التعاون بين المجلس الوطني الاتحادي والهلال الأحمر الإماراتي على الساحة الدولية يمثل تطورا نوعيا مهما في توظيف أدوات القوة الناعمة
لم يعد يخفى على أحد من المتخصصين والمهتمين الدور المتنامي الذي تضطلع به الدبلوماسية البرلمانية في العلاقات الدولية، فلم يعد بالإمكان الحديث عن السياسة الخارجية لأي دولة بمعزل عن دور ومواقف وسياسات واتجاهات البرلمانات الوطنية، وفي هذا الإطار يبدو نشاط المجلس الوطني الاتحادي بارزاً في المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، وقد قام وفد من المجلس برئاسة معالي أمل القبيسي رئيس المجلس بزيارة مهمة إلى البرلمان الأوروبي خلال الأسبوع الجاري، حيث التقى الوفد قادة البرلمان الأوروبي ورؤساء اللجان البرلمانية، كما نظم ندوة لمناقشة سياسة المساعدات الإنسانية الإماراتية ودورها في تحقيق الأمن والاستقرار بمناطق الصراعات والأزمات، كما نسّق المجلس مع الهلال الأحمر الإماراتي الذي قام بدوره في تنظيم معرض غير مسبوق داخل مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل، للتعريف بجهود المساعدات الإنسانية الإماراتية.
العالم يبدي اهتماماً كبيراً بالقوة الناعمة القادرة على التغلغل إلى القلوب والأفئدة، وبات تأثيرها يفوق في بعض الأحيان تأثير القوة الخشنة، حتى وإن احتاج هذا التأثير لمزيد من الوقت ولكنه يبقى أكثر فاعلية واستدامة على المدى البعيد
التعاون بين المجلس الوطني الاتحادي والهلال الأحمر الإماراتي على الساحة الدولية يمثل تطوراً نوعياً مهماً في توظيف أدوات القوة الناعمة التي تتمتع بها الدولة في إطار روح الفريق الوطني الواحد، وهي الروح التي غرستها قيادتنا الرشيدة، وباتت سمة أساسية من سمات العمل في المؤسسات الإماراتية.
وجود ممثلي الهلال الأحمر لاستعراض جهود هذه المؤسسة الوطنية العملاقة، وكذلك الجهود التي تبذلها مختلف المؤسسات والجمعيات الإماراتية التي تعمل في مجال المساعدات الإنسانية، بالأرقام والإحصاءات وعبر أدوات عرض تقنية متطورة، في داخل مقر الاتحاد الأوروبي، يمثل نشاطاً غير مسبوق وينطوي على أهمية بالغة، لا سيما أنه تزامن مع الندوة التي نظمها المجلس الوطني الاتحادي، وتحدثت فيها معالي رئيس المجلس حول القيم والمبادئ والأسس التي تحكم سياسة المساعدات الإنسانية والتنموية الإماراتية، كما تحدث فيها أيضاً مسؤولون أوروبيون؛ حيث جاءت الصورة مكتملة أمام الحضور من أعضاء البرلمان الأوروبي من مختلف الأحزاب والدول الأعضاء بالاتحاد.
تعريف العالم بالجهود الإماراتية في مجال المساعدات الإنسانية مسألة مهمة أيضاً في ظل خطط التآمر والتشويه الإعلامي المستهدف، الذي يسخر له النظام القطري جميع أدواته ومنصاته الإعلامية، لا سيما الجزيرة الإنجليزية، وعندما تخاطب البرلمان الأوروبي بكل ما يمتلك من تأثير في العلاقات الدولية، والسياسة الخارجية للدول الأعضاء فإن هذا الأمر يمثل خطوة فاعلة للغاية في تحقيق أهداف السياسة الخارجية للدولة، وتعزيز القوة الناعمة للإمارات في العالم.
العالم يبدي اهتماماً كبيراً بالقوة الناعمة القادرة على التغلغل إلى القلوب والأفئدة، وبات تأثيرها يفوق في بعض الأحيان تأثير القوة الخشنة، حتى وإن احتاج هذا التأثير لمزيد من الوقت ولكنه يبقى أكثر فاعلية واستدامة على المدى البعيد.
فالقوة الناعمة كما عرفها رائدها البروفيسور الأمريكي جوزيف ناي تعني القدرة على تحقيق ما تريد من خلال الجاذبية والإقناع بدلاً من الإرغام والقوة القاهرة، وهنا تبدو الجاذبية الكبيرة للجهود الإنسانية التي تبذلها الإمارات في دول مثل اليمن، فالقنوات الممولة من قطر والإخوان المسلمين لا تقدم للعالم عن اليمن سوى اتهامات مزيفة عن دول التحالف العربي بتجويع الشعب اليمني الشقيق، في حين أن استعراض تلك الجهود قوبل باحترام وتقدير من البرلمانيين الأوروبيين، الذين أثار إعجابهم مستوى الدعم الإنساني الذي تقدمه الإمارات للاجئين اليمنيين وأيضاً السوريين، وفي دول ومناطق أخرى مختلفة، عربية وغير عربية، دون تفرقة بين لون وجنس وعرق.
عندما تتحدث عن أن الإمارات قدمت للشعب اليمني الشقيق نحو 4.9 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، وأنها المانح الأول للمساعدات الإنسانية للأشقاء هناك، فإننا نستشعر أن الرؤية تصبح متوازنة إلى حد كبير، ويدرك الآخر أن لديه فراغاً معلوماتياً في هذا الملف، وأن الرؤى الإعلامية المتداولة في كثير من الحالات تبدو مبتورة بشكل متعمد.
النشاط الخارجي الفاعل الذي تم بالتنسيق بين المجلس الوطني الاتحادي والهلال الأحمر الإماراتي إنما يمثل نموذجاً يحتذى به في التحرك المدروس من أجل خدمة المصالح الإماراتية في الخارج، ولكنه يعكس أيضاً فاعلية المجلس الوطني الاتحادي ورؤيته الاستراتيجية الواعية من أجل تحقيق أهدافه الخاصة بدعم وتعزيز والتكامل مع الدبلوماسية البرلمانية ممثلة في وزارة الخارجية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة