الإمارات وعُمان.. شراكة تقود لمستقبل زاهر
آفاق رحبة ومستقبل واعد ينتظر علاقات الإمارات وسلطنة عمان بتوجيهات ودعم قيادات البلدين، بما يسهم في تنمية ورخاء وازدهار البلدين.
ويجري السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، زيارة دولة إلى دولة الإمارات، اليوم الإثنين، يبحث خلالها مع أخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، العلاقات الأخوية التاريخية المتجذرة ومسارات التعاون والعمل المشترك في مختلف المجالات بما يخدم مصالح البلدين المتبادلة ويلبي تطلعات شعبيهما الشقيقين.
كما يبحث الزعيمان مجمل القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.
وأوضح بيان صادر عن ديوان البلاط السُّلطاني أن الزيارة تأتي "توطيدًا للعلاقات التاريخية المتينة بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتجسيدًا لروابط الأخوّة والألفة وحسن الجوار القائمة بين البلدين الشقيقين، وحرصًا من قيادتيهما على تعزيزها والأخذ بها إلى آفاق أرحب وأشمل".
زيارة تعد محطة مهمة على طريق تطوير وتعزيز العلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين، والتي شهدت نقلة نوعية بعد الزيارة التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للسلطنة 27 سبتمبر/ أيلول 2022، وتم خلالها توقيع 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
زيارات متبادلة
وما بين الزيارتين، جرى تبادل العديد من الزيارات بين مسؤولي البلدين لتعزيز العلاقات بينهما على مختلف الأصعدة، الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وفي مجالات التعليم والصناعة والسكك الحديدية وغيرها.
زيارات شهدت مشاورات ومباحثات لتعزيز التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة وبحث سبل تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، بما يسهم في رسم خارطة طريق مستقبلية لعلاقات أخوية متنامية ومستدامة تسهم في رخاء وازدهار البلدين والمنطقة.
فقبل شهر، استقبل الدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير التربية والتعليم الإماراتي، الدكتورة رحمة المحروقية، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في سلطنة عُمان، والوفد المرافق لها في مقر الوزارة بأبوظبي يوم 5 مارس/ آذار الماضي، في زيارة تم خلالها بحث سبل التعاون المشترك ومناقشة الفرص المستقبلية بين البلدين الشقيقين في مجال التعليم.
زيارة جاءت بعد نحو أسبوع من مشاركة غرفة تجارة وصناعة الشارقة في فعاليات منتدى صحار للاستثمار الذي عقد يومي 26 و27 فبراير/ شباط الماضي في ولاية صحار بمحافظة شمال الباطنة بسلطنة عُمان، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين.
وخلال الشهر نفسه، شاركت السلطنة بوفد رفيع المستوى في القمة العالمية للحكومات التي عقدت في دبي خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير/ شباط، وشارك فيه قادة الفكر والخبراء العالميين وصناع القرار من جميع أنحاء العالم للمشاركة والمساهمة في تطوير الأدوات والسياسات والنماذج التي تعتبر من ضروريات تشكيل الحكومات المستقبلية.
أيضا شاركت الإمارات بفعالية كبيرة، في الدورة الثامنة والعشرين من معرض مسقط الدولي للكتاب الذي نظمته وزارة الثقافة والرياضة والشباب بسلطنة عمان خلال الفترة من 21 فبراير/ شباط وحتى الثاني من مارس/ آذار الماضي.
وجاءت مشاركة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في معرض مسقط الدولي للكتاب2024، إبرازا وتأكيداً على العلاقات القوية والمتينة بين الإمارات وسلطنة عمان الشقيقة لا سيما في المجال الثقافي الذي له دور كبير في ترسيخ مكانة البلدين إقليميًا وعالميًا، إذ تعتبر الثقافة واجهة مهمة تعبّر عن تاريخ وإرث وحضارة البلدين الشقيقين.
أيضا ضمن الزيارات الهامة، أجرى ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عمان زيارة للإمارات، التقى خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ بأبوظبي- 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتبادل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع وزير الثقافة والرياضة والشباب في السلطنة الأحاديث الودية، التي تعبر عن متانة أواصر الأخوية التاريخية التي تربط دولة الإمارات وسلطنة عمان وشعبيهما، وبحثا سبل تعزيز علاقات التعاون والعمل المشترك بين البلدين، خاصة في المجالات الثقافية والرياضية والشباب.
وخلال الزيارة نفسها قام ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان، يرافقه الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، بزيارة متحف اللوفر أبوظبي.
وأعرب الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان وذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد عن تقديرهما للسرديات الثقافية المقدمة، والتراث المشترك الذي يعرضه المتحف، مؤكدين أهمية الدور الحيوي لهذه المساحات الإبداعية في تعزيز الروابط الثقافية للبلدين الشقيقين.
وزار ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد والشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، بيت العائلة الإبراهيمية الذي يضمُّ ثلاث دور للعبادة، وتجوَّلا في هذا المَعلم الحضاري والثقافي، وأشادا برسالة بيت العائلة الإبراهيمية من أجل التعايش والسلام والأُخوَّة الإنسانية.
وجاءت تلك الزيارة بعد نحو شهر من زيارة الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء، رئيس مركز الشباب العربي، مسقط، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
زيارة التقى خلالها ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب العماني، حيث جرى خلال اللقاء، بحث جوانب التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين وبشكل خاص تمكين الشباب وبناء القدرات وتبادل الخبرات والتجارب لدعم مسيرة تطور الشباب الإماراتي والعماني.
وقبل تلك الزيارة بشهرين استقبل السُّلطان هيثم بن طارق، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة الشارقة خلال زيارة للسلطنة 26 سبتمبر/أيلول الماضي، جاءت بعد 3 شهور من زيارة مماثلة للشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة حاكم إمارة رأس الخيمة في 13 يونيو/حزيران الماضي.
وجرى خلال اللقاءين استعراض مسيرة العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين الشقيقين في ظلّ ما يربطهما من أواصر تاريخية مشتركة، إضافة لبحث أوجه التعاون الثنائي المشترك في كل المجالات التي تخدم المصالح المتبادلة للشعبين العُماني والإماراتي، بالإضافة لبحث عدد من الأمور ذات اهتمام الجانبين.
أيضا على الصعيد السياسي، شارك الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، في الاجتماع الوزاري الخليجي الاستثنائي الذي عقد في مسقط في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وتم خلالها الإعلان عن رصد 100 مليون دولار لإغاثة أهالي قطاع غزة.
وعلى هامش أعمال الاجتماع، استقبل السلطان هيثم بن طارق، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان ووزراء الخارجية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأحداث الجارية في المنطقة، وأكد السلطان هيثم بن طارق أهمية تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد والعنف وتوفير الحماية للمدنيين.
كما تطرق اللقاء إلى مسيرة العمل الخليجي المشترك والتعاون والتنسيق المثمر بين دوله وسبل تعزيزه بما يعود بالخير على شعوب دول مجلس التعاون الخليجي.
16 اتفاقية
زيارات ومباحثات ترسم خارطة طريق مستقبلية لعلاقات أخوية متنامية ومستدامة تسهم في رخاء وازدهار البلدين والمنطقة، ترجمة لرؤى قيادتي البلدين التي تجسدها زيارة السلطان هيثم بن طارق إلى الإمارات، كما جسدتها قبل ذلك زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى سلطنة عمان شهر سبتمبر/أيلول 2022، والتي توجت بتوقيع 16 اتفاقية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
ومن أبرز الاتفاقيات التي تم توقيعها اتفاقية تعاون بشأن مشروع ربط السكك الحديدية بين البلدين.
وتتضمن الاتفاقية تأسيس شركة "عُمان والاتحاد للقطارات" المملوكة بالمناصفة بين الجانبين، بهدف تصميم وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية تربط ميناء صحار بشبكة السكك الحديدية الوطنية في دولة الإمارات، باستثمارات إجمالية للمشروع بقيمة 3 مليارات دولار.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقد مجلس إدارة شركة عُمان والاتحاد للقطارات اجتماعاً في مسقط، تم خلاله مناقشة إنجازات المشروع، إلى جانب استعراض سير الأعمال التمهيدية، وعمليات طرح المناقصات لمختلف القطاعات، والحلول الهندسية المبتكرة المستخدمة، والشراكات التي تم التوصل إليها في مجال الحلول اللوجستية المتكاملة.
آمال وتطلعات
وتكتسب زيارة الدولة التي يقوم بها سلطان عُمان هيثم بن طارق ولقاؤه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهميةً كبيرة للدفع بالعلاقات الثنائية الوثيقة خطوات أخرى ملموسة وواسعة عبر التنسيق والتكامل في كل المجالات تحقيقًا للمصالح المشتركة والمتبادلة وتعزيزًا لكل ما يُسهم في تحقيق المزيد من تقدم ورفاهية الشعبين في جميع المجالات.
ويرتقب أن تشهد الفترة القادمة تعزيز التعاون بين البلدين على أكثر من صعيد، وخاصة بعد زيارة سلطان عمان إلى الإمارات وما سيتم خلالها من مباحثات وما سيترتب عليها من نتائج، ستسهم في تعزيز علاقات البلدين على مختلف الأصعدة.
ويتطلع الشعبان الإماراتي والعماني بآمال كبيرة إلى أن تضع تلك الزيارة وما سيتخللها من مباحثات لبناتٍ جديدةً على مسار التعاون بين البلدين بما يقود إلى أفاق واعدة ومستقبل زاهر يصب في صالح البلدين والمنطقة والعالم أجمع.