الإمارات ومكافحة الاتجار بالبشر.. جهود رائدة عابرة للحدود
تبذل الإمارات جهودا رائدة لمكافحة الاتجار بالبشر على الصعيدين المحلي والدولي، على مختلف الأصعدة التوعوية والأمنية والحقوقية، والتشريعية.
جهود تنسجم مع الأطر الأخلاقية والإنسانية التي تتسم بها الإمارات كواحة للإنسانية ومنارة التسامح وبلد الأمن والأمان تحفظ كرامة البشر وتشع قيمه ومبادئه في أرجاء المعمورة.
وضمن تلك الجهود، وبالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يوافق 30 يوليو/تموز من كل عام، حرصت النيابة العامة الإماراتية على إطلاق حملة توعوية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتعزيز الثقافة القانونية بين أفراد المجتمع بهدف نشر ثقافة القانون كأسلوب حياة.
تأتي تلك الحملة التوعوية بعد أيام من تسجيل وزارة الداخلية الإماراتية نجاحا كبيرا خلال عملية "ليبرتيرا" العالمية المعنية بمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والتي جرت بتنسيق بين أجهزة 47 دولة وتمّ خلالها إلقاء القبض على 286 شخصاً وإنقاذ 430 من ضحايا الاتجار بالبشر إلى جانب تخليص 4000 من المهاجرين غير الشرعيين في 74 دولة حول العالم.
كما تأتي بعد نحو 3 أسابيع من توقيع الإمارات وجورجيا اتفاقية تتعلق بتعزيز التعاون في المجالات الأمنية ومكافحة الجريمة بأشكالها كافة، بما فيها الاتجار بالبشر.
كذلك تأتي بعد نحو شهر من تنظيم مؤسسة "دبي لرعاية النساء والأطفال" البرنامج التدريبي للعام الحالي بالتعاون مع القنصلية الهندية في دبي بقصد تنمية مهارات البعثات الدبلوماسية المعنية في قضايا الاتجار بالبشر.
جهود شاملة
جهود شاملة تتواصل وتتزايد لتبرز تجربة الإمارات الرائدة في مكافحة تلك الجريمة العابرة للحدود.
تجربة رائدة تستند تشريعياً إلى القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، المُعدل بالقانون الاتحادي رقم 1 لسنة 2015 في شأن مكافحة الاتجار بالبشر، حيث كانت الإمارات سباقة في سن قانون شامل لمكافحة الاتجار بالبشر، يحمي الضحايا ويعاقب منتهكي حقوقهم، ويردع مَن تسوّل له نفسه الإقدام على تلك الجرائم.
ومؤسساتياً عبر اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي أنشئت بقرار من مجلس الوزراء في عام 2007 من أجل تنسيق الجهود الرامية إلى ضمان التطبيق الفعال للقانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، لتكون إطاراً ينسق ويوحد جهود مختلف مؤسسات الدولة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر.
وإنسانياً، بإنشاء العديد من المراكز المجتمعية المعنية بمعالجة تأثير مثل تلك الجرائم واحتوائها، وتقديم مساعدات قانونية ونفسية ومادية تمهيداً لإعادة الضحايا إلى حياتهم الطبيعية، ودمجهم في المجتمع بما يحقق الاستقرار الأسري والمجتمعي.
كما تحتفظ دولة الإمارات حالياً بشبكة من المراكز للإيواء لحماية الضحايا وإعادة تأهيلهم ولديها أيضا خط ساخن مخصص لتسهيل الإبلاغ عن حالات الاتجار بالبشر وتمكين الضحايا من طلب الحماية.
ودولياً عبر توقيع اتفاقيات مع عدة بلدان لتبادل أفضل الممارسات بشأن منع الاتجار بالبشر وتعزيز المساعدة لضحايا هذه الجريمة.
جهود أمنية
ضمن أحدث جهودها الأمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، شاركت وزارة الداخلية الإماراتية في عملية "ليبرتيرا" العالمية المعنية بمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر والجرائم الأخرى ذات الصلة في هذه الطرق العابرة للقارات والتي نسقتها المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" بمشاركة 47 دولة، ولعبت الإمارات دوراً محورياً كونها الجهة التي استضافت غرفة العمليات للفرق المشاركة من منطقة الشرق الأوسط وآسيا وشمال أفريقيا.
وجرى الإعلان في 26 يوليو/تموز الجاري عن نتائج هذه العملية العالمية خلال مؤتمر صحفي افتراضي بحضور مسؤولين من الإنتربول وممثلي وزارة الداخلية والدول المشاركة إلى جانب مراسلي الصحف ووكالات الأنباء المحلية والعالمية.
وأدت هذه العملية الدولية والتي جرت بتنسيق بين جميع أجهزة الدول المشاركة إلى إلقاء القبض على 286 شخصاً وإنقاذ 430 من ضحايا الاتجار بالبشر إلى جانب تخليص 4000 من المهاجرين غير الشرعيين في 74 دولة حول العالم إلى جانب قيام الأجهزة الشرطية عبر العالم بعدد من الأنشطة العملياتية ضمن عملية "ليبرتيرا" من بينها مداهمات وتكثيف للدوريات وتبادل معلومات، وبلغت العمليات التفتيشية في المطارات والمنافذ الحدودية 500 ألف عملية وتم الشروع في 60 تحقيقاً جديداً عبر العالم.
وتأتي مشاركة دولة الإمارات ممثلة بوزارة الداخلية في إطار حرصها على التنسيق الفعال مع جميع الدول وضمن المؤسسات والمنظمات الدولية لتعزيز مكافحة الجريمة بكل أشكالها وخاصة الجرائم ذات العلاقة بالاتجار بالبشر، حيث تعتبر دولة الإمارات شريكاً رئيسياً في الحملة العالمية لمكافحة هذه الجريمة العابرة للحدود.
وتبنت وزارة الداخلية الإماراتية عدة آليات لحماية حقوق الإنسان وخاصة التصدي لجميع أشكال الاتجار بالبشر منها التوعية، وتعزيز ثقافة مكافحة الاتجار بالبشر، والتعاون مع الإنتربول الدولي من خلال تبادل المعلومات بشأن جرائم الاتجار بالبشر، ورصد ومراقبة المتورطين، والمشتبه تورطهم في مثل هذه الجرائم.
وتعد الإمارات أول دولة في المنطقة تسن قانوناً شاملاً لمكافحة الاتجار بالبشر، وهو القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006.
وبموجب القانون، فإن الاتجار بالبشر يشمل جميع أشكال الاستغلال الجنسي، وإشراك الآخرين في الدعارة، والاستعباد، وأعمال السخرة، والاتجار بالأعضاء البشرية والخدمة بالإكراه، والتسول والممارسات الشبيهة بالاستعباد.
ونظراً لأهمية عقاب المتورطين في جرائم الاتجار بالبشر، في إحقاق العدالة وانتصاراً للضحايا ولحفظ الكرامة الإنسانية، وردع مَن تسوِّل له نفسه الإقدام على تلك الجرائم، جاء الحزم في تطبيق القانون.
اتفاقيات دولية
أيضاً تؤمن الإمارات بأهمية تضافر الجهود الدولية لمكافحة جريمة تعتبر من أكثر الجرائم المنظمة العابرة للحدود انتشــاراً، وتشارك في العديد من الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الاتجار بالبشر وتثير القضية بانتظام في المحافل الدولية المعنية بهذا الشأن.
ووقعت الإمارات العربية المتحدة اتفاقيات مع عدة بلدان لتبادل أفضل الممارسات بشأن منع الاتجار بالبشر وتعزيز المساعدة لضحايا هذه الجريمة.
وضمن أحدث جهودها في هذا الإطار ، وقع الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الإماراتي، في 6 يوليو/تموز الجاري اتفاقية مع فاختانغ جوميلوري، وزير الشؤون الداخلية، في جمهورية جورجيا تتعلق بتعزيز التعاون في المجالات الأمنية ومكافحة الجريمة بين دولة الإمارات وجورجيا.
تهدف الاتفاقية، التي جرى التوقيع عليها عن بُعد، إلى تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات الأمنية والشرطية لاسيما في مجالات تعزيز السلامة المرورية ومكافحة الجريمة بأشكالها كافة بما فيها الاتجار بالبشر والجرائم السيبرانية وجرائم غسل الأموال ومكافحة الإرهاب والمخدرات والمؤثرات العقلية وجرائم الاستغلال الجنسي إلى جانب تبادل الخبرات في مجالات استخدام التقنيات الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز العمل الشرطي.
حملات توعوية
أحد أهم المرتكزات في استراتيجية الإمارات لمكافحة الاتجار بالبشر هو السعي لمنع الجريمة من الأساس ووقاية المجتمع من وقوعها، وهذا يقتضي تعزيز التوعية، وهو أمر لم تغفل عنه دولة الإمارات، آخذة في الاعتبار التنوع الثقافي والجنسيات المختلفة التي تعيش في الإمارات.
وفي هذا الصدد، قامت الجهات المعنية في الإمارات بجهود حثيثة لتنفيذ برامج توعوية لكافة فئات المجتمع بشكل عام وللضحايا المحتملين بشكل خاص.
وضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، نظمت مؤسسة "دبي لرعاية النساء والأطفال" في يونيو/حزيران الماضي البرنامج التدريبي للعام الحالي بالتعاون مع القنصلية الهندية في دبي بقصد تنمية مهارات البعثات الدبلوماسية المعنية في قضايا الاتجار بالبشر.
جاء البرنامج التدريبي لتحقيق حزمة أهداف أهمها نشر الوعي لدى الجهات الخارجية بشأن قضايا الاتجار بالبشر لإعطاء كل جهة دور فعال في التعاون مع الجهود الحثيثة التي تقوم بها الإمارات في التصدي لهذه الجريمة حيث أن الظواهر الاجتماعية تحتاج إلى عمل تكاملي شمولي.
كما يهدف البرنامج أيضاً إلى تفعيل التعاون بين المؤسسة وبين القنصلية الهندية، إذ إن جالية كبيرة من هذه الجنسية تعيش على أرض الإمارات لذا من المهم أن يتم توعيتهم بهذه الظواهر الاجتماعية وتدريبهم بأفضل الممارسات المعتمدة عالمياً في مجال التعامل مع الحالات على المستوى الاجتماعي والنفسي.
أيضاً وفي إطار جهود الوقاية والمنع، وحرصاً على إعداد نخبة مؤهلة من الكوادر العاملة في مختلف الجهات في الإمارات، للتعامل مع جميع أنواع قضايا الاتجار بالبشر وضمان حماية الضحايا، تم طرح العديد من البرامج التدريبية للمختصين لإكسابهم المهارات والخبرات العلمية والعملية اللازمة لذلك.
وفي هذا الصدد تم خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين إطلاق برنامج "اختصاصي مكافحة الاتجار بالبشر" (الدفعة السادسة) والذي نظمته القيادة العامة لشرطة دبي ومعهد دبي القضائي بالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة "عن بُعد" على مدار 5 أسابيع.
ضمت الدفعة السادسة للبرنامج 91 منتسباً ينتمون إلى 30 جهة من مختلف أجهزة الشرطة في الإمارات والجهات النيابية المحلية و الاتحادية في الدولة وجمعية الإمارات لحقوق الإنسان ومؤسسة "مطارات دبي" ودور رعاية النساء والأطفال على مستوى الإمارات، و24 مشاركاً من المملكة العربية السعودية، و2 من مملكة البحرين، و5 من جهاز الشرطة الخليجية وبمشاركة 4 منتسبين من سلطنة عمان ودولة الكويت لأول مرة.
يهدف البرنامج إلى إعداد نخبة مؤهلة من الكوادر المواطنة العاملة في جميع الدوائر والمؤسسات المعنية بمكافحة جرائم الاتجار بالبشر في الإمارات، وإكسابهم المهارات والخبرات العلمية والعملية اللازمة، وبما يمكنهم من المساهمة في تعزيز جهود الدولة الرامية إلى مكافحة هذا النوع من الجرائم وضمان الحماية لضحاياه إلى جانب تطوير قدرات المنتسبين المتخصصين العاملين في مجالات مكافحة الاتجار بالبشر و شرح القوانين والمواثيق والاتفاقيات المحلية والدولية ذات الصلة بالاتجار بالبشر وإكسابهم مهارات البحث والتحري والاطلاع على أفضل طرق ووسائل التحقيق في الاتجار بالبشر وتزويد المنتسبين بالمعلومات العلمية والمهارات الضرورية لكيفية التعامل مع ضحاياه وأفضل التجارب والممارسات المحلية والدولية.
جهود متواصلة
جهود تواصلت رغم انتشار جائحة كورونا، حيث طبقت مراكز ومؤسسات رعاية وإيواء ضحايا الاتجار بالبشر في الإمارات كافة الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها سواءً كانت تتعلق بالضحايا أو بالموظفين العاملين في هذه المؤسسات، ووفرت الفحوصات والخدمات الطبية بالتعاون مع الهيئات الصحية بجانب توفير ممرضات ومشرفات في هذه المؤسسات على مدار الساعة.
بدورها وفرت اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر الرعاية الصحية والقانونية للضحايا ودعم استقرارهم النفسي في ظل الظروف الاستثنائية المتعلقة بانتشار وباء كورونا المستجد.
وتتواصل جهود دولة الإمارات للعمل مع جميع الشركاء على الصعيدين الوطني والدولي لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر، وسط مؤشرات تؤكد أن جهود الدولة تؤتي ثمارها، وتسير في طريقها نحو القضاء على تلك الجرائم نهائياً، في إطار سعيها المتواصل لإنشاء مجتمع ركيزته العدالة يسوده الأمن والتسامح.
aXA6IDE4LjIxNi4xMDQuMTA2IA==
جزيرة ام اند امز