الإمارات ترسم مستقبل النقل النظيف في الشرق الأوسط

تتجه دولة الإمارات بسرعة لتصبح رائدة «ملهمة» في مجال السيارات الكهربائية في الشرق الأوسط.
واعتبر تقرير نشره موقع "ريست أوف وورلد" إن الأهداف المناخية الطموحة، وتوسع البنية التحتية لمحطات الشحن، وتوفر مجموعة متزايدة من السيارات بأسعار متنوعة، يسهم في دفع هذه الثورة الكهربائية.
وشكّلت السيارت الكهربائية 13% من إجمالي مبيعات السيارات في عام 2023، وفقًا لأحدث بيانات وزارة الطاقة والبنية التحتية، مرتفعة من 3.2% في 2022 و0.7% فقط في 2021. وقد بيع نحو 260,000 مركبة جديدة في دولة الإمارات عام 2023، بحسب بيانات شركة "ستاتيستا" الألمانية.
تحول أخضر
ويعكس هذا التحوّل حقيقة إن التنقلات الخضراء باتت جزءًا أساسيًا من استراتيجية الدولة للتنويع الاقتصادي والاستدامة. وتهدف الإمارات إلى أن تشكل السيارت الكهربائية 50% من إجمالي السيارات على الطرق بحلول عام 2050، بحسب وزارة الطاقة والبنية التحتية.
ووفق موقع Rest of World: "دولة الإمارات ملتزمة بشدة بالتحول نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة. فالأسعار تنخفض، والطلب يرتفع، والبنية التحتية تتوسع بسرعة".
وبلغ عدد السيارت الكهربائية والهجينة في الدولة أكثر من 147,000 مركبة حتى عام 2023، في حين ارتفعت تسجيلات السيارت الكهربائية وحدها بأكثر من 25% سنويًا. أما في عام 2024، فقد بلغ إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في الدولة 316,000 وحدة.
وقد تتجاوز الإمارات هدفها لعام 2050 قبل الموعد المحدد، نظرًا لسرعة الابتكار واهتمام المستهلك، بحسب أليساندرو تريكامو، المسؤول عن قطاع النقل والخدمات في شركة "أوليفر وايمان" في دبي. وأضاف: "إذا كانت النرويج، وهي أيضًا دولة نفطية كبرى، استطاعت أن تصل إلى أكثر من 96% من مبيعات السيارات الجديدة من السيارت الكهربائية، فلا يوجد سبب يمنع الإمارات من تحقيق ذلك".
طلب مرتفع
والطلب على السيارت الكهربائية في الدولة مرتفع بالفعل: ما يقرب من ثلثي السكان يرغبون بجعل السيارت الكهربائية وسيلتهم الرئيسية للتنقل بحلول عام 2025، وفقًا لمسح مشترك أجرته شركة الفطيم، أكبر موزع للسيارات في الإمارات، وشركة "يوغوف" البريطانية لأبحاث السوق. وقال بول ويليس، رئيس شركة الفطيم، إن "النمو السريع في تبنّي مركبات الطاقة الجديدة يمثل مرحلة جديدة ومثيرة في مشهد التنقل داخل الإمارات".
وأضاف: "حقيقة أن الإمارات تعمل بنشاط على تنويع اقتصادها المعتمد على النفط تمهد الطريق نحو التحول الكهربائي وتقليل الانبعاثات في مختلف القطاعات، بما في ذلك النقل".
وتعود جذور الطفرة في قطاع السيارت الكهربائية إلى المبادرات المناخية الطموحة في الدولة. ففي يناير/كانون الثاني 2017، أطلقت الإمارات "استراتيجية الطاقة 2050"، وتبعتها في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بمبادرة "الحياد المناخي 2050"، وكلاهما يهدف إلى خفض الانبعاثات وزيادة حصة الطاقة النظيفة إلى 30% بحلول عام 2031.
وقال ويليس: "إنه مزيج من انخفاض التكاليف، وزيادة الوعي المناخي، والسياسات الحكومية. ولكن بشكل متزايد، يتعلق الأمر بالأداء أيضًا. فالسيارت الحديثة توفر قيادة سلسة وهادئة مع عزم فوري وميزات تقنية متقدمة تجذب المستهلكين المهتمين بالتكنولوجيا".
لقد تغيّرت نظرة المستهلكين للمركبات الكهربائية بشكل كبير، وأصبحوا ينجذبون إلى التصاميم العصرية، والميزات المتقدمة، وراحة القيادة الفائقة، بالإضافة إلى انخفاض تكاليف الملكية والصيانة، والوعي البيئي المتنامي، بحسب تريكامو.
منتجات متنوعة
وتقدّم الفطيم مجموعة متنوعة من السيارت الكهربائية تشمل علامات مثل تويوتا ولكزس، بالإضافة إلى علامات صينية مثل BYD وGAC Aion، مما يجعل السيارات الكهربائية في متناول شريحة أوسع من السكان. وتساعد الطرازات الجديدة مثل BYD Sealion 7 والنماذج الهجينة مثل Lexus LX 700h الشركة في الحفاظ على نمو مزدوج الرقم يتماشى مع أهداف الإمارات.
لكن القصة الحقيقية لا تتعلق باستبدال النفط، بل بخلق توازن ومرونة في اقتصاد مستعد للمستقبل، كما قال معتز لويس، الرئيس التنفيذي لشركة "سمارت موبيليتي إنترناشونال"، وهي موزع مركبات كهربائية مقره الإمارات. وأضاف: " السيارت الكهربائية والهيدروجينية ستلعب دورًا متزايدًا في المرحلة المقبلة".
ورغم أن أسعار الوقود في الإمارات لا تزال أقل بنحو 20% من متوسط الأسعار في الولايات المتحدة، وفقًا لحساباتRest of World، إلا أن السيارت الكهربائية تجذب المستهلكين بسبب انخفاض تكاليف التشغيل على المدى الطويل، وتلاشي القلق بشأن المدى بفضل توسع البنية التحتية للشحن، بحسب لويس.
وفي مايو/أيار 2024، أطلقت وزارة الطاقة والبنية التحتية مشروع "UAEV" بالشراكة مع شركة "اتحاد للماء والكهرباء"، لبناء شبكة شحن وطنية. ومن المتوقع أن تضم الدولة 1,000 محطة شحن عامة بحلول نهاية 2030، العديد منها سيكون من نوع الشحن السريع.
وتمتلك هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) حاليًا حوالي 740 نقطة شحن منتشرة في المدينة، وتهدف إلى زيادتها إلى 1,000 محطة بنهاية العام. وتخطط الفطيم لتوفير 10% من نقاط الشحن في الدولة بحلول 2030 عبر خدمة Charge2Moov، وهي حل متكامل للشحن في المنازل والشركات.
حوافز حكومية
وفي السنوات الثلاث الماضية، قدمت دولة الإمارات حوافز عديدة لأصحاب السيارات الكهربائية، مثل الشحن المجاني، ومواقف مجانية، وبطاقات عبور ذكية، إلى جانب سياسات تُلزم المطورين بتوفير بنية تحتية جاهزة للسيارات الكهربائية في المشاريع الجديدة، وتمويلات خضراء مبتكرة.
ويقول لويس: "نشهد الآن توجهاً أكثر تنظيمًا ومؤسسيًا. الأمر لم يعد مجرد حوافز مؤقتة، بل يتعلق بالبنية التحتية والاستدامة طويلة الأمد".
وقد لاقت هذه المزايا صدى لدى المستهلكين، إذ ينفق مالكو السيارت الكهربائية ربع ما ينفقه مالكو السيارات التقليدية على الوقود، بحسب ويليس، كما أن تكاليف الصيانة أقل بكثير نتيجة قلة الأجزاء المتحركة وفترات الخدمة الأطول.
وقد بدأت شركة Smart Mobility بالفعل بتوفير مركبات كهربائية موسّعة المدى (REEVs)، وهي مركبات تمتلك محركات كهربائية ومولدات داخلية تتيح مدى يتجاوز 1,000 كيلومتر. ولم تطرح أي شركة أخرى في الشرق الأوسط مثل هذه السيارات حتى الآن.
تدوير البطاريات
وسيصبح تدوير البطاريات وإعادة استخدامها أمرًا بالغ الأهمية مع تزايد حجم أسطول السيارات الكهربائية. وتعمل حكومة دولة الإمارات مع شركة "بيئة" لإطلاق أول منشأة لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية والهجينة في الدولة.
ومن الإجراءات الإضافية التي ستعزز التحول الكهربائي: فرض حد أدنى لنقاط الشحن في محطات الوقود والمراكز التجارية، وتشجيع المزيد من الشركات على دخول سوق الشحن، وفرض رسوم ازدحام. إن التحول نحو الكهرباء يحدث بسرعة تفوق توقعات الجميع. وبحلول نهاية عام 2025، قد تبدو سيارات البنزين وكأنها بقايا من الماضي، تمامًا مثل ركوب الخيل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNDgg جزيرة ام اند امز