ثمة توافق كبير في وجهات نظر البلدين، لا تخطئه العين، تجاه مجمل القضايا الإقليمية يكاد يصل إلى حد التطابق
الحفاوة الكبيرة التي استقبلت بها دولة الإمارات العربية المتحدة، على المستويين الرسمي والشعب، فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ليست مستغربة، فالعلاقات التي تربط البلدين الشقيقين تجاوزت الأطر التقليدية للتنسيق والتعاون بين الدول، ووصلت إلى مرحلة غير مسبوقة من التوافق في الرؤى والتوجهات والأهداف، جعلت منها، وبحق، نموذجاً يحتذى به فيما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول.
ثمة توافق كبير في وجهات نظر البلدين، لا تخطئه العين، تجاه مجمل القضايا الإقليمية يكاد يصل إلى حد التطابق، حيث يقف البلدان في خندق واحد في مواجهة الإرهاب وتنظيماته والقوى التي تدعمه، وكان للتحالف الإماراتي المصري في هذا الملف تحديدا دوره المهم والحاسم في وقف تمدد موجة التطرف والإرهاب في المنطقة
وما يميز هذه العلاقة النموذج بين الإمارات ومصر، أنها لا تقتصر على مجال محدد أو عدد قليل من المجالات، وإنما تتسم بأنها علاقات شاملة تمتد إلى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية وغيرها، كما أنها لا تقتصر على الجانب الرسمي فقط، وإنما تمتد إلى الجانب الشعبي؛ فعلاقات الود والمحبة والأخوة التي تربط الشعبين الإماراتي والمصري، والتي نلمسها بوضوح في الكثير من المناسبات والمواقف وفي التعليقات التي تصدر من أبناء الشعبين عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، شكلت أحد الأسس القوية التي كفلت للعلاقات بين البلدين التطور المستمر حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، وتشكل الأساس الذي ستنطلق منه إلى آفاق أرحب من التطور والتعاون في المجالات كافة مستقبلاً.
كما تستند هذه العلاقات إلى رصيد كبير من المواقف التاريخية والمشاعر الأخوية التي عززت علاقات الود والتعاون والمحبة بين البلدين والشعبين الشقيقين، فالشعب المصري الشقيق لا ينسى وقفات الشيخ زايد التاريخية مع مصر وشعبها، ولاسيما قراره التاريخي بقطع النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل ضد مصر في حرب أكتوبر/تشرين الأول المجيدة عام 1973، ومقولته الخالدة "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي"، والتي حفرت محبة الشيخ زايد، رحمه الله، في قلوب المصريين، كما هي محفورة في قلوب الإماراتيين. كما أن محبة الشيخ زايد لمصر انعكست بدورها في حب الإماراتيين جميعهم لها، فما يحبه زايد الخير يحبه أبناء الإمارات، فأبناء الإمارات لا ينسون وصية الشيخ زايد، رحمه الله، لأبنائه بأن يقفوا دائماً إلى جانب مصر، باعتبار أن ذلك هو الطريق لتحقيق العزة للعرب جميعاً، وهي الوصية التي التزم بها أبناء زايد الخير، وسارت على هديها قيادتنا الرشيدة الحالية في توثيق وتعزيز العلاقات مع الشقيقة مصر، والذي برز بوضوح في وقفة الإمارات التاريخية مع الشعب المصري، وتقديم جميع أشكال الدعم له لتجاوز الفترة العصيبة التي مر بها بعد أحداث ما يسمى الربيع العربي.
فضلاً عن ذلك، ترتكز العلاقات الإماراتية المصرية على قاعدة قوية من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل من كل طرف للطرف الآخر، فالإمارات تنظر إلى مصر باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز العمل العربي المشترك، وعمق عربي مهم لدول الخليج العربي، وقوة عربية كبرى لها دورها المهم والمؤثر في منظومة الأمن القومي العربي، في حين تنظر مصر إلى الإمارات باعتبارها نموذجا تنموياً رائداً، تسعى إلى الاستفادة منه في جهودها لدعم خطط التنمية والتطوير داخلها، كما تنظر مصر إلى الأمن في دول الخليج العربي باعتباره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وتؤكد باستمرار أن المساس بأمن دول الخليج العربي خط أحمر لن تسمح به. كما أن وجود جالية مصرية كبيرة في الإمارات تقوم بدور تنموي مهم في البلدين الشقيقين، وتشكل أداة فاعلة للتواصل الحضاري بين الشعبين الشقيقين، عزز من قوة العلاقة النموذج التي تربط البلدين.
وثمة توافق كبير في وجهات نظر البلدين، لا تخطئه العين، تجاه مجمل القضايا الإقليمية يكاد يصل إلى حد التطابق، حيث يقف البلدان في خندق واحد في مواجهة الإرهاب وتنظيماته والقوى التي تدعمه، وكان للتحالف الإماراتي المصري في هذا الملف تحديدا دوره المهم والحاسم في وقف تمدد موجة التطرف والإرهاب في المنطقة عقب أحداث ما سمى الربيع العربي، ولاسيما بعد الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية من الحكم عام 2013. كما يتفق البلدان على ضرورة التصدي لمحاولات القوى المناوئة التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية، وعلى ضرورة العمل المشترك على الحفاظ على كيان الدولة الوطنية العربية في مواجهة المليشيات المسلحة والمتطرفة ذات الأجندات الخارجية المشبوهة.
ليس ثمة خلاف اليوم على أن العلاقة التحالفية القوية بين الإمارات ومصر أصبحت تمثل ركيزة مهمة من ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، فالبلدان يعملان بشكل مشترك ووثيق على حماية الأمن والاستقرار الإقليمي وترسيخ قيم الاعتدال في مواجهة نزعات التطرف والإرهاب، بالتوازي مع تعزيز علاقات التعاون الثنائي بين البلدين بما يخدم مصالح شعبيهما الشقيقين في التنمية والرخاء، وما يحدث من تنسيق مستمر وتشاور دائم بين البلدين على أعلى المستويات، وبهذا الزخم والكثافة، من شأنه أن يسهم في تعزيز جهودهما المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية لشعبي البلدين ولشعوب المنطقة العربية كلها، ولاسيما في ظل البيئة الإقليمية والدولية الراهنة المليئة بالمخاطر والتحديات، والتي تحتاج إلى بناء وتبني مواقف عربية مشتركة وفاعلة ومتسقة تجاه مجمل التحديات المحيطة بمنطقتنا. فمرحباً بكم فخامة الرئيس المصري في وطنكم الثاني الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة