العرب أحوج الأمم إلى نخب حقيقية ترسم ملامح مستقبلهم، بالإضافة إلى قوانين تخلق بيئة صالحة للإبداع، في ظل تشرذم وتراجع عربي غير مسبوق
يدرك كل قارئ لسير الأمم المتقدمة أن البشر هم الذين يخلقون مصائرهم وأقدارهم، وأن الرجال قادرون على بناء المصانع، لكن المصانع لا تبني رجالاً-كما قالها زايد يوماً -، ومهما بلغت ظروف الإنسان تظل في حوزته القوة على اختيار مكانه بين المتنافسين في عالم لا يقبل المتخلف ولا يشفق على الضعيف.
ولما كانت الأمم أفرادا تجمعهم روابط واضحة، فإن هؤلاء الأفراد يحددون مصير تلك الأمم ومالاتها، وضمن هذا التصور فإن السعي لفهم واقع الأمة يتطلب فهماً لدور النخبة في توجيه الحياة الاجتماعية والعلمية والسياسية فيها، فالنخب هي من تقود في الحقيقة حركة النهوض في أية أمة.
لقد تلقى العالم العربي خلال يومين عبرتين إيجابيتين أولهما إطلاق القمر الصناعي خليفة سات بسواعد شباب إماراتيين، والثانية في تتويج أبطال تحدي القراءة العربي، وكلا الحدثين المتلاحقين أثبت قدرة الشاب العربي على مواكبة العالم، والمساهمة في المسيرة الحضارية له من دون تلكؤ وتعذر بالظروف المحيطة
ولعل العرب أحوج الأمم إلى نخب حقيقية ترسم ملامح مستقبلهم، بالإضافة إلى قوانين تخلق بيئة صالحة للإبداع، في ظل تشرذم وتراجع عربي غير مسبوق، وتخلف في الأفكار والأطروحات الأدبية والعلوم البحتة والبنى الاجتماعية والثقافية والنظم الاقتصادية والسياسية.
هذا التراجع خلق حالة من الفراغ، والخوف من المستقبل لدى الشباب العربي ما ولد حالة من انعدام الثقة لديه، ليتخلى أصحاب الأفكار الخلاقة والعقول المبدعة عن أي مبادرة بدعوى الأوضاع السوداوية، والحالة الحرجة للأوطان في وقت تضيع من أمامهم القدوة القادرة على توجيه مساراتهم وتسهيل تحقيق آمالهم.
ورغم ذلك فقد عملت أوطان عربية بعكس الحالة العربية الراهنة، فاستغلت المتوفر من إمكانات، والمتاح من قدرات لصنع تقدم أبهر وأتعب من بعده، دول الخليج التي ما فتئت ترسّخ الابتكار والإبداع بما أمكنها من تكنولوجيا وعلوم مستغلة ثرواتها الطبيعية في خدمة أبنائها.
لقد تلقى العالم العربي خلال يومين عبرتين إيجابيتين، أولهما إطلاق القمر الصناعي خليفة سات بسواعد شباب إماراتيين، والثانية في تتويج أبطال تحدي القراءة العربي، وكلا الحدثين المتلاحقين أثبت قدرة الشاب العربي على مواكبة العالم والمساهمة في المسيرة الحضارية له من دون تلكؤ وتعذر بالظروف المحيطة، وقدرة النخب على رسم مستقبل أبناء الوطن وتوجيهه نحو الريادة.
مما لا شك فيه أن المناسبتين تشيران إلى الحضارة العربية القادرة على الإشراق من جديد على العالم، لتسهم في علوم الفيزياء والكيمياء والفضاء، والثقافة والعلوم التطبيقية والإنسانية كافة، فترسم ملامح جديدة لهذه الأمة بخلاف ما يريد لها أعداؤها، وبرغم كل المشكلات التي تتربص بها.
من المرعب أن يذكر التاريخ أن أمة عاشت خلال فترة من الزمن دون أن تقدم ما يشفع لها وجودها رفقة الأمم من اختراعات ومساهمات، أمة يناهز حجمها الـ 300 مليون ولا تحوز إلا على نوبل علمية واحدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة