تحقق الحلم.. مسبار الأمل الإماراتي يصل إلى المريخ
نجح مسبار الأمل الإماراتي في دخول مدار الالتقاط حول كوكب المريخ، الثلاثاء، تتويجاً لجهود 7 سنوات من التحضيرات والاستعدادات.
وبوصول مسبار الأمل بنجاح إلى مدار المريخ، تصبح الإمارات خامس دولة في العالم تحقق هذا الإنجاز التاريخي، ضمن مشروعها العلمي النوعي لاستكشاف كوكب المريخ.
وتهدف المهمة الطموحة إلى تقديم أول صورة متكاملة للغلاف الجوي للكوكب الأحمر في مهمة تستمر لمدة سنة مريخية.
وتسعى الإمارات من خلال رحلة مسبار الأمل نحو المريخ، لتنفيذ مشروع عملاق يعزز الريادة الإماراتية في عالم الفضاء، وبناء أول مستوطنة بشرية على الكوكب الأحمر (المريخ) بحلول عام 2117.
ووصل عدد الأقمار الصناعية التي أرسلتها الإمارات إلى الفضاء خلال العقدين الماضيين إلى 11 قمراً، بينها 6 أقمار مخصصة للاتصالات عبر شركتي "الثريا" و"الياه سات"، و4 أقمار صناعية أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء، متخصصة في التصوير والاستشعار عن بعد وأيضاً في المجال التعليمي، إضافة إلى القمر الصناعي "مزن سات" الذي أطلقته الإمارات في سبتمبر/أيلول 2020.
رحلة مسبار الأمل
بدأت رحلة "مسبار الأمل" فعلياً كفكرة قبل سبع سنوات، من خلال خلوة وزارية استثنائية دعا لها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في صير بني ياس في أواخر العام 2013، حيث قاد عصفاً فكرياً مع أعضاء المجلس استعرض فيه جملة أفكار استعداداً للاحتفال باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد في العام 2021، وقد تبنت الخلوة يومها فكرة إرسال مهمة لاستكشاف المريخ، كمشروع جريء.
وعلى الإثر، أصدر الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في العام 2014 مرسوماً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء، لبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي إلى كوكب المريخ، أُطلق عليه اسم "مسبار الأمل"، بحيث يتولى مركز محمد بن راشد للفضاء التنفيذ والإشراف على مراحل تصميم المسبار وتنفيذه، بينما تمول الوكالة المشروع وتشرف على الإجراءات اللازمة لتنفيذه.
وقد شكل هذا الإعلان التاريخي منعطفاً تنموياً في مسيرة الإمارات، عبر دخولها قطاع تكنولوجيا الفضاء، وجعله رافعة أساسية في اقتصادها الوطني، بموازاة العمل على بناء رأسمال إماراتي بشري في مجال علوم الفضاء، وتخصيص الموارد اللازمة للاستثمار في هذا المجال.
ومنذ اليوم الأول للمشروع كان توجيه القيادة واضحاً، وهو أن يتم تصنيع المسبار وعدم شرائه جاهزاً، وكان هذا تحدياً جديداً، تحول إلى فرصة لإلهام جيل من العلماء والباحثين في مجال العلوم والتكنولوجيا لإحداث نقلة نوعية أو المساهمة في بناء اقتصاد مبني على المعرفة، وبناء قدرات الكوادر الوطنية العاملة في المشروع عبر تدريب وإعداد علماء إماراتيين للإسهام في مجال استكشاف الفضاء، بالتعاون مع الشركاء العلميين الدوليين للمشروع، بالإضافة إلى تدريب وإعداد مهندسين إماراتيين لتطوير أنظمة الفضاء، بما يؤدي إلى تجهيز البنية التحتية اللازمة لبرنامج مستدام في دولة الإمارات لاستكشاف الفضاء الخارجي، عبر بناء شراكات مع جهات دولية مختصة في مجال استكشاف الفضاء، بالإضافة إلى إنشاء وتحسين وتطوير البرامج العلمية والهندسية في القطاع العلمي والأكاديمي.
وقد عمل فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في مركز محمد بن راشد للفضاء على تصميم المسبار وبنائه وتطويره وإجراء الاختبارات اللازمة لأجهزته وأنظمته الفرعية مع شركاء نقل المعرفة العالميين، وتم بالفعل إنجازه وتجهيزه لمرحلة الاختبارات النهائية قبل الإطلاق في فبراير 2020، وتزامن ذلك مع قيام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بحضور عملية تركيب القطعة الأخيرة من المسبار، والتي تشكل الجزء الخارجي الأخير منه وتحمل أسماء أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حُكّام الإمارات، وتواقيعهم، وتواقيع أولياء العهود، كما تحمل عبارة "قوة الأمل تختصر المسافة بين الأرض والسماء"، بالإضافة إلى علم دولة الإمارات وشعارها "لا شيء مستحيل".
أول صورة متكاملة لطقس المريخ
وتتضمن أهداف "مسبار الأمل" تقديم صورة متكاملة للغلاف الجوي للمريخ للمرة الأولى في تاريخ المهمات المريخية، وتكوين فهم أعمق بشأن التغيّرات المناخية على سطحه، ورصد الظروف المناخية للكوكب الأحمر على مدار اليوم وبين الفصول، ومراقبة الظواهر الجوية، كالعواصف الترابية والتغيرات في درجة الحرارة، ودراسة تأثير التغيّرات المناخية في تشكيل ظاهرة هروب غازي الأوكسجين والهيدروجين من غلافه الجوي، عبر دراسة العلاقة بين طبقات الغلاف الجوي السفلية والعلوية، بالإضافة إلى كشف أسباب تآكل سطح المريخ، والبحث عن الروابط بين طقس اليوم والمناخ القديم للكوكب الأحمر، ومن شأن تحليل مناخ الكوكب الأحمر مساعدتنا على معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للحياة على سطح المريخ، واستشراف مستقبل كوكب الأرض، وسُبل الحفاظ على الحياة فيه.
وسوف يجمع مسبار الأمل أكثر من 1000 جيجابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ، بحيث يتم إيداعها في مركز للبيانات العلمية في الإمارات من خلال عدة محطات استقبال أرضية منتشرة حول العالم، وسوف يقوم الفريق العلمي للمشروع بفهرسة وتحليل هذه البيانات التي ستكون متاحة للبشرية لأول مرة، ليتم بعد ذلك مشاركتها مع المجتمع العلمي المهتم بعلوم المريخ حول العالم في سبيل خدمة المعرفة الإنسانية.
مسبار الأمل.. أمل العالم بإنجاز علمي
ويعد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أول مشروع عربي لدراسة الكوكب الأحمر، ومسبار الأمل هو محط آمال مئات الملايين من 56 دولة "عربية وإسلامية"، وهو مشروع طموح لتسجيل حضور علمي وبحثي عربي مشرّف في مجال استكشاف كوكب المريخ.
ويخدم هذا المشروع البشرية بشكل عام والمجتمع العلمي بشكل خاص، ويضع المعلومات التي يجمعها من خلال أبحاثه في كوكب المريخ من دون مقابل في متناول أكثر من 200 مؤسسة علمية ومركز أبحاث حول العالم، كما يرسخ مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ اهتمام شباب الدولة والعالم العربي لدراسة العلوم والرياضيات والهندسة والتكنولوجيا والتخصص فيها، كما يسهم مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في بناء كوادر إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء والابتكار والأبحاث العلمية والفضائية.
كما يسهم هذا المشروع العلمي الطموح في إحداث تحولات جذرية في تطوير قدرات دولة الإمارات والعالم العربي في مجال البنى التحتية الهندسية والصناعية والعلمية والبحثية.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yNTEg جزيرة ام اند امز