الاعتماد الأممي لتقرير الإمارات لحقوق الإنسان.. رسائل ودلالات هامة
ثقة دولية متزايدة في جهود دولة الإمارات لدعم وتعزيز حقوق الإنسان والحرص على تحقيق المزيد من الإنجازات في هذا الملف.
ظهرت تلك الثقة جلية في اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقرير دولة الإمارات الرابع للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان خلال الدورة الـ 54 للمجلس التي تعقد أعمالها في جنيف هذه الأيام.
أيضا ظهرت تلك الثقة بشكل واضح في إشادة وفود الدول المشاركة في الدورة والعديد من المنظمات غير الحكومية بجهود الإمارات الحقوقية، وتجاوبها مع التوصيات الواردة إليها والتزامها بتنفيذ التوصيات التي قبلتها في هذا السياق بما يساهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
ثقة دولية تتزايد وإشادات دولية مستحقة لتقرير دولة الإمارات الرابع للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان الذي قدمته للمجلس في مايو/أيار الماضي (والذي يُقدَّم كل 4 أعوام)، وكان بمثابة سجل حافل بالإنجازات الحقوقية في مختلف المجالات محليا ودوليا، وتضمن خارطة طريق لتحقيق المزيد من تلك الإنجازات، وبناء قواعد استدامتها.
ومنذ اعتماد تقريرها الوطني الثالث في مجلس حقوق الإنسان في شهر يونيو/حزيران 2018، قطعت دولة الإمارات خلال السنوات الأربع الأخيرة شوطاً كبيراً في تعزيز سجّلها في مجال حقوق الإنسان، على مستوى تطوير الآليات الوطنية والسياسات والتشريعات والاستراتيجيات، جنبا إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية والإنسانية والمبادرات المهمة على مختلف الأصعدة.
وبعد اعتماد تقريرها الوطني الرابع هذه الأيام، رسمت دولة الإمارات خارطة طريق لتحقيق المزيد من الإنجازات الحقوقية خلال السنوات الأربع المقبلة حتى تقديم التقرير الخامس، بل وأبعد من ذلك.
اعتماد التقرير
واعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقرير دولة الإمارات الرابع للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان خلال الدورة الـ 54 للمجلس التي تعقد أعمالها في جنيف خلال الفترة من 11 سبتمبر/أيلول حتى 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وترأس أحمد عبدالرحمن الجرمن، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف وفد دولة الإمارات المشارك في جلسة اعتماد التقرير.
وأكدت دولة الإمارات خلال الاجتماع، في الكلمة التي ألقاها الجرمن، أهمية الدور الذي تلعبه آلية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان بما يساهم بشكل فاعل في تبادل الخبرات والاطلاع على أفضل الممارسات الدولية على صعيد حقوق الإنسان.
رسائل هامة
الإمارات حرصت على توجيه رسائل هامة خلال الجلسة تؤكد حرصها على دعم وتعزيز ملفها الحقوقي.
وشدّدت دولة الإمارات على مواصلة جهودها نحو تعزيز وتطوير أطرها التشريعية والمؤسسية والسياسات الوطنية ذات الصلة بحماية حقوق الإنسان، حيث تمّ إبلاغ مجلس حقوق الإنسان بقبول 198 توصية.
وأكدت الإمارات أن عدداً كبيراً من هذه التوصيات تم تنفيذها بالفعل على أرض الواقع، موضحة أنه فيما يتعلق ببقية التوصيات فإن دولة الإمارات ستنفذها خلال السنوات الأربع والنصف المقبلة.
سجل إنجازات
التقرير الذي تم اعتماده، كانت الإمارات قد قدمته للمجلس في 8 مايو/أيار الماضي، وكان بمثابة سجل حافل بالإنجازات الحقوقية الإماراتية في مختلف المجالات محليا ودوليا.
وتضمن التقرير، بالحقائق والأرقام، التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات العربية المتحدة منذ استعراضها تقريرها الدوري الثالث في يناير/كانون الثاني 2018.
حقائق وأرقام تتضمن ما أحرزته دولة الإمارات في مجال الرعاية الصحية والتعليم وحقوق المرأة والطفل والشباب وكبار السن وذوي الهمم، على الصعيدين المحلي والدولي، معززة بشهادات وتقارير دولية تنصف الجهود الإماراتية وتشيد بها.
كما تضمن التقرير نماذج لمبادرات إماراتية ملهمة لنشر التسامح وتعزيز الأخوة الإنسانية، يجني ثمارها العالم أجمع اليوم، بعد أن اعتمدها العالم في أجندته الأممية، كاليوم الدولي للأخوة الإنسانية.
وأشارت شمّا بنت سهيل المزروعي وزيرة تنمية المجتمع الإماراتية في كلمتها أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف آنذاك إلى أن الفترة الممتدة من منتصف عام 2018 حتى نهاية عام 2022 شهدت تطورات إيجابية ومهمة في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان في دولة الإمارات، وذلك على ضوء عملية التطوير الشاملة التي تشهدها الدولة.
وعلى الصعيد التشريعي تم اعتماد أكثر من 68 تشريعا من عام 2019 إلى 2022، من أبرزها قوانين ومراسيم بقوانين اتحادية، بشأن المساواة في الرواتب بين الجنسين، والحماية من العنف الأُسَري، والإعسار، وقانون حماية الشهود ومن في حكمهم، والصحة العامة، والإجراءات المدنية، وقانون الأحوال الشخصية المدني لغير المسلمين.
وعلى مستوى تعزيز وتطوير الآليات الوطنية لحقوق الإنسان، أشارت المزروعي إلى إنشاء دولة الإمارات الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفقًا لمبادئ باريس بموجب القانون الاتحادي رقم (12) لعام 2021.
وأبرزت شمّا بنت سهيل المزروعي في كلمتها حول التقرير الحقوقي الإماراتي، ما تضمنه من مبادرات إماراتية ملهمة لتعزيز الأخوة الإنسانية ونشر التسامح في العالم أجمع.
ولفتت في هذا الصدد إلى اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بالإجماع باعتبار يوم 4 فبراير/شباط "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية"، تقديرا للمبادرة الإماراتية بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي في 4 فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة
وأوضحت أنه ترسيخا للقيم المشتركة والتعايش والتفاهم افتتحت دولة الإمارات بيت العائلة الإبراهيمية بأبوظبي في 16 فبراير/شباط الماضي، وهي مساحة تضم مباني متجاورة لمسجد وكنيسة وكنيس يهودي ومركز تعليمي، ليتوج جهود الدولة بنشر التسامح، بالإضافة إلى إطلاق عدد من جوائز التسامح والسلام مثل جائزة زايد للأخوة الإنسانية وجائزة محمد بن راشد للتسامح.
وفي إطار جهودها لدعم العمل المناخي العالمي، أبرزت المزروعي استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف بدورته الثامنة والعشرين COP28 في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في مدينة إكسبو دبي.
وسيركز المؤتمر على تنفيذ الالتزامات والتعهدات المناخية، والعمل معًا لاتخاذ إجراءات ملموسة، وإيجاد الحلول التي تسهم في التغلب على تحديات تغير المناخ، واغتنام الفرص لضمان مستقبل مستدام للأجيال الحالية والمستقبلية.
وعى صعيد جهود تمكين المرأة لفتت الوزيرة الإماراتية في كلمتها إلى إيمان دولة الإمارات بأن تمكين المرأة يعد شرطا أساسيا لضمان تحقيق رؤية الإمارات في صياغة مستقبل ريادي للدولة، في شتى مجالات الحياة.
وظهرت مظاهر هذا التمكين في نماذج عدة من أبرزها أن المرأة تمثل ثلث التشكيل الوزاري، و50% من عضوية المجلس الوطني في دولة الإمارات.
خارطة مستقبلية
ورغم تحقيقها فيضا من الإنجازات في مجال حقوق الإنسان، فإن دولة الإمارات أكدت عزمها على تحقيق المزيد، ورسمت خريطة طريق لتحقيق هذا الهدف.
جاء هذا خلال الكلمة التي ألقتها شمّا بنت سهيل المزروعي وزيرة تنمية المجتمع الإماراتية، وذلك خلال تقديم تقرير الإمارات الوطني الرابع في إطار الدورة الثالثة والأربعين للفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف.
كما أكدت الإمارات على هذا الطموح مجددا خلال الكلمة التي ألقاها أحمد عبدالرحمن الجرمن، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف وفد الدولة المشارك في جلسة اعتماد التقرير خلال شهر أكتوبر الجاري.
وقالت المزروعي إن "دولة الإمارات تعتبر أن تقريرها الوطني الرابع هو استكمال لخطة عمل بدأتها منذ اعتماد تقريرها الثالث عام 2018 وهي عازمة على المضي قدمًا للعمل على إضافة المزيد إلى سجل إنجازاتها في مجال حقوق الإنسان والمساهمة والتفاعل بشكل إيجابي مع الممارسات العالمية في هذا الشأن".
تعهد مهم، يعكس إرادة إماراتية قوية لتحقيق الريادة في مجال حقوق الإنسان بشكل مستدام.
ضمن تلك الرؤية الملهمة الشاملة، أكدت دولة الإمارات أنها تعتبر "الإنسان أولوية؛ ولذلك سخرت كل خطط وبرامج الدولة بهدف رعايته وضمان حقه في العيش بكرامة ورفاهية واحترام إنسانيته التي يصونها الدستور والقانون، وهذا ما أَكده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في أول خطاب له بعد تسلمه رئاسة الدولة العام الماضي بقوله: "إن شعب دولة الإمارات محور اهتمام الدولة وعلى قمة أولوياتها منذ نشأتها، وسيظل منهج سعادة المواطن ورعايته الأساس في كل خططنا نحو المستقبل".
خطة وطنية
وعلى الصعيد ذاته، أكد الجرمن خلال جلسة اعتماد التقرير خلال شهر أكتوبر الجاري أن دولة الإمارات تعمل حالياً على إعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان والتي تركز بشكل رئيسي على تنفيذ التوصيات التي تمّ قبولها في إطار المراجعة الدورية الرابعة.
وأوضحت الإمارات إنها ستواصل بذل جهودها لتعزيز التعاون الفني مع الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المنشأة وفقاً لمبادئ باريس.
كما أشارت إلى أنها ستعمل على تعزيز وتطوير عمل اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان باعتبارها آلية وطنية للتنفيذ والإبلاغ والمتابعة.
وتستمر دولة الإمارات في تعزيز ملفها حول حقوق الإنسان عبر تطوير منظوماتها التشريعية والتنظيمية بما يواكب النهضة الشاملة التي تشهدها على كافة المستويات، ويعزز النجاح المستمر لدولة الإمارات في بناء مجتمع أساسه العدالة والتسامح والانفتاح ضمن نسق القيم التي يقوم عليها مجتمعها.
تجربة رائدة
ومنذ تأسيسها أعطت دولة الإمارات أولوية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح، واحترام الحقوق، ودعم العمل الإنساني والإغاثي تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فعلى مستوى تعزيز وتطوير الآليات الوطنية لحقوق الإنسان أنشأ مجلس الوزراء الإماراتي في أكتوبر/تشرين الثاني 2019 اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لتكون حلقة الاتصال والتنسيق بين جميع أجهزة الدولة المعنية بشؤون حقوق الإنسان.
وبعد نحو عامين من إنشاء اللجنة، أنشأت الدولة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفقاً لمبادئ باريس في 2021، واستبقتها باستحداث وزارة للتسامح ووضع سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل، والمرأة، وكبار المواطنين، وأصحاب الهمم، والسجناء، كما تساهم على الصعيدين الإقليمي والدولي في تعزيز حقوق الإنسان.
ولم تكتفِ دولة الإمارات بدعم حقوق الإنسان منذ تأسيسها وحتى اليوم، بل رسخت الالتزام بها على مدار الخمسين عاما المقبلة، لتكون نهجا أبديا لها عبر وثيقة "مبادئ الخمسين".
وتتويجا لتجربتها الرائدة، فازت دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بعضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي للفترة 2022-2024، في إنجاز يعبر عن حجم التقدير والاحترام الدولي للإمارات ومكانتها ودورها وسجلها الحقوقي.
وسبق لدولة الإمارات أن شغلت عضوية مجلس حقوق الإنسان لولايتين متتاليتين على مدار 6 سنوات في الفترة (2013-2018)، حيث إن فترة ولاية أعضاء المجلس 3 سنوات، ولا يمكن إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين.
وعملت دولة الإمارات خلال عضويتها في تلك الفترة على دعم أجندة المجلس لا سيما في مجالات تمكين المرأة وحقوق الطفل وحقوق أصحاب الهمم إلى جانب الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وشاركت دولة الإمارات بفاعلية في عمل المجلس من أجل تعزيز احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.