اتحدت رؤى أبوظبي والرياض في ضرورة مواجهة الزحف الإيراني في منطقة الخليج العربي، من خلال العديد من السياسات والإجراءات
تعمدت ألا أضع عنواناً لهذا المقال يحصر العلاقة التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، شعباً وقيادةً، في إطار السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة أو التاريخ المشترك، لأنها علاقة تشمل كافة تلك المقوّمات وأكثر. فالنموذج الإماراتي – السعودي أصبح محط الأنظار، ومثالاً يُحتذى به وفي الوقت نفسه هدفاً لسهام الحقد والكراهية.
النموذج الإماراتي-السعودي يشكّل فرصة حقيقية للدول العربية، قيادات وشعوباً، لكي تضع خلافاتها المزمنة جانباً وتبتعد عن عقدة «مَنْ يقود»، وتعمل بناءً على قاعدة «التنسيق والاتفاق قوة»، لكي نستطيع مواجهة كافة التحديات التي تواجهنا ونتغلب عليها
ومما لا شك فيه أن التعاون والتنسيق في الرؤى والسياسات والمواقف بين أبوظبي والرياض، يعود بالفائدة الكبرى على الشعبين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والعالم العربي ثم المحيط الدولي. فالتحديات التي تحيط بالمنطقة العربية بشكل عام، ودول الخليج العربية بشكل خاص، حدت بالقيادة في الإمارات والسعودية باتخاذ قرارات تاريخية تصب في مصلحة شعب الدولتين.
ومن أبرز تلك التحديات الخطر الذي تشكّله إيران على المنطقة من خلال اعتناقها مبدأ «تصدير الثورة» ودعمها المتواصل للجماعات الإرهابية، وخاصة في مملكة البحرين واحتلالها لجزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ومحاولتها قلب نظام الحكم الشرعي في اليمن من خلال جماعة «الحوثي» المؤيدة لطهران.
وفي هذا السياق، اتحدت رؤى أبوظبي والرياض في ضرورة مواجهة الزحف الإيراني في منطقة الخليج العربي، من خلال العديد من السياسات والإجراءات، أهمها التحالف العربي الذي أطلق عملية «عاصفة الحزم» لإعادة الشرعية في اليمن.
ومن أبرز التحديات التي أدت لاتحاد الرؤى الإماراتية- السعودية أيضاً، الخطر الذي يمثله نظام الحكم في قطر. فذلك النظام احتضن، لعقود، العديد من الجماعات الإرهابية وأبرزها جماعة «الإخوان» الإرهابية، ورموز التطرف والمعارضون الذين يحملون جنسية العديد من الدول العربية، ومنها الإمارات والسعودية. وبالتالي أصبحت الدوحة موطئ قدم لهؤلاء الإرهابيين حيث يقومون بالعديد من الأعمال التي تضرُّ بمصلحة شعوبنا ووحدتنا. إضافة إلى ذلك قيام شبكة قنوات «الجزيرة» بتصدير الأفكار المضللة، والأكاذيب والإشاعات ومحاولة بث الفتنة بكافة صورها، وأبرزها الطائفية وقلب الحقائق وتقديم الدعم اللامحدود لجماعة «الإخوان» الإرهابية، ودعم الجماعات الشيعية المتطرفة في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وذلك كله تحت أعين وبرعاية رموز الحكم في الدوحة، والذين لم يتخذوا أي إجراء من شأنه احترام الجار والحفاظ على العلاقات العربية – العربية. ولذلك كان الإجراء الطبيعي هو ما قامت به الإمارات والسعودية، ووقفت معهما البحرين ومصر أيضاً، وهو قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر وإغلاق الحدود معها لمنع تصدير الشر لشعوبنا.
ومن أجل مواجهة تلك التحديات وغيرها الكثير، نرى القيادة السياسية في أبوظبي والرياض تنهج نهجاً يمثل دعوة لكافة الدول العربية الأخرى للتفكير في فوائده، وتطبيقه لينعكس بالفائدة الكبرى على الشعوب العربية. ويتمثل ذلك النهج في مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم إنشاؤه ضمن اتفاقية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في مايو 2016، بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأخيه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ويمثل ذلك المجلس النموذج الأمثل للتعاون الثنائي بين الدول، وتفعيل أواصره، ويهدف إلى التشاور والتنسيق في الأمور والموضوعات ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة، ويضم المجلس فرق عمل مشتركة من مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية والسياسية، والأمنية والتعليمية والعسكرية، وتجتمع تلك الفرق ضمن «خلوة العزم»، التي يتم عقدها دورياً في أبوظبي والرياض.
النموذج الإماراتي-السعودي يشكّل فرصة حقيقية للدول العربية، قيادات وشعوباً، لكي تضع خلافاتها المزمنة جانباً وتبتعد عن عقدة «مَنْ يقود»، وتعمل بناء على قاعدة «التنسيق والاتفاق قوة»، لكي نستطيع مواجهة كافة التحديات التي تواجهنا ونتغلب عليها.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة