المعلوم للجميع أنه من المستحيل بمكان فرض التوطين على كل وظائف القطاع الخاص ولذلك يستوجب علينا أن نركز على الوظائف الحيوية
مما لا شك فيه أن هموم التوطين تضرب في جذورها إلى فترة ما بعد إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تحملت الدولة عبء خلق فرص عمل للمواطنين في القطاعين الحكومي والخاص، وإن كان الأخير يحظى باهتمام أكبر. وقد ارتأت الدولة مؤخراً تخصيص وزارة للتوطين والموارد البشرية مما يعكس اهتمام القيادة السياسية بالمستقبل المهني للمواطنين، وتأكيدها أن التوطين أولوية سياسية ووطنية. وقد تناولت العديد من الدراسات والتقارير تحديات التوطين، ومنها تدني أجور القطاع الخاص، وزيادة ساعات العمل والاختلاط، وبُعد مكان العمل عن مكان الإقامة، وضعف فرص الترقي والقصور في عملية التدريب المهني، وافتقار العديد من المواطنين للمهارات اللازمة للانخراط بسهولة في سوق العمل الخاص، وعدم وجود صلاحيات أو سلطة رسمية تفرض التوطين على القطاع الخاص. وسأقوم هنا باستعراض بعض المقترحات لوزارة التوطين والموارد البشرية لعلها تكون ذات فائدة في وضع خططها للتوطين.
المعلوم للجميع أنه من المستحيل بمكان فرض التوطين على كل وظائف القطاع الخاص، نظراً لوجود العديد من المهن التي قد لا تناسب المواطن، ولذلك يستوجب علينا أن نركز على الوظائف الحيوية في القطاع الخاص، ونضع خطة قصيرة الأمد من ثلاث إلى خمس سنوات لفرض توطينها على أصحاب الأعمال.
من الأفضل أيضاً أن تقوم وزارة التوطين والموارد البشرية بتصميم (مؤشر دولة الإمارات العربية المتحدة للتوطين)، والذي تقوم بموجبه برصد حركة التوطين في الدولة وإصدار تقرير شهري حول ذلك يكون متوفراً أيضاً للجميع. لابد من تجسير الفجوة بين التعليم بشقيه العام والعالي واحتياجات سوق العمل من المهارات والتخصصات. ولعل اندماج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي تحت قيادة وزير واحد ووزيري دولة بمثابة الفرصة الذهبية لكي يتم التنسيق بين هذه الوزارة ووزارة التوطين والموارد البشرية من خلال لجنة مشتركة لتحقيق هدف واحد فقط: هو تحديد نوعية المهارات والبرامج المطلوبة لسوق العمل، وبالتالي تكليف مؤسسات التعليم العالي والعام بالعمل نحو إكساب الطلبة المواطنين تلك المهارات وطرح التخصصات المطلوبة. وأتمنى شخصياً أن لا يقف الأمر هنا على مؤسسات التعليم العالي الحكومية الثلاث فقط، وإنما يمتد ليشمل مؤسسات التعليم العالي الخاصة في الدولة، والتي تتجاوز السبعين تقريباً، ويدرس فيها العديد من المواطنين.يعلم الكثيرون أن لدينا قصوراً واضحاً في الأرقام والإحصائيات عندما يتعلق الأمر بأعداد المواطنين خريجي التعليم العالي والعاطلين عن العمل، ونسبة العاملين فعلياً مقابل الجنسيات الأخرى. ولذلك أصبح لزاماً علينا أن يتم تحديد جهة واحدة في الدولة تكون مهمتها حصر هؤلاء المواطنين وإصدار التقارير الإحصائية للمجتمع، وليس إخفاؤها في الأدراج، وذلك لاستخدامها في أغراض البحث العلمي، ولكي نعلم الواقع الفعلي للمواطنين في سوق العمل.
من الممكن أن تقوم وزارة التوطين والموارد البشرية أيضاً بإطلاق حملة (اعرف حقوقك) للمواطنين، لكي يدركوا حقوقهم الوظيفية في سوق العمل، أسوة بحملة مماثلة أطلقتها الوزارة للعمال الوافدين.
يجب على الوزارة أن تطلع على التجارب المماثلة لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وخاصة سلطنة عمان الشقيقة، والتي قطعت شوطاً كبيراً في مجال توطين الوظائف لديها. ويجب على الوزارة أيضاً أن تنظم حملات مفتوحة ومباشرة مع أصحاب الأعمال في القطاع الخاص تقوم من خلالها بنشر الوعي حول أهمية التوطين في الحفاظ على استقرار سوق العمل، وبأن فرض التوطين لا يهدف إلى إلحاق الضرر برؤوس أموال المستثمرين، وإنما سيكون عاملاً أساسياً في زيادة فرص الأمان لتلك الاستثمارات، وخاصة أن من يساهم من أصحاب الأعمال في زيادة نسب التوطين قد يلقى معاملة تفضيلية من الحكومة وليس من وزارة التوطين والموارد البشرية فقط.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة