الإمارات بعيون سودانية.. راعية سلام ببصمات خالدة
أينما كان الوجع والتوتر، تمتد سواعدها لتضمد الندوب وتصنع طريق السلام، فهي الحاضر الذي لا يغيب لنجدة القريب والبعيد.
هذه هي الإمارات، الدولة التي لم تتأخر يوما عن نجدة المكلومين والمتضررين من الحروب والأزمات، فمدت الجسور ضمن حراك إنساني وسياسي أيضا هدفه الأوحد وقف أزيز القصف وإغاثة المحتاجين.
- حراك سياسي وإنساني.. الإمارات تكثف جهودها لإنهاء أزمة السودان
- السودان يفتح معبرا حدوديا.. «شريان أمل» لجوعى دارفور
وبرزت دولة الإمارات لاعبا أساسيا لإخماد نيران السودان المستعرة منذ 15 أبريل/نيسان 2023، فمنذ انطلاق الرصاصة الأولى، مدت الجسور الجوية لتوصيل الإغاثة للمتضررين في مناطق النزاعات.
وفي 17 يونيو/حزيران الماضي، خصصت دولة الإمارات، باعتبارها أحد المساهمين الرئيسيين في المساعدات الإنسانية للسودان وأفريقيا، 70% من تعهدها البالغ 100 مليون دولار، إلى وكالات الأمم ومنظماتها الإنسانية والإغاثية، دعماً للجهود الإنسانية في السودان.
ومنذ بدء الأزمة، قدمت دولة الإمارات 130 مليون دولار لدعم الاستجابة الإنسانية، و9500 طن من الإمدادات الغذائية والطبية، عبر تسيير 148 طائرة إمدادات إغاثية، إضافة إلى سفينة حملت على متنها نحو 1000 طن من المستلزمات الإغاثية العاجلة.
كما دعمت مخيمات اللاجئين السودانيين في أبشي وعدد من المناطق في تشاد، وبالإضافة إلى ذلك، تم تسيير طائرة مساعدات غذائية تحمل على متنها 100 طن إلى اللاجئين السودانيين في جنوب السودان من خلال برنامج الأغذية العالمي.
قيمة التآزر
في تعقيبه على الدعم الإماراتي للسودان لتخفيف المعاناة الإنسانية، يقول محمد عبدالحكم، القيادي بحزب "التجمع الاتحادي"، إن "الشعب السوداني يتطلع بقوة لإسناد إنساني في ظرفه المرير الراهن".
وأوضح السياسي السوداني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن قيمة الدعم تتضاعف بالنسبة لشعب "شردته وعبثت بأمنه وسلامته حرب 15 أبريل/نيسان العبثية، وزادت من مصاعبه في الحياة الكريمة بسبب الحروب، وتضاعفت المعاناة جراء السيول والفيضانات".
ويضاف إلى ذلك، وفق عبدالحكم، "تفشي الأمراض المعوية كالكوليرا في مناطق كسلا وود الحليو، وأيضا تفشي الأمراض المعوية في ولاية الجزيرة مع انعدام المعينات الصحية والطبية اللازمة، بعد انهيار النظام الصحي، علاوة على كارثة المجاعة التي اجتاحت مناطق عديدة في إقليم دارفور وفي جبال النوبة".
ولفت إلى أن "رفض سلطة الأمر الواقع لفتح المسارات الإنسانية واشتراط تسليم المساعدات، لها إرث طويل في نهب وسرقة المساعدات، ويمثل جريمة في حق الملايين المحتاجين للغوث والإعانات".
وبحسب عبدالحكم، فإن "وضع الدول الشقيقة والصديقة مثل الإمارات والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية توسيع نطاق المساعدات الإنسانية للسودانيين كأولوية قصوى، أمر محمود تشكر عليه هذه الدول".
كما أن "مساعي الأشقاء في الرياض وأبو ظبي والدوحة لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، يؤكد قيمة التآزر بين الأشقاء".
واستشهد على ذلك بـ"الدعم الإنساني وجسور الإعانات للسودانيين المحتاجين من السعودية والإمارات وغيرها، ما يعضد علاقات الأخوة ويؤكد اهتمامهم بمعاناة السودانيين ووضعهم الكارثي بعد الحرب".
وأشار إلى أن مساعي تلك الدول تبرز في "تشجيع طرفي حرب 15 أبريل/نيسان لحل الأزمة وإنهاء مآسي الشعب السوداني، وهو جهد مقدر في الدفع بالحلول التفاوضية عبر الحوار المباشر، وهو ما نأمل أن يثمر خيرا على الشعب السوداني بالتوافق على وقف العدائيات وإنهاء الحرب".
الإمارات دولة مركزية
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني، يوسف حمد، أن "الإمارات دولة مركزية وذات وزن كبير في الشرق الأوسط الكبير. وبهذا المعنى، فمن الطبيعي أن يكون لها دور في عملية إغاثة السودان وغيره".
ويقول حمد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "دولة الإمارات تسعى بقوة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في السودان، وسبق أن شاركت بقوة في مفاوضات المنامة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وحاليا تشارك بفعالية في محادثات سويسرا" حول السودان.
وخلال الفترة من 6 إلى 8 يناير/كانون الثاني الماضي، أجرى نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، والقائد الثاني لقوات "الدعم السريع"، عبد الرحيم دقلو، مفاوضات في العاصمة البحرينية (المنامة) انتهت بتوقيع اتفاق من 22 بندا.
ونص الاتفاق على تشكيل جيش وطني مع "الدعم السريع"، والقبض على المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك نظام الإخوان الذي حكم البلاد في العقود الثلاثة الماضية.
"منذ الرصاصة الأولى"
من جانبه، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عباس محمد إبراهيم، أنه "لا يمكن إنكار الجهود الإماراتية الكبيرة في مجال الإغاثة الإنسانية، حيث قدمت مساعدات طبية وإغاثية ضخمة للشعب السوداني، وساهمت في تخفيف معاناته في ظل الأمة والحرب المندلعة منذ أبريل 2023".
ويقول إبراهيم، في حديثه لـ"العين الإخبارية": "ومنذ إطلاق الرصاصة الأولى، كان واضحا أن الأطراف المتناحرة في السودان تستخدم الحرب الإعلامية، لكن بالنظر إلى الحقائق على الأرض، يمكن القول إن الدور الإماراتي الإنساني في السودان إيجابي".
وشدد على أن "الهجمات التي يتعرض لها الدور الإماراتي في السودان هي اتهامات إخوانية في سياق الصراع السياسي الدائر في البلاد ولا تلغي تلك الاتهامات المزعومة الجهود الإيجابية التي تبذلها دولة الإمارات، بل تؤكد على أهمية هذا الدور في دعم الشعب السوداني وتحقيق تطلعاته نحو المستقبل."
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات "الدعم السريع" في السودان، حربا خلفّت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.