سلطان الجابر: العمل المناخي المشترك يسهم في تحقيق السلام والازدهار
"رسالة كوب27 في شرم الشيخ واضحة، وهي أنه ينبغي على العالم المسارعة بالانتقال إلى الطاقة النظيفة. لأنها الطريق الأقصر نحو هدف صفر انبعاثات".
وأكد الدكتور سلطان الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، رئيس مجلس إدارة "مصدر"، والرئيس التنفيذي لمجموعة شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، في مقال نُشر بمجلة فورتشن، اليوم الأربعاء، أنه لبلوغ هذا الهدف، نحتاج إلى تسريع وتيرة قيام تعاون عالمي يحقق التقدم الاقتصادي والمناخي عبر مبادرات براجماتية وواقعية وعملية ومجدية تجاريا.
وقال الدكتور سلطان الجابر: خلال الفترة التي سبقت مؤتمر كوب27 جرى الإعلان عن أحد أكبر وأوسع أشكال التعاون من هذا النوع، وهو التعاون الجديد بين دولة الإمارات والولايات المتحدة. الشراكة من أجل تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة (PACE)، والتي تهدف إلى ضخ 100 مليار دولار من التمويل والاستثمار لنشر 100 جيجا وات جديدة من الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة ودولة الإمارات والاقتصادات الناشئة بحلول عام 2035.
وأضاف: تتعامل مبادرة PACE مع حقيقة أنه في حالة عدم تلبية احتياجات الطاقة الأساسية لمليارات الأشخاص، فستعاني الاقتصادات من تباطؤ كبير، وهو ما سيؤثر بدوره على الموارد المتاحة للعمل المناخي. لكن التركيز على التقدم البراجماتي لقيادة انتقال الطاقة، يمكننا من إنشاء صناعات جديدة واكتساب مهارات وتوفير وظائف جديدة.
وتابع الجابر: ولهذا السبب كثفت المبادرة الاستثمار في تقنيات التخفيف عبر سلسلة إمداد الطاقة الحالية، لتحقيق أدنى كثافة للكربون والميثان في القطاعات النفطية التي لا يزال العالم يعتمد عليها.
وأوضح وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي: بالتوازي مع ذلك، تقود المبادرة تمويلًا ضخما من القطاعين العام والخاص نحو التقنيات النظيفة الجديدة وسلاسل التوريد الخاصة بها في دولة الإمارات والولايات المتحدة وعدد من الاقتصادات الناشئة حول العالم. وهو ما يعد أمرا حيويا لتصحيح التباين بين الاقتصادات الناضجة والجنوب العالمي عندما يتعلق الأمر بالاستخدام التجاري لحلول الطاقة النظيفة على نطاق واسع.
وقال الدكتور سلطان الجابر: تركز PACE أيضًا على القطاع النووي، لا سيما الابتكار في المفاعلات النمطية الصغيرة التي يمكن نشرها بسرعة أكبر من المفاعلات كثيفة رأس المال. الإضافة إلى ذلك، ستوجه PACE موارد كبيرة نحو إزالة الكربون الصناعي عبر توسيع نطاق التقنيات التي أثبتت جدواها مثل التقاط الكربون وتخزينه، مع الاستثمار في الطاقات الجديدة مثل الهيدروجين وأنواع الوقود الأخرى التي يمكن أن تساعد في تشغيل الصناعات الثقيلة التي يصعب تخفيفها.
وأشار إلى أن مبادرة PACE تشكل بداية واعدة، لكن في الوقت ذاته لا ينبغي التقليل من حجم التحديات التي تنتظرنا، قائلا: إذ يحتاج العالم إلى ما يقدر بـ50 إلى 60 تريليون دولار على مدى الثلاثين عاما القادمة لإزالة الكربون من أنظمة الصناعة والطاقة بحلول عام 2050. ولن تستطيع دولة أو كتلة اقتصادية بمفردها أن تحقق هذا الإنجاز الضخم بمفردها - وستتطلب نماذج جديدة من التمويل الحكومي والقطاع الخاص.
وتابع: وكواحدة من أكبر المستثمرين والعاملين في مشروعات الطاقة المتجددة في العالم، تعمل دولة الإمارات على تسريع حلول الطاقة النظيفة عبر عقد شراكات دولية بين القطاعين العام والخاص منذ أكثر من عقدين. وقد استثمرنا أكثر من 50 مليار دولار في 70 دولة، من الاقتصادات المتقدمة إلى الدول الجزرية الصغيرة ومن المشاريع الضخمة بحجم المرافق إلى الحلول المخصصة للمواقع. وبغض النظر عن الحجم والمكان، تم تصميم هذه المشروعات للحد من تأثيرات الكربون وتحقيق الاكتفاء الذاتي اقتصاديًا.
وتابع الجابر، قائلا: ونقوم في الوقت نفسه باستغلال مكانتنا كمورد موثوق ومسؤول لبعض أنواع النفط والغاز الأقل كثافة في الكربون في العالم عبر تطبيق تقنيات موثوقة وجديدة. فكنا أول منتج للنفط في المنطقة يتبنى تقنية احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق صناعي - وأول من استخدم الطاقة النووية والشمسية لتوفير 100 بالمائة من احتياجات الكهرباء لشركتنا الوطنية للنفط. وشعارنا هو "طاقة قصوى، وحد أدنى من الانبعاثات".
وبحسب المقال، أكد الدكتور الجابر: نعتقد أن الشراكة في العمل المناخي فرصة لمعالجة القضايا الأوسع للسلام والتنمية الاقتصادية.. وقعنا في كوب 27 اتفاقية لتنفيذ مشروع الازدهار بين دولة الإمارات والأردن وإسرائيل. والتي ستدشن مبادرة لتوفير الطاقة الشمسية لإسرائيل مقابل توفير مياه الشرب المحلاة للأردن.
وقال الدكتور سلطان الجابر: شركة "مصدر" الإماراتية ستكون الشريك التقني، وقد قدمت الولايات المتحدة دعماً دبلوماسياً قيماً في صفقة تعزز الاستقرار الإقليمي وأمن الطاقة والتوسع في الكربون المنخفض والتعايش السلمي في وقت يحتاج فيه العالم إلى كل ما سبق.
وتابع بالقول: أعلنا عن شراكة جديدة بين دولة الإمارات ومصر لإنشاء واحدة من أضخم مزارع الرياح البرية في العالم، لتزيل نحو 9 بالمئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر وتوفر على البلاد 5 مليارات دولار من تكاليف الغاز الطبيعي السنوية.
وأضاف أنه وفي الوقت الذي تتطلع فيه دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر كوب 28، مؤتمر الإمارات للمناخ عام 2023، سنواصل التوسع في عقد الشراكات الفعالة بين الدول والصناعات والقطاعين العام والخاص لخفض انبعاثات الكربون وتعزيز التقدم الاقتصادي.
وختم الدكتور سلطان الجابر مقاله بالقول: نحن ملتزمون بتقديم قمة شاملة وموجهة نحو حلول تسرع التمويل المناخي، وتعزز الوصول إلى التقنيات النظيفة عبر المجتمعات الضعيفة، وتعزز مواهب جميع قطاعات المجتمع، بما في ذلك النساء والشباب. وفي سبيل قيامنا بذلك، سنتعاون مع العالم في السعي وراء مسار عملي للوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.