كان متوقعاً بل هو الطبيعي، ما قام به الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، حفظه الله، من تحرك إنساني كبير بالمبادرة إلى استضافة ألف طفل فلسطيني من مصابي الحرب في غزة برفقة ذويهم للعلاج في الإمارات وعلى نفقتها.
وفي هذا السلوك الإنساني واحد من ثوابت الإمارات العديدة تجاه أهلنا في فلسطين عموماً وغزة بشكل خاص. وهو ما يكفي ضمناً (وأبلغ من أي حديث) للرد على ما تعرضت له دولة الإمارات من حملة إعلامية للمزايدة على مواقفها التاريخية. وهي استضافة كفيلة بإخراس الألسنة التي حاولت استغلال مأساة الفلسطينيين الأبرياء لأغراض سياسية ضيقة، وتوظيفها لصالح أطراف لم تكن يوماً مهمومة بما يحدث للشعب الفلسطيني ولا باستقرار المنطقة وتنمية شعوبها.
لمن يدرك أبعاد مبادرة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، سيجد أن توقيت ومضمون وسياق ذلك العمل الأخلاقي، برهان على صدقية وقوة موقف الإمارات تجاه القضية والشعب الفلسطيني وهناك فرق بين من يستغل ما يحدث لتمرير شعارات وبين من يقوم بخطوات عملية وأفعال حقيقية، خصوصاً ما يتصل بأوضاع المدنيين وحياتهم فهم "الحلقة الأضعف" في هذه الأزمات المختلفة!!. سواءً كانوا أولئك المحاصرين في غزة، أو الموجودين في الضفة الغربية ومختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وللمبادرة دلالات مهمة من حيث توقيت اتخاذ رئيس دولة الإمارات قراره بتلك الخطوة الإنسانية الجريئة، كونها جاءت فوراً مع فتح معبر رفح لعبور المصابين والمرضى من الفلسطينيين المتضررين من العمليات العسكرية الجارية. بعد أن كانوا ممنوعين من العبور طوال الأسابيع الأربعة الماضية. فقد كانت دولة الإمارات تتحين الفرصة لتبادر إلى هذه الخطوة التي من شأنها إنقاذ حياة أكثر من ألف طفل فلسطيني، دون أي تأخير أو تفكير وهذا يدركه الشعب الفلسطيني في الداخل قبل غيره ولذلك المسألة لا تحتاج إلى المزايدات السياسية والإعلامية من أصحاب الأجندات والمشروعات السياسية في المنطقة، التي باتت مفضوحة.
ألف طفل فلسطيني مصاب مع ذويهم؛ يعني في الحقيقة ألف أسرة ستجد أمنا نفسيا بعد القلق وستجد أملاً جديداً لأطفالهم بشفائهم وسيكونون ضيوفاً أعزاء بين أهلهم في دولة الإمارات سيحتضنهم مجتمع دولة الإمارات كما احتضنهم القيادة، وسيلمسون بصدق مواقف دولة الإمارات تجاه الفلسطينيين وكل قضية عربية وإنسانية، سواءً من جانب الحكومة أو الشعب الإماراتي.
وستكون تلك العائلات الفلسطينية، رغم ما تمر به من مآسٍ وما تحمله من هموم، خير رُسل وأفضل من يُعبر عن مواقف دولة الإمارات تجاه الحقوق الفلسطينية وأهلها وحقيقة مواقفها وسياساتها والثوابت الأصيلة الراسخة في سياساتها منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وصولاً إلى الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة وقائد مسيرتها الحديثة والمستقبلية.
دولة الإمارات ليست بحاجة لأي تأييد أو شهادة من أحد تجاه واجبها في خدمة القضية الفلسطينية التي تنطلق من قيمها السياسية ومبادئ دبلوماسيتها، وهذا الأمر يدركه أهل فلسطين بأنفسهم لكن الرسالة ينبغي أن يصل مضمونها إلى أصحاب الأجندات ممن تمرسوا في المتاجرة بالقضية وبمأساة الشعب الفلسطيني سياسياً والذين يتحملون ما يحدث من مآسٍ وقتل لهذا الشعب الأعزل.
كما أن الرسالة يفترض أن تصل إلى من يرفعون شعارات حقوق الإنسان والمبادئ الإنسانية في الغرب، فهذه هي اللحظات الحقيقية لتحويل الشعارات السياسية إلى أفعال لإنقاذ الشعب الفلسطيني لأن فعل عكس ذلك هو أقرب لتأييد ذلك العقاب الجماعي الذي تقوم به القوات الإسرائيلية على شعب أعزل ذنبه الوحيد أن هناك من يستغل مأساته لتحقيق نتائج سياسية.
الرؤية الإماراتية حول الحق الفلسطيني واضحة، ونقية. فهي ضد كل من يمسك السلاح أو يمارس العنف بحق المدني المسالم أو يهدر حقوقه وينتهك آدميته. وهي مع ذلك الإنسان البريء فلسطينياً كان أو إسرائيلياً، مسلماً أو يهودياً، عربياً أو أجنبياً. فهي مع الإنسانية أياً كان هذا الإنسان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة