تتمتع الإمارات والصين بعلاقات دبلوماسية واقتصادية قوية ومتنامية، وقد بدأت العلاقات الرسمية بين البلدين عام 1984.
ومنذ ذلك الوقت شهدت تطورًا كبيرًا في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصاد، التجارة، الطاقة، التكنولوجيا، والثقافة والتعليم والحفاظ على البيئة وغيرها.
وتعد زيارة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الصين في مايو/أيار 1990 الأولى من نوعها لزيارة رئيس دولة خليجية إلى الصين.
وتطورت هذه الشراكة على جميع المستويات حتى وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية التي تم الإعلان في يوليو/تموز عام 2018 خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى دولة الإمارات.
حيث تعتبر الصين هي الشريك التجاري غير النفطي الأكبر لدولة الإمارات بقيمة تتجاوز 82 مليار دولار أمريكي عام 2023، فقد تجاوز حجم التجارة بين البلدين مئات المليارات من الدولارات سنويًا حيث تعتبر دولة الإمارات بوابة مهمة للصين إلى الأسواق الإقليمية في الشرق الأوسط وأفريقيا.
كما استثمرت دولة الإمارات في الصين في مجالات متنوعة مثل العقارات، والطاقة، والتكنولوجيا، والاتصالات والنقل والتخزين والفنادق والسياحة، بالإضافة إلى المطاط.
فقد وصل عدد الشركات الإماراتية في الصين إلى أكثر من 55 شركة، كما برزت السياحة كواحدة من القطاعات المهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، في المقابل، تستثمر الصين في دولة الإمارات بمشروعات البنية التحتية، الصناعة، والخدمات اللوجستية.
وتعتبر دولة الإمارات جزءًا مهمًا من "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، التي تهدف إلى تعزيز الاتصال والتعاون بين الصين والعالم من خلال إنشاء بنية تحتية تجارية تربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.
وباعتبار دولة الإمارات منتجًا رئيسيًا للنفط والغاز، تعتبر شريكًا مهمًا للصين في تأمين احتياجاتها من الطاقة.
وفي المقابل، تستثمر الصين في مشروعات الطاقة المتجددة في دولة الإمارات، بما في ذلك الطاقة الشمسية.
كما يتعاون البلدان في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والابتكار، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الرقمية، والفضاء.
وقد أطلقت دولة الإمارات عدة شراكات مع شركات تكنولوجيا صينية لتعزيز التحول الرقمي والابتكار في البلاد، كما شهدت العلاقات الثقافية بين البلدين نموًا ملحوظًا.
فقد استضافت دولة الإمارات العديد من الفعاليات الثقافية الصينية، مثل مهرجانات الفنون والاحتفالات بالعام الصيني الجديد، على سبيل المثال.
وشاهدنا كيف احتفلت الإمارات بمرور 40 عاماً على العلاقات الإماراتية الصينية بفعالية (بناء جسور المستقبل.. الإمارات والصين) بتنظيم من دائرة الثقافة والسياحة على كورنيش أبوظبي خلال يومي (1-3 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، تأكيداً على عمق الشراكة الاستراتيجية وتعزيز العلاقات والروابط العميقة والقوية التي تربط بين دولة الإمارات والصين.
وشملت الفعالية العديد من الأنشطة التفاعلية التي تعكس الشراكة والرؤية المستقبلية التي تجمع البلدين.
كما أن هناك اهتماما متزايدا بتعلم اللغة الصينية في دولة الإمارات، حيث تم إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية في بعض المدارس وشهد قطاع التعليم تضاعفا في أعداد الطلبة المبتعثين إلى الصين مما يؤكد على تعزيز العلاقات وأهمية تطوير الكفاءات الوطنية للاستفادة منها في السوق المحلي.
ويعد المركز الثقافي الصيني في دولة الإمارات واحدا من المراكز التي تؤكد على ترسيخ وتعزيز التبادل الثقافي والتفاهم والتعاون وقد تم افتتاح المركز في عام 2015 في أبوظبي ويعتبر أول مركز ثقافي صيني في منطقة الخليج العربي، ويعزز المركز آفاق الحوار وتعزيز التعاون المتبادل لترسيخ الثقافة والتعايش في المجتمعات.
كما شهدت العلاقات بين البلدين تعاونًا وثيقًا في مجال الصحة، خلال جائحة كوفيد (كورونا) حيث قامت دولة الإمارات والصين بتطوير شراكات في مجال الأبحاث الطبية وإنتاج اللقاحات.
وكانت دولة الإمارات من أوائل الدول التي تعاونت مع الصين في إجراء تجارب سريرية للقاح "سينوفارم" الصيني.
الإمارات والصين تحافظان على علاقات دبلوماسية قوية، مع تبادل للزيارات الرسمية بين قادة البلدين. وتدعم الإمارات مبدأ "الصين الواحدة"، بينما تعزز الصين سياسات دولة الإمارات الإقليمية والدولية.
تعد العلاقات بين دولة الإمارات والصين نموذجًا للتعاون الثنائي القوي والمتعدد الأبعاد. ويواصل البلدان تعميق شراكاتهما في مختلف المجالات من خلال توقيع أكثر من 148 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات بما يساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية للبلدين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة