نورة الكعبي وإحياء الموصل.. جهود إماراتية حثيثة لعودة الروح
قبل 4 سنوات عاشت مدينة الموصل فترة عصيبة عندما هدم إرهابيو "داعش" تراثها الثقافي في عملية تدمير ممنهجة استمرت أعواماً.
لكن مَن قال إن يد الإرهاب والتطرف أقوى من روح التسامح والسلام، ففي عام 2018 هبّت "اليونسكو" ودولة الإمارات لبث الروح في المدينة التاريخية من جديد عبر مشروع "إعادة إحياء الموصل".
ووقعت دولة الإمارات اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بشأن جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية في مدينة الموصل، عبر إعادة بناء وترميم الجامع النوري وكنيستي الساعة والطاهرة.
المشروع الضخم الذي دعمته الإمارات بنحو 50.4 مليون دولار، تشرف على تنفيذه ومتابعة أعماله وزارة الثقافة والشباب الإماراتية ممثلة في وزيرتها نورة بنت محمد الكعبي، التي لعبت على مدار سنوات دوراً بارزاً في مشروع إعادة إحياء وبث الروح في مدينة الموصل العراقية.
تعد الموصل واحدة من أقدم المدن في العالم وكانت لآلاف السنين نقطة تقاطع تجارية وفكرية وثقافية وجسراً يصل الشرق بالغرب والشمال والجنوب، وموطناً للملايين من خلفيات دينية وعرقية متنوعة يجمعهم الحب والتسامح والمبادئ الإنسانية.
ونتيجة للعنف والتطرف الذي شهدته المدينة في يوليو/تموز 2014 تأثر النسيج العمراني الموصلي، حيث دمّر الإرهابيون على مدى 36 شهراً من سيطرتهم على المدينة قرابة 80% من مشهدها العمراني، ولحق الدمار بمبانٍ تاريخية مثل الجامع النوري والمنارة الحدباء وكنيستَي الطاهرة والساعة، ومُنعت الموسيقى وأغلقت محال بيع الكتب والمكتبات.
دور نورة الكعبي في إعادة إحياء الموصل
منذ توقيع دولة الإمارات اتفاقية إعادة إحياء الموصل، لم تدخر وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية نورة الكعبي جهداً لمتابعة تنفيذ مخططات الإعمار وتسريع وتيرة العمل، لتستحق عن جدارة لقب "دينامو" المشروع.
أيضاً لم تترك أي فرصة تسنح لها إلا وتحدّثت عن تاريخ الموصل العريق، الذي يزخر بأيقونات تراثية، ومدى أهميته للتراث الإنساني والبشرية جمعاء، ليكون ذلك أحد أسباب إسراع الإمارات لإعادة إحياء المدينة.
وقالت الوزيرة الإماراتية، في تصريحات سابقة، إن "إعادة بناء وترميم كنيستي الطاهرة والساعة ومن قبلهما الجامع النوري ومنارته الحدباء يشكل رسالة ثقافية وحضارية قوية في مواجهة الممارسات والأفكار المتطرفة التي دمرت هذه المعالم الأثرية".
هذا المشروع يعد نموذجاً يبرز دور الإمارات في صون التراث العالمي والحفاظ على الموارد الثقافية، من خلال تبني مبادرات مستدامة تضمن حق الأجيال المقبلة في المواقع الأثرية والتراثية.
وقالت الوزيرة إنه "يعكس قيم دولة الإمارات الراسخة القائمة على مبادئ الأخوة الإنسانية والتسامح والتنوع الثقافي بين الديانات المختلفة".
أهمية مشروع إحياء الموصل
اهتمام نورة الكعبي بمشروع اليونيسكو جاء إيماناً منها بالأهمية التاريخية والثقافية لمدينة الموصل، باعتبارها "صلة الوصل وعاصمة الصناعات الإبداعية قبل آلاف السنين"، حسبما وصفتها.
وقالت الوزيرة في مقال لها بموقع "ناس نيوز" العراقي بعنوان "روح الموصل"، إنها "صلة الوصل وعاصمة الصناعات الإبداعية قبل آلاف السنين، وكانت أسواقها تشهد حركة ثقافية نشطة واشتهرت منذ القدم بتصاميمها المعمارية وفنونها الموسيقية، ونشرت إبداعاتها في مجال النظم والتلحين إلى مدن عربية كالقاهرة وحلب ودمشق".
لم تنس نورة الكعبي القيمة الثقافية للمدينة وأهمية تنوع نسيج الموصل، وتحدّثت عن ذلك في أكثر من مناسبة ودوّنته في مقالات صحفية.
وقالت في المقال ذاته: "المدينة القديمة في الموصل تضم بين أزقتها مئات المعالم التاريخية التي تشهد على عدد من العصور والحضارات والثقافات والديانات من أشهرها الجامع النوري ومنارته الحدباء والذي كان قبل 4 سنوات هدفاً لتنظيم داعش الإرهابي الذي دمّره وحوّله إلى ركام".
اختيار توقيت إطلاق مشروع "إعادة إعمار الجامع النوري" ليتزامن مع احتفاء دولة الإمارات في 2018 بمئوية الشيخ زايد له دلالة تحدثت عنها الوزيرة.
وقالت الكعبي، في مقال لها: "ليكون خيرَ ترجمةٍ لحرصنا على إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ودعم جهود الأشقاء العراقيين في التنمية والاستقرار ودفعة عجلة الإعمار انطلاقاً من قيمنا الثابتة في نشر قيم الإيجابية والوسطية والانفتاح ومحاربة التعصب والتطرّف الفكري والديني والثقافي".
فوائد مشروع الإعمار تخطت إحياء الأماكن التاريخية مرة أخرى، ليشمل تنشيط العديد من المجالات الأخرى داخل المدينة العريقة.
"هذا المشروع الحضاري الذي يمتد لخمس سنوات يبعث رسالة للشباب العراقيين عنوانها مستقبل أكثر إشراقاً، كونهم مشاركين فاعلين في مسيرة الإعمار"، وفقا للوزيرة.
أيضا يدعم المشروع بعد اكتماله السياحة الثقافية والتنمية في المجتمع الموصلي ويساهم في بناء مدينة حيوية مزدهرة تنشر قيم التسامح والمصالحة والانفتاح وتعود لسابق عهدها منبراً للعلم والثقافة، حسب تصريحات سابقة للوزيرة أوردتها وكالة أنباء الإمارات.
كما أن المشروع يستثمر بشكل أساسي في مهارات وقدرات الشباب الموصلي، وفقاً للوزيرة، مضيفة: "أطلقنا بالتعاون مع منظمة الإيكروم برنامجاً تدريبياً لبناء قدرات 100 شاب عراقي في مجالات الآثار والعمارة والحرف اليدوية".
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA== جزيرة ام اند امز