بعد هدوء واستقرار أمني طويل، شهدت سيناء في مصر يوم السبت الماضي عملاً إرهابياً مؤلماً، استشهد فيه أفراد من القوات المسلحة المصرية وهم يصدون هجوماً على نقطة أمنية قرب قناة السويس.
الحادث تسبب في إثارة حزن وغضب شديدين لدى الشعب المصري، والرأي العام العربي، وفي مقدمته شعب دولة الإمارات، التي سارعت إلى تجديد تأكيد تضامنها الكامل مع الشقيقة مصر، حيث بادرت القيادة السياسية لدولة الإمارات على وجه السرعة بإصدار بيان شديد اللهجة يستنكر بشدة مثل تلك "الأعمال الإجرامية".
ومن الطبيعي أن تكون الإمارات في مقدمة الدول التي تتضامن مع مصر لسببين، الأول: موقفها الثابت في التصدي للإرهابيين وكل عمل إرهابي في العالم، لأن منطلقها الأساسي هو الاستقرار وأمن المجتمعات الإنسانية.
والسبب الآخر: تأييدها ومساندتها الدائم للدولة المصرية ومؤسساتها الوطنية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها، وجهودها المتواصلة من أجل القضاء على آفة الإرهاب.
وعليه، فلا حاجة إلى تأكيد أن موقف الإمارات ليس جديداً في إدانة كل عمل إرهابي عموما، وفي الحالة المصرية فموقف الإمارات ليس إلا تجسيداً لروح الأخوة الثابتة.
وفي كل حدث مؤلم كهذا يتوجب إظهار على كل العرب التضامن بين بلدان أمتنا العربية وتعميق التعاون لمواجهة الإرهاب، وهو الأمر الذي تعيه وتدركه جيداً كل من دولة الإمارات ومصر.
وأذكّر هنا بالزيارة التي قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدعم ومؤازرة دولة الإمارات عقب الاعتداءات الإرهابية لمليشيات الحوثي الانقلابية، ضد منشآت مدنية في الإمارات.
وكما كانت تلك الزيارة تعبيراً عملياً عن موقف مصر الثابت والمعلن دائماً بأن أمن واستقرار الإمارات وبقية دول الخليج العربي من أمن مصر، فإن موقف الإمارات الداعم والمساند لمصر في مُصابها الأخير، ليس إلا حلقة في سلسلة متواصلة من الوقفات والخطوات الإماراتية الداعمة لمصر وشعبها الشقيق.
إن قيادة الدولتين على وعي كامل وإدراك عميق بأبعاد الحرب المشتركة التي تخوضها ضد الإرهاب والتطرف، ولأنها حرب عابرة للحدود تتردد أصداؤها خارج النطاق المكاني للعمليات الخسيسة، التي يقوم بها الإرهابيون هنا أو هناك، كذلك فإن الإمارات ومصر تعتبران حرب الإرهاب حربا كونية بكل معنى الكلمة.
ولا يزال العالم العربي بخير ما دامت هناك دول به تدرك أهمية التصدي لظاهرة الإرهاب العالمي، وتكرس من فكرها ومواردها لهذه الحرب، ومن بين هذه البلدان تبرز دولة الإمارات، التي تدرك الأبعاد المترامية لخطر الإرهاب.
من هنا جاء التقاطع في الرؤى والاتساق في التوجهات والتعاون في الأساليب والأدوات بين مصر والإمارات. فالمشتركات بين الدولتين كثيرة في مختلف المجالات والقضايا، لكنها في هذا الملف الخطير ليست مشتركات وحسب، بل تطابقات في مختلف أوجهه، بما فيها الحالات التي تتعرض فيها الدولتان لعمليات إرهابية تكشف دناءة أهداف فاعليها.
فمثلاً، كل من الاعتداء الإرهابي، الذي استهدف الإمارات أواخر يناير الماضي، وذلك الهجوم الأخير في سيناء المصرية، وقعا في توقيت تعاني في المجموعات الإرهابية المسلحة من اليأس والإحباط بسبب الخسائر الميدانية المتوالية لها.
لذا فيمكن بسهولة رصد حالة التخبط والارتباك تسود كلا من مليشيا الحوثيين الإرهابية، التي استهدفت الإمارات قبل ثلاثة أشهر، وعناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في سيناء، التي هاجمت نقطة أمنية السبت الماضي.
فمن الواضح أن كلاً منهما خسر الساحة، التي كان يجيد ممارسة الإرهاب فيها، فكان اللجوء إلى ساحة أخرى، فاستهدف الإرهاب غرب سيناء بدلاً من شمالها أو جنوبها.
إن التنسيق والتعاون واستشعار الخطر وتحديد المصلحة بشكل مشترك، ليس فقط هو نتاج شعور التآخي والتفاهم الإنساني بين شعبي وحكومتي الإمارات ومصر، وإنما هو أيضاً ثمرة امتلاك قيادة الدولتين فكرا سياسيا يتسم بالذكاء والأمانة وحس وطني وقومي عربي عميق وبعيد المدى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة