أكدت دولة الإمارات أن النظرة الاستشرافية لقيادتها الرشيدة وبنيتها التحتية التكنولوجية المتقدمة في وضع حلول مسبقة لمواكبة التحديات، هي مفتاحها لتخطي هذه الأزمة
أكدت دولة الإمارات أن النظرة الاستشرافية لقيادتها الرشيدة وبنيتها التحتية التكنولوجية المتقدمة في وضع حلول مسبقة لمواكبة التحديات والمتغيرات الطارئة، هي مفتاحها لتخطي هذه الأزمة.
اجتاح فيروس "كوفيد 19" المستجد حواجز الزمان والمكان، وجاءت دعوات التعلم عن بُعد، لتجتاح أيضا حواجز المكان والزمان، الاجتياح المكاني جعل غياب الحواجز المكانية الثابتة للارتقاء إلى عوالم مختلفة عن طريق شبكات الإنترنت الفسيحة وأما الاجتياح الزماني امتلك أدوات التخلص من روتين الذهاب والإياب ومزاحمة الآخرين بحثا عن سرعة الوصول إلى مكان ربما كان أضيق مما تحتمله رحابة العقول.
وأكدت دولة الإمارات أن النظرة الاستشرافية لقيادتها الرشيدة، وبنيتها التحتية التكنولوجية المتقدمة في وضع حلول مسبقة لمواكبة التحديات والمتغيرات الطارئة هي مفتاحها لتخطي هذه الأزمة.
فبرزت جهود استجابتها السريعة لمواجهة واحتواء الانعكاسات التي تحصل منذ ظهور الفيروس المستجد كوفيد-19 وخاصة على قطاع التعليم.
وقامت حكومة دولة الإمارات بعقد اجتماع للاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19 الذي يمثل تجسيدا لتوجيهات صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حفظه الله في عقد سلسلة من الجلسات المكثفة بمشاركة أكثر من 100 مسؤول حكومي على المستويين الاتحادي والمحلي، للبحث عن انعكاسات فيروس كورونا المستجد، ولاستكشاف أهم الفرص ووضع الإطار العام لاستراتيجية شاملة للمرحلة المقبلة في القطاعات الأكثر ارتباطا في حياة الناس.
وبرز في الجلسة التي عقدت عن بُعد، وتحدث فيها معالي الوزير حسين الحمادي وزير التربية والتعليم في دولة الإمارات ضمن اجتماع الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19، بما يسهم في دفع عجلة النمو والتطور وتعزيز مكانة الدولة وريادتها العالمية. وأكد معاليه أن أهمية هذا الاجتماع في متابعة حيثيات الأوضاع المستجدة وآليات عمل الوزارات ومؤسسات الدولة لمواجهة الظرف الصحي الراهن والاستعداد لمرحلة ما بعد كورونا من خلال الجوانب التالية:
مواكبة المتغيرات السريعة: مشيرا إلى أن هذه الأزمة مفاجئة وغير متوقعة وكان لها أثر قوي في جميع الدول، وخاصة في مجال التعليم، إلا أنها أظهرت جاهزية دولة الإمارات في اتخاذ التدابير اللازمة لاستكمال الدراسة خلال الأزمة عبر تفعيل منظومة التعلم الذكي، وبلغت نسبة الالتحاق 100% في المدارس الإماراتية في جميع مراحلها.
أكدت دولة الإمارات أن النظرة الاستشرافية لقيادتها الرشيدة وبنيتها التحتية التكنولوجية المتقدمة في وضع حلول مسبقة لمواكبة التحديات والمتغيرات الطارئة، هي مفتاحها لتخطي هذه الأزمــة
التعليم ما بعد كورونا: وذكر معاليه أن تفشي الفيروس نتج عنه حرمان 72% من طلاب العالم من التعلم، بينما القطاع التعليمي في الدولة مستمر حتى نهاية العام، مؤكدا أن دولة الإمارات ستبقى الأول عالميا في التعليم وأنها في المرحلة المقبلة ستركز على البحث العلمي وتطويره وتمكينه؛ باعتباره مصدر قوة الدولة في جاهزيتها واستعدادها للمستقبل، وشدد على أهمية تشجيع الجامعات على التعلم الذكي ووضع سياسات وأطر عمل وبرامج تدعم التعلم الافتراضي؛ لأن دور المعلم سيتغير في المرحلة المقبلة.
تكامل الجهود: وأكد معاليه ضرورة تحقيق التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص وتكثيف التعاون؛ لتعزيز جودة وكفاءة التعليم في الدولة، والتركيز على زيادة نسبة التحاق الطلاب في مجالات التعليم التطبيقية والتقنية والمهنية إلى 50%، لبناء اقتصاد معرفي مستدام يعزز من كفاءة الأداء في المرحلة المقبلة.
وأشار إلى أن التعليم في دولة الإمارات يحظى بخصوصية بالغة نظرا لاحتضانه أكثر من 200 جنسية، مما يتطلب تصميم شكل التعليم المستقبلي وابتكار منظومة جديدة تدعم ريادة دولة الإمارات في هذا القطاع.
حيث قامت وزارة التربية والتعليم بتفعيل نظام التعلم عن بُعد؛ كإجراء وقائي للحد من تفشي فيروس (كوفيد-19) والحد من آثاره، وقد تَكَيُّف المعلمين والتلاميذ والآباء بسرعة مع التعليم عن بُعد، الأمر الذي يمثل تحديا كبيرا للجميع بدون شك.
وكما نعلم بأن التعليم الإلكتروني كان مفاجئا، لأولياء الأمور على الأقل الذين يعتبرون هم، وأبناؤهم الفئة المستهدفة في عملية التعليم ككل، ولكن الوزارة أثبتت قدرتها بتكاتف مسؤوليها من معلمين وإداريين ووعي من أولياء الأمور بكتابة شهادة نجاح لهذه التجربة رغم وجود الكثير من التحديات.
خلال الأسابيع الماضية عمل المعلمون في المدارس والجامعات بدون كلل لإيجاد حلول وطرق وبرامج للتَعَلُّم عن بُعد، لتوفير حلول تعليمية مناسبة لأعمار تلاميذها، ولتقديم المحتوى المُناسب للتَعَلُّم عن بُعد والحفاظ على تواصلها مع تلاميذها.
ففي أكاديمية ربدان تم تفعيل منظومة التعليم عن بُعد لجميع الطلبة ولضمان نجاح هذه المنظومة تم وضع استراتيجية واضحة ومرنة للتعلم عن بُعد، تم وضعها وفق أعلى المعايير المحلية والعالمية، وقد أظهر طلاب الأكاديمية، نضجا ووعيا في استخدام الوسائل التقنية، وبرز أسلوبهم الإيجابي في التعامل مع تجربة «التعلّم عن بُعد»، مؤكدين أن النظام المطبق ساهم في رفع مهاراتهم الإلكترونية والمعرفية، ما يدفعهم للتعلّم الذاتي والاعتماد على النفس، والاجتهاد في البحوث للحصول على المعلومات من مختلف المصادر.
نتائج دراسة حول مستقبل التعليم العالي في أمريكا
أعتقد أننا سنشهد تنافس بين المدارس والجامعات والمعلمين ومنصات تكنولوجيا التعليم من جميع أنحاء العالم، ولن نرى بعد الآن تنافس المؤسسات التعليمية عبر المباني والمنشآت الجامعية الراقية، بل ستركز المؤسسات التعليمية على جذب المواهب البشرية، عبر استخدام الأموال للاستثمار، في توفير بيئة صحية للتعليم وتوفير التكنولوجيا المتطورة لكل من المعلمين والطلبة، من أجل تقديم نظام تعليم عن بُعد عالي الجودة.
هناك دراسة حديثة "لماكنزي" تطرقت لوضع ثلاثة سيناريوهات مستقبلية لمنظومة التعليم عن بعد في الجامعات الأمريكية، والتي ترتبط بحالة جائحة كورونا، ثم تقترح الدراسة كيف يمكن للمؤسسات أن تستجيب للظروف على المدى القريب والمتوسط؟
السيناريو الأول: (احتواء الفيروس) في الشهرين أو الثلاثة أشهر القادمة،
السيناريو الثاني: (تكرار/استمرار الفيروس) واستمرار الإجراءات التقييدية لعدة أشهر أخرى.
السيناريو الثالث: (تصاعد الوباء) حيث تفشل محاولات السيطرة على الفيروس لفترة طويلة من الوقت حتى تتوفر اللقاحات على نطاق واسع.
أما في حالة احتواء الفيروس فان التصور أن يتم إكمال الدراسة خلال الفصل الحالي بنظام التعليم عن بعد. على الرغم من أن الإجراءات الوقائية الصحية الإضافية ستكون ضرورية، إلا أنه سيتمكن الطلاب من العودة إلى الفصل الدراسي لفصل الخريف.
وفي السيناريوهين الآخرين الأكثر تشاؤما، سيستمر نظام التعليم عن بعد حتى عام 2020 وحتى عام 2021. وسيبدأ الفصل القادم حيث سيحرم طلاب السنة الأولى بالجامعات من حضور حلقات التوجيه في الحرم الجامعي، وبذلك يجب على الجامعات إجراء تغييرات طويلة المدى في مناهجها ومناهج التدريس. وتتطرق الدراســة لاحقا لتأثير الوباء على المعلمين، والآثار المترتبة على تسجيل الطلبة، والآثار المترتبة على البنية التحتية والآثار المترتبة على الاقتصاد.
وفي النهاية تتطرق الدراسة لبعض الإجراءات التي يمكن للجامعات مراعاتها في الأسابيع والأشهر المقبلة على سبيل المثال: إنشاء مركز متخصص متكامل يساعد قادة التعليم العالي على تخطيط وإدارة استجابتهم لـ (COVID-19) من خلال إنشاء فرق عمل ذات مجالات مسؤولية محددة.
ومقترح آخر إلى التركيز على الطلاب ودعم أعضاء هيئة التدريس والموظفين. بدءا بالتأكد من حصول الطلاب على كل المساعدة اللازمة بما في ذلك خدمات الصحة النفسية، والحفاظ على المعايير التعليمية. وكما يجب أن يحصل الكادر التدريسي على الدعم المطلوب لمواصلة أبحاثهم وتعلم كيفية التدريس بفعالية في بيئة عبر الإنترنت.
ومن خلال خبرتي في مجال التعليم التي تتعدى الخمسة عشر سنة وبالعودة لكلمة معالي وزير التربية والتعليم، والتقرير السابق من "ماكنزي" لا أعتقد أن التعليم بعد جائحة كوفيد (19) سيعود إلى سابق عهده فأنا أستشعر حدوث تغييرات عديدة ستبرز الحاجة إلى إعادة النظر في البنية التحتية التعليمية في المنطقة وتقييمها وإعادة هيكلتها بشكل قوي يساند هذه الثورة التعليمية، وأضيف أهمية الاستثمار في زيادة مهارات المعلمين في المجال التكنولوجي. كما سنشهد تغير بما يخص المناهج الدراسية حاليا تضع كل دولة مناهجها الخاصــة ولكن مستقبلا وبفضل البنية التحتية الرقمية العالمية أعتقد أن الطالب سيمتلك خيارات أكثر بما يخص تعليمه وسيمتلك الطالب حرية التعلم بالوتيرة التي تناسبه مع الانتباه لأكثر الأشياء التي يستمتع بفعلها.
ستمر هذه الأزمة بإذن الله تحت ظل قيادتنا الرشيدة، ويتوجب علينا جميعا أن نتكاتف لمواجهة التحديات سعيا نحو مستقبل تعليم أفضل لجميع أبنائنا.
وأخيرا، أنصح القيادات التعليمية بالاستفادة من النجاحات الحالية والبناء عليها، وألا نتردد في وضع الأنظمة المناسبة، وإعادة بناء البنية التحتية للتعليم من أجل توفير خيار بديل ومتكافئ مع التعليم التقليدي؛ لأن التعليم لم يعد حكرا على أحد فلنعمل معا؛ لتوفير أفضل فرص تعليم لأبنائنا ووضعها أمام الآباء والطلاب، وترك الخيار لهم فنحن من دولة لا ترضَ إلا بالأفضل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة