الإمارات.. نجاح مؤسسي في محاربة القرصنة على سواحل الصومال
الدور الإماراتي المؤسسي ملموس على صعيد مواجهة ظاهرة القرصنة البحرية أمام سواحل الصومال، ومشهود على الساحتين الإقليمية والدولية.
تنامت في السنوات الأخيرة حركة الملاحة الدولية تحت مظلة تشريعية أممية وتشريعات وطنية في مختلف الدول تحمي حرية الملاحة التي تتسق مع اتساع رقعة اتفاقات التبادل التجاري بين شرق العالم وغربه وشماله وجنوبه.
وكعادتها في العمل المؤسسي الذي يستند لخطط واستراتيجيات قصيرة وبعيدة الأمد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة مبكرا لمواجهة أحد أبرز التحديات التي تواجه الملاحة الدولية وخطوط التجارة البحرية وهي القرصنة البحرية، خاصة وقد تزايدت تهديدات ومعدلات القرصنة البحرية في السنوات العشر الأخيرة، لاسيما على السواحل الصومالية وخطوط الملاحة البحرية في المحيط الهندي، التي باتت قبل سنوات قريبة إحدى أخطر بؤر القرصنة.
- سياسي سوداني لـ"بوابة العين": قطر تدعم حركة الشباب الإرهابية بالصومال
- إشادة أممية بالجهود الإماراتية في دعم التنمية في الصومال
وفي هذا السياق، طرحت الإمارات مبادرات عديدة على مدار أعوام من شأنها مواجهة شبح القرصنة الذي ألقى بظلاله على الوضع الأمني والاستقرار الإقليمي والدولي، ليس أقلها استضافة دبي عبر الخارجية الإماراتية وموانئ دبي العالمية لمؤتمرات دولية تعنى بصياغة أطر ومنهجية مشتركة لمواجهة القرصنة البحرية، بتنظيم مشترك من قبل وزارة الخارجية.
تحرك الإمارات بشكل مؤسسي شامل وتعاون إقليمي ودولي يتسق والسعي العالمي الدؤوب للتصدي لمشكلة تكلف سنويا ما يربو على 15 مليار دولار، وفي سبيل ذلك اتخذ مجلس الأمن الدولي عددا من القرارات الرامية إلى مواءمة المجتمع الدولي في رد منسق ضد القرصنة الصومالية.
وتشاركت 60 دولة عضوة، على رأسها دولة الإمارات العربية المتحدة في فريق اتصال يعني بالقرصنة قبالة سواحل الصومال أطلق عليه اختصارا (CGPCS) ساهمت جهوده إلى حد كبير في المساعدة في وضع حلول لوباء القرصنة، ولم يعد العالم يستيقظ كما كان في العقد الأول من القرن الحالي على عمليات قرصنة واسعة قبالة السواحل الصومالية استهدفت ناقلات نفط وسفن تجارية، بالإضافة إلى عمليات الاتجار بالبشر وتجارة المخدرات العابرة للحدود.
وتتبنى شركات النقل البحري وموانئ دبي العالمية ودولة الإمارات بشكل عام عبر تشريعاتها وإجراءاتها وبشكل متزايد أفضل الممارسات الإدارية التي أثبتت جدواها للحد من مخاطر هجمات القراصنة.
مبعث التحرك الإماراتي الواسع كان التزايد غير المسبوق للقرصنة البحرية أواخر القرن الماضي وخلال السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين، خاصة في منطقة المحيط الهندي تزامنا مع الحرب الأهلية في الصومال منذ تسعينيات القرن الماضي التي أنهكته وأضعفت قواه الأمنية عن مواجهة عمليات القرصنة، وكان لا بد من تحرك إقليمي ودولي لوضع حد لتهديد الأمن الملاحي، ومجابهة التحديات الأمنية جراء عمليات القرصنة والسطو المسلح في البحر والإرهاب والاتجار بالبشر والتنقل غير القانوني للأشخاص والاتجار بالمخدرات والاتجار غير المشروع في الحياة البرية والاتجار بالأسلحة والجرائم في قطاع مصايد الأسماك مثل الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، وتدهور صحة المحيطات، والاستغلال غير القانوني للموارد البحرية وتغير المناخ مع تداعياته ذات الصلة.
نماذج لجهود الإمارات للتصدي للقرصنة
استضافت دبي في أكتوبر/تشرين أول 2014 أعمال "المؤتمر الدولي الرابع لمكافحة القرصنة البحرية" شارك فيه وزراء خارجية عدد من الدول ونحو 400 مسؤول من مختلف دول العالم وعن "المنظمة البحرية الدولية" إلى جانب عدد من قادة القطاع وممثلي منظمات الرعاية الاجتماعية ومجموعة كبيرة من التنفيذيين في كبريات شركات الشحن البحري العالمية والخبراء المعنيين.
وخلال المؤتمر، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي أن مكافحة القرصنة البحرية تمثل أولوية قصوى لدولة الإمارات العربية المتحدة، موضحاً أن للدولة مصلحة قوية في أمن وانسيابية الممرات البحرية الدولية، كما نوه إلى الانخفاض الملحوظ في عدد هجمات القراصنة.
في 2015 نظمت "موانئ دبي العالمیة" في دبي عديدا من ورش العمل حول مكافحة القرصنة البحریة ھدفت إلى رسم استراتيجيات واضحة وخطوات عملية لمكافحة القرصنة البحریة.
في مايو 2014 أعدت "موانئ دبي العالمیة" تقریرا مھما قدمته إلى الجمعیة العامة السادسة عشرة لمجموعة الاتصال حول القرصنة قبالة شواطئ الصومال التي عقدت في المركز الرئیسي للأمم المتحدة في نیویورك مایو/أيار 2014.
خطوات على الأرض
في أبريل/نيسان 2011 قادت القوات الإماراتية الخاصة لمكافحة الإرهاب التابعة للقوات المسلحة الإماراتية عملية ناجحة لتحرير سفينة "إم في أريله" التي ترفع علم الإمارات من أيدي القراصنة في المنطقة الواقعة شرق عُمان في بحر العرب، في تجربة عملية أظهرت كيف أن دولة الإمارات لا تتهاون مع الإرهاب أو تستجيب لعمليات الابتزاز التي يقوم بها القراصنة من خلال عمليات الاختطاف التي ينفذونها ويطلبون على ضوئها مبالغ مالية كبيرة تصل إلى ملايين الدولارات.
وتسخر الإمارات جانبا من جهود أبنائها وأبطالها من القوات الخاصة الإماراتية لمكافحة الإرهاب ووحدات القوات الجوية والدفاع الجوي لمكافحة عمليات القرصنة البحرية خاصة ما يهدد سلامة أمنها واقتصادها الوطني، بما يتفق مع المقررات الدولية والأممية الخاصة بمكافحة الإرهاب والقرصنة، بالإضافة إلى جهود كبيرة بذلتها القيادة الإماراتية لدعم الجيش الصومالي للاضطلاع بمهامه ومجابهة المخاطر الأمنية قابلتها حكومة فرماجو بنكران الجميل، وذهبت لأحضان ممولي الإرهاب في الدوحة، وحتى أخطر جماعات الإرهاب في الصومال من داعش والقاعدة والشباب.
وبلسان الحال، وقبل أن تشهد دولة الصومال انتكاسة سياسية وأمنية تحت قيادة فرماجو، أشاد شيخ شريف شيخ أحمد رئيس الصومال السابق بالدور الإماراتي الملموس على صعيد مواجهة ظاهرة القرصنة البحرية أمام سواحل الصومال.
وطالما أقر رئيس الصومال الأسبق بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان إلى دولة الإمارات العربية لدورها البارز والمؤثر بالنسبة للمسألة الصومالية خاصة محاربة ظاهرة القرصنة البحرية.
وبلسان الحال أيضا، أشاد مايكل كيتينج، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصومال، (في نوفمبر/تشرين أول 2017) بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم الصومال في المجالات كافة، بما يدعم مسيرة الأمن والاستقرار في هذا البلد.
وثمن المسؤول الأممي دور الإمارات البارز في دعم عملية بناء السلام والمصالحة الوطنية بين الأطراف الصومالية، إضافة إلى المشاريع التنموية والإنسانية التي تنفذها دولة الإمارات في مختلف المناطق والأقاليم الصومالية.