دأبت دولة الإمارات على تجسيد قيمها الحضارية والإنسانية من خلال ممارسات عملية تركت بصمتها في أكثر من مكان وعلى أكثر من صعيد.
البُعد الإنساني بشموليته شكّل أحد العناوين الناصعة في مسيرة دولة الإمارات منذ مرحلة التأسيس على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وصولا إلى رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، لهذا الجانب، حيث تم نقله والارتقاء به إلى مصاف العمل المنظم وإضفاء الطابع التنموي على العمل الخيري والإنساني وتحويله من مجرد صيغة دعم محدود إلى فرصة تتمتع بالديمومة والاستمرار.
المساعدات وعمليات الإغاثة، التي قدمتها الإمارات للسودان وباكستان بعد النكبة الكبيرة، التي تعرض لها كل منهما جراء الفيضانات والسيول العارمة التي اجتاحتهما، أسهمت في الحد من التبعات الأكثر خطورة على الناس والثروات الطبيعية والمحاصيل الزراعية.. وجاءت بلْسمًا لجروح عشرات الآلاف من الباكستانيين والسودانيين المتضررين، الذين تقطّعت بهم السُّبل دون مأوى ودون توفر ما يقتاتون.
ليست سابقة في عُرف دولة الإمارات أن تتصدى لنداء الواجب الأخوي والإنساني، فسجلُّها على مدار عشرات السنين حافلٌ بالمواقف النبيلة، وبمروءتها التي تتعدّى الحسابات الضيقة، وتتطلع إلى دورها في هذا العالم، انطلاقًا من معاييرها الإنسانية وحسب، دون تمييز بين عرق وجنس ولون.
فرادة العمل الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة تنبع من المنهجية العلمية، التي ترسمها سياسات ثابتة من جانب القيّمين على مؤسسات الدولة الرسمية، وبمشاركة قطاعات إنتاجية وتنموية. تتقاطع في هذا المضمار جُملة من القيم المجتمعية والإنسانية الراسخة، التي تشكّل وعاءً حاضنًا لها، ودافعًا متجددًا نحو تطويرها.
عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية الإماراتية لضحايا الكوارث الطبيعية والمُناخية تشهد نموًّا مطردًا، لأنها تشكل رُكنًا أساسيًّا من ركائز العمل المؤسساتي لدولة الإمارات، تتجاوز حدود ردّات الفعل وتستند إلى رؤية مدروسة تتسق مع متطلبات العمل الإغاثي الإنساني العالمي، الذي تديره وتنفذه منظمات دولية وهيئات أممية متخصصة في هذا المجال، وهو ما جعل دولة الإمارات ركيزة أساسية في بناء المنظومة العالمية لمواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية من خلال مبادراتها ونهجها الإنساني القائم على تقديم العون والإغاثة لمستحقيها.
تتنوع سياقات العمل الإغاثي والإنساني لدولة الإمارات تبعًا للاحتياجات، التي تفرضها الظروف الناشئة في المناطق أو البلدان المنكوبة. قوافل إغاثية تغطي مختلف القطاعات والشرائح المتضررة.. وفي مقدمتها الإنسان، الذي يشكل جوهر أهداف العمل الإغاثي الإماراتي.
جسور جوية وقوافل إغاثية وبواخر مساعدات إماراتية تتوزع، كل حسب وجهتها، التي تحددها الحاجة إليها، من السودان إلى باكستان بسبب الفيضانات، إلى أفغانستان ونكبتها بالزلزال، إلى مقديشو وتضررها بالجفاف.. مسارات متعددة لهدف واحد نابع من الرؤية الإنسانية لقيادة الدولة، التي تتمسك بالنهج الذي وضعه المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو ما أكده الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، في أول خطاب له في الثالث عشر من شهر يوليو/تموز الماضي بقوله: "على نهج زايد الخير سنعمل على تعزيز دورنا ضمن الدول الرائدة عالميًّا في تقديم المساعدات التنموية والإنسانية والعمل الخيري والاستمرار في مد يد العون إلى المجتمعات في جميع أنحاء العالم، دون النظر إلى دين أو عرق أو لون".
النجاح، الذي حققته الإمارات في مضمار العمل الإغاثي والإنساني على مدار عقود من الزمن، وضعها في مقدمة الدول المانحة باعتراف المؤسسات الدولية، التي تؤكد أن دولة الإمارات تعتزم التوسع في برامجها وخططها الإغاثية والإنسانية وتطويرها وتحويلها إلى فرص تنموية، كما تعمل حاليًّا في باكستان والسودان، إذ تقوم الفرق الإغاثية الإماراتية بتقديم جميع أنواع الدعم الإنساني للكوادر والمؤسسات المعنية بجهود تأمين سلامة المتضررين واحتياجاتهم الغذائية والطبية واللوجستية.
يقول متخصص في مجال المعونة في الخليج العربي إن "الناس يركّزون على الجانب الخيري للمساعدات الإماراتية، ولكن هذا ليس سوى جزء صغير جدًّا من ميزانية المعونة، لأنه من الواضح عندما ننظر في الأرقام سنجد أن التنمية هي الهدف"، ويضيف: "البعض في الأمم المتحدة يعتقدون أن الأمر يتعلق فقط بالمساعدات الإنسانية والخيرية الإماراتية، وهذا ليس دقيقًا، فدولة الإمارات تركز في معظم مساعداتها على تنمية الإنسان أينما كان، فضلا عن حاجته وضروراته".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة