الإمارات وكورونا.. تجارب ملهمة وإدارة ذكية للأزمة
منذ ظهور فيروس "كورونا"، تعاملت معه الإمارات باستراتيجية شاملة علميا وثقافيا واقتصاديا ما أسهم في الحد من انتشاره وتقليل تأثيراته
مثلت الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة لدولة الإمارات نحو المستقبل والتوجيه مبكرا بتأسيس بنية تحتية رقمية متطورة نموذجا ملهما لدول العالم في الاستباقية والجاهزية والتي أسهمت في إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد بطريقة ذكية والتصدي لتداعياتها على كافة القطاعات.
وقدمت دولة الإمارات تجارب رائدة في الإدارة الذكية لأزمة فيروس كورونا المستجد بدأت باتخاذ العديد من القرارات الاستباقية التي اعتمدت على الجاهزية والتقنيات المتطورة التي تتمتع بها كافة مؤسسات الدولة وتطويع التكنولوجيا لإنجاز المهام وتلبية المتطلبات اليومية لجمهور المتعاملين عن بعد والذي انعكست آثاره الإيجابية في الحفاظ على سلامة سكان الإمارات.
وجاء إعلان الإمارات عن التوصل لعلاج الالتهابات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" من خلال الخلايا الجذعية ليمنح البشرية الأمل في الحياة ويسهم في تطويق انتشار الفيروس الذي أصاب أكثر من ثلاثة ملايين شخص حول العالم ما يضع الإمارات في مصاف الدول الأولى على مستوى العالم الساعية إلى القضاء على هذا الفيروس.
ووفق وكالة الأنباء الإماراتية فإن حكومة الإمارات تقدم كافة الخدمات الحيوية لجميع المتعاملين عن بعد على مدار الساعة بكفاءة عالية عبر القنوات الذكية من خلال البوابة الرسمية للحكومة.
عمل وتعليم "عن بعد"
وأسهم قرار حكومة الإمارات بتفعيل نظام "العمل عن بعد" في الجهات الاتحادية في دعم استمرار انسيابية العمل وكفاءته في مختلف الجهات والقطاعات بالاعتماد على البنية التحتية التكنولوجية في الحكومة الاتحادية والمدعومة بالتقنيات والتكنولوجيا ذات المواصفات العالمية.
واعتمدت الوزارات والجهات الاتحادية على الوسائط التقنية والتكنولوجيا لعقد اجتماعاتها الداخلية والخارجية ما أسهم في أداء المهام والمسؤوليات المناط بها واستمرارية العمل في هذه الجهات وذلك وفق ضوابط وآليات لضمان المحافظة على كفاءة العمل وإنتاجيته من خلال بنية تحتية مشتركة تتيح للجهات كافة إمكانية الوصول إلى مجموعة من الموارد.
وجاء توجيه وزارة التربية والتعليم بتطبيق منظومة التعلم عن بعد التي استهدفت جميع طلبة المدارس ومؤسسات التعليم العالي في الدولة في إطار آلية تدريس ومتابعة وتقييم منهجية تضمن سير العملية التعليمية والتربوية بكل سلاسة وبما يترجم المستهدفات ويحقق أفضل النتائج.
والتحق بمنظومة التعليم الافتراضي أكثر من 1.2 مليون طالب وطالبة من مختلف المدارس والجامعات في الدولة حيث تتمتع الإمارات بواحدة من منظومات التعلم الذكي الأكثر تطورا وتقدما في المنطقة والتي تحتضن العديد من المشاريع والمبادرات الحيوية للتعلم عن بعد من بينها مشروع منصة "مدرسة" للتعليم العربي الإلكتروني التي توفر أكثر من 5000 درس تعليمي بالفيديو.
حلول طبية ذكية
وعلى الصعيد الصحي، واصلت وزارة الصحة ووقاية المجتمع منذ بداية ظهور الفيروس جهودها لإطلاق أحدث الحلول الذكية للتصدي لفيروس "كوفيد 19" حيث جاء إطلاق تطبيق "الحصن" المخصص للأجهزة والهواتف الذكية تتويجا لجهود الإمارات في تطويق انتشار الفيروس كونه يمثل منصة رقمية رسمية خاصة باختبارات فيروس كورونا المستجد بالإمارات.
ويجمع التطبيق مزايا وخصائص تطبيقي "TRACE COVID وSTAY HOME" إلى جانب كونه يضمن الحماية الفائقة لخصوصية المستخدم من خلال أفضل معايير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي.
أكبر مختبر
كما دشنت الإمارات أكبر مختبر على مستوى العالم - خارج الصين - لفحص وتشخيص الإصابة بفيروس كورونا المستجد بقدرات معالجة فائقة لإجراء عشرات الآلاف من الاختبارات بتقنية RT-PCR /تقنية تفاعل البوليمرز المتسلسل اللحظي/ يوميا لتلبية احتياجات فحص وتشخيص الإصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19".
بينما شكل افتتاح مراكز إجراء الفحص من المركبة تطورا مهما في مستوى إجراءات الفحص والتي باتت تشكل تحديا عالميا وتغطي المراكز أغلب مناطق الدولة وتتيح إجراء الفحوصات اللازمة خلال دقائق معدودة.
وتجلت جاهزية القطاع الصحي وقدرته على التعامل مع التحديات الطارئة في أزمة فيروس كورونا المستجد من خلال الإدارة الذكية وتطويع التقنيات المتقدمة في مواجهة الفيروس.
وخصصت وزارة الصحة ووقاية المجتمع مركز الاتصال الوطني على مدار الساعة للإجابة على استفسارات المراجعين دون الحاجة للحضور شخصيا.
إضافة إلى توفير مجموعة من الخدمات التي تلبي احتياجات المتعاملين بكل سهولة ويسر ودون الحاجة لمغادرة المنزل من خلال تطبيق وزارة الصحة ووقاية المجتمع وعبر الموقع الالكتروني من أي مكان.
الطبيب الافتراضي
كما أطلقت الوزارة الطبيب الافتراضي لفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" حيث بإمكان المراجعين التحدث معه عن الأعراض التي يشعرون بها ويتم الرد على استفساراتهم في زمن قياسي.
وكذلك تقديم الاستشارات النفسية من خلال إخصائيين نفسيين عبر الاتصال على خط الاستشارات النفسية الذي خصصته الوزارة للرد على المراجعين وذلك في إطار الحرص على الحفاظ على الصحة العامة للسكان.
وفي سياق متصل -أطلقت دائرة الصحة - أبوظبي و مركز أبوظبي للصحة العامة بالتعاون مع شركة "سال" المختصة في الذكاء الاصطناعي الموقع الإلكتروني الخاص بالتوعية بفيروس كورونا "كوفيد 19".
كما تعد "ملفي" أول منصة مبتكرة من نوعها في المنطقة التي توفر للمنشآت الصحية والعاملين في القطاع الصحي بأبوظبي إمكانية الحصول على بيانات طبية للمرضى ومشاركتها بطريقة آمنة تعزز جودة الخدمات ودعم جهود التصدي لفيروس "كوفيد-19".
ويعد مختبر الذكاء الاصطناعي إحدى المبادرات الرقمية التي أطلقتها دائرة الصحة في أبوظبي بهدف تعزيز ثقافة الابتكار وتحفيز سبل جديدة للعمل للمبدعين في القطاع الصحي لمواصلة تطوير باقة متكاملة من حلول الرعاية الصحية.
وتواصل منشآت أبوظبي الصحية التصدي لـ "كورونا" بـ "التطبيب عن بعد" والوصول إلى الخدمات الصحية وخدمات التشخيص الطبي المبدئي والتوجيهات والإرشادات الطبية اللازمة للحالات غير الطارئة بشكل آمن وسلس.. إضافة إلى تتبع المرضى المصابين بفيروس "كورونا" عبر تطبيق ذكي.
كما عززت "صحة أبوظبي" دور نظام " استجابة " لإدارة الطوارئ والأزمات في القطاع الصحي للإمارة الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط.
اكتشاف واعد
وجاء منح براءة اختراع من قبل وزارة الاقتصاد لعلاج إماراتي بالخلايا الجذعية مبتكر وواعد لالتهابات فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" والذي قام بتطويره فريق من الأطباء والباحثين في مركز أبوظبي للخلايا الجذعية تتويجا للجهود الوطنية الرائدة والمستمرة في التصدي لفيروس "كورونا" لحماية البشرية.
دعم الاقتصاد
وعلى الصعيد الاقتصادي، أطلقت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في دولة الإمارات العديد من المحفزات لدعم الاقتصاد الوطني ومجتمع الأعمال والأفراد في ظل الظروف المستجدة.
وشملت هذه المحفزات تقديم تسهيلات مصرفية للقطاعات الاقتصادية والشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى الأفراد ومنح إعفاءات وتأجيل مستحقات وغيرها من التسهيلات الأخرى.
وأصدرت وزارة الاقتصاد قائمة جديدة برسوم خدمات الوزارة تضمنت تخفيض رسوم 94 خدمة تقدمها الوزارة لجمهور المتعاملين من الأفراد والشركات وقطاع الأعمال وذلك بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 20 لسنة 2020 في شأن رسوم الخدمات التي تقدمها وزارة الاقتصاد.
كما أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات عن قائمة تضم تطبيقات العديد من المتاجر الإلكترونية في دولة الإمارات يمكن للمستهلكين استخدامها لشراء احتياجاتهم بكل يسر وسهولة مؤكدة أن هذه القائمة أولية وقابلة للتحديث خلال الأيام القادمة.
وفي سياق متصل، وفرت البنوك العاملة في دولة الإمارات تطبيقات لإنجاز المعاملات عن بعد فيما تم إطلاق خدمة التراخيص الاقتصادية بالكامل عبر منظومة "تم".
فيما أتاحت "أدنوك للتوزيع" مجموعة من خيارات الدفع الذكية بدون اللّمس في كافة محطاتها حفاظا على سلامة عملائها ومساعدتهم على الالتزام بممارسات "التباعد الاجتماعي" خلال رحلاتهم الضرورية.
واتخذت هيئة الأوراق المالية والسلع العديد من القرارات والإجراءات التي تضمنت التطبيق الإلزامي للتصويت الإلكتروني في الجمعيات العمومية بدلا من الحضور الشخصي للمساهمين وغيرها من القرارات الداعمة لاستمرارية الأعمال ودعم المستثمرين.
توعية ثقافية واحتفالات افتراضية
وعلى المستوى الثقافي، أطلقت وزارة الثقافة وتنمية المعرفة مبادرة "الثقافة عن قرب" على المنصات الرقمية بهدف تشجيع أفراد المجتمع على مشاركة المحتوى الثقافي والفني على منصات التواصل الاجتماعي بعد إغلاق المتاحف والمعارض والصالات الفنية في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من فيروس "كوفيد -19".
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، نظمت جائزة الشيخ زايد للكتاب احتفالا افتراضيا لتكريم الفائزين بالدورة الـ14 من الجائزة تم بثه عبر القناة الخاصة بالجائزة على "يوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماع في مبادرة منها للاحتفاء بالفائزين.
بينما شهدت الدورة الـ 13 للجائزة العالمية للرواية العربية 2020 الإعلان عن الرواية الفائزة إلكترونيا عبر بث فيديو على موقع الجائزة وذلك نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم وتتطلب الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية حفاظا على الصحة والسلامة العامة.
كما أطلقت هيئة الشارقة للكتاب "مهرجان الشارقة القرائي الافتراضي" عبر شبكة الإنترنت قدمت خلاله للجمهور مجموعة متكاملة من الجلسات الثقافية والنقاشية والشعرية والإبداعية وورش العمل تستضيف خلالها نخبة من الكتّاب والأدباء.
وعلى الصعيد الإعلامي، قرر المجلس الوطني للإعلام وقف تداول الصحف والمجلات و"المنشورات التسويقية" الورقية مؤقتا تماشيا مع التدابير الاحترازية بمواجهة فيروس كورونا المستجد جراء التداول اليومي للمطبوعات الأمر الذي قد يسهم في انتقال العدوى نتيجة ملامسة أعداد كبيرة من الأشخاص للصحف والمجلات والمنشورات.
وأسهمت البنية التحتية الرقمية المتطورة التي تمتلكها الصحف الإماراتية في تمكينها من مواصلة دورها المحوري في نشر الأخبار والقضايا الوطنية والمساهمة الفاعلة في جهود التوعية والتثقيف للوقاية من فيروس كورونا المستجد عبر منصاتها المختلفة.
وفي إطار الحلول الابتكارية الذكية لمواجهة "كورونا"، اعتمدت وزارة الداخلية تقنية الخوذات الذكية القادرة على رصد الأشخاص المحتمل إصابتهم بفيروس كورونا "كوفيد - 19" وذلك لاستخدامها من قبل الفرق الشرطية المختصة بالدولة.