم سقى البذور، وفي تلك اللحظة وأمام مرأى أهل القرية نمت شجرة وارفة يانعة الثمر أصبحت مصدر دخل لأهل القرية جميعهم وسبباً في ثرائهم، ووجد بائع التفاح نفسه أمام خسارة كبيرة لتجارته، فخرج من القرية بخفي حنين.
تلك القصة تحاكي واقع اليوم، فالعالم يدرك أن الصين إمبراطورية عظمى بتاريخها وثقافتها وموروثها وفلسفتها وحكمة ساساتها واقتصادها ومساحتها وتعدادها، وهي تمثل في رمزيتها الشيخ الحكيم والعالم كله بدوله يمثلون أهل القرية بما في ذلك بائع التفاح! وفي ذلك تحمل دلالات وأبعاد يلتمسها كل متأمل لواقع التكتلات الاقتصادية في وقتنا المعاصر.
جمهورية الصين الشعبية اليوم تعد أكبر مستورد للنفط في العالم، وهناك صراع من أمهات العواصم وحواضر الاقتصاد حول من يتصدر المشهد في تعاملاته التجارية وشراكاته النوعية معها.
ولعل في احتفاء الصين بزيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عدة دلالات، حيث تأتي زيارة سموه بعد مرور عام على زيارة الرئيس الصيني تشي جينبينغ إلى دولة الإمارات لترسل العديد من الرسائل إلى الشرق والغرب.
نقرأ في تلك الرسائل العديد من الإشارات أولها ترسيخ العلاقات بين البلدين ومضاعفة الجهود بما يعود بالنفع على المستوى التنموي؛ حيث تدرك الصين جيداً أن اتجاه بوصلتها نحو العالم العربي سيكون من خلال النموذج الأمثل فيه، وإدراك الصين بضرورة ترسيخ علاقتها مع دول الشرق الأوسط واختيارها للمشروع التنموي الإماراتي الذي يجسد طموحاتها في صناعة مستقبل المجتمع المشترك، علاوة على طموحاتها في تجسيد دورها الأخلاقي في التصدي للتحديات التي تواجه العالم أجمع بمعيّة الدول التي رسخت وجودها في هذا الاتجاه في مواجهة العنف والإرهاب وتعزيز الأمن والسلم العالميين.
لقد استطاعت الدبلوماسية الإماراتية الحصول على إشادة عالمية وإيمان دولي بمشروعها الذي يستند على التنمية وتعزيز الاستقرار العالمي، وهو ما جعلها الوجهة الأولى لكبريات المشاريع الاقتصادية من الغرب والشرق.
وهذا ما دفع الصين نحو الاستثمار في العلاقات الصينية–الإماراتية الثنائية وتنميتها.
كما أن المكانة التي تحظى بها دولة الإمارات عالميا وبما تؤديه من دور متقدم ومحوري في تعاطيها مع القضايا الدولية بحكمة عالية من خلال سياستها التي أرسى دعائمها الحاضر الكبير المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" تؤتي اليوم ثمارها ومحصولها في الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين.
الصين التي تشهد تطورات عديدة في السنوات الأخيرة دفعت بأنظار العالم بأكمله نحوها لدورها الكبير كقوة اقتصادية هائلة، وأصبحت محط أنظار الدول المتطلعة لتجربتها الرائدة في وقتنا المعاصر في العديد من المجالات الحيوية كالتكنولوجيا، وربما ليس من المبالغة أن يقول الخبراء إن دخول دولة الإمارات على خط الدول المزودة للصين من صادراتها النفطية كروسيا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ستشعل المنافسة في من يتربع على عرش التبادل التجاري أو على أقل التوقعات أن تجد لها موطئ قدم ثابت وفاعل بين الدول الكبرى والتي تتنافس على أرض الصين وتدخل أسواقها، كلاعب أساسي فاعل ومؤثر يملك قوة دفع ذاتية كمساهم في التنمية على مستوى العالم.
كما أن الصين أدركت أن دولة الإمارات علاوة على كونها بوابة التنمية في العالم العربي بما تملكه من حضور دولي في قوة سياستها ومتانة اقتصادها وتطلعاتها ودورها المحوري دوليا، فهي أيضاً رائدة في مجال محاربة الإرهاب والتطرف وتعزيز الأمن والسلم العالميين ودعم القضايا الإنسانية من صلب القيم الإماراتية الراسخة خاصة في ظل التحديات التي تواجه المنطقة.
وكذا يمكننا القول لقد اختارت الصين الإمارات واختارت الإمارات الصين، وستتصدران المشهد كأكبر شريكين تجاريين في القريب العاجل، كما يرى الخبراء تفعيل الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية المتكاملة بين البلدين حدثاً دولياً مهماً مرتقبا كنموذج رائد في العلاقات الدولية الواعدة ودور الدولتين في تدعيم السلام والتنمية في العالم، وهنا لا بد أن نستحضر رمزية الشيخ الحكيم والشاب وأهل القرية، ولا ننسى أيضا بائع التفاح الذي يريد احتكار المنطقة والسيطرة على مضايقها وملاحة السفن فيها!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة