دعم رئيس الإمارات لأكبر مستشفيات القدس.. رسائل سياسية وإنسانية
رسائل هامة حملها توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تقديم الدعم المالي لمستشفى المقاصد في القدس الشرقية.
الرسالة الأولى تؤكد من خلالها دولة الإمارات دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها لمعاهدة سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات دائما لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي.
الرسالة الثانية تؤكد من خلالها دولة الإمارات التزامها بترسيخ الأخوة الإنسانية، وأن منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على ترسيخ الأخوّة الإنسانية، تجسيدا عمليا لوثيقة "مبادئ الخمسين".
أما الرسالة الثالثة فتكشف من خلالها دولة الإمارات بشكل عملي دعم صمود المقدسيين بما يسهم بالدفع في تحقيق حل الدولتين من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتؤكد الرسالة الرابعة أن دعم دولة الإمارات للقضية الفلسطينية لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يصاحبه دعما إنسانيا وصحيا وتنمويا وتعليميا.
توجيه رئيس دولة الإمارات
ووجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بتخصيص 25 مليون دولار لدعم مستشفى المقاصد في القدس الشرقية لتوسعة نطاق خدماته الطبية للشعب الفلسطيني.
ويأتي هذا التوجيه ضمن جهود دولة الإمارات المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني الشقيق في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
توقيت مهم
المساعدة الإماراتية جاءت في توقيت مهم، حيث كان مستشفى المقاصد في أمس الحاجة للمساعدة لتجاوز أزمته المالية الصعبة والطويلة.
ويعد مستشفى المقاصد -الذي تأسس عام 1968 من أهم المستشفيات في القدس ويعمل ضمن شبكة مستشفيات القدس الشرقية بـ250 سريرا، وهو متخصص في إجراء عمليات القلب والعظام والأطفال والبحوث الطبية إضافة إلى الرعاية الصحية الشاملة.
ومستشفى المقاصد هو أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس، يقدم خدماته للشعب الفلسطيني من باقي أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة
ويقدم مستشفى المقاصد، أكبر المؤسسات الصحية بالقدس الشرقية، خدماته الطبية للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.
وتعمل مستشفيات القدس الشرقية كمراكز رئيسية للرعاية المتخصصة ضمن الجهاز الصحي الفلسطيني.
وتعد هذه المستشفيات، وعددها 6، جزءا لا يتجزأ من نظام الرعاية الصحية الفلسطيني، حيث تقدم خدمات متخصصة لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر في الضفة الغربية وقطاع غزة.
كما يتم تحويل المرضى الذين يحتاجون إلى خدمات طبية غير متوفرة في الضفة الغربية وقطاع غزة -مثل تخصص الأورام والرعاية الكلوية وجراحات القلب- للعلاج في مستشفيات القدس الشرقية من قبل وزارة الصحة الفلسطينية.
التزام أبدي
توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تقديم الدعم المالي لمستشفى المقاصد في القدس الشرقية يجسد دعم دولة الإمارات الدائم للقضية الفلسطينة، ومساندتها لحل سياسي سلمي دائم لتلك القضية.
وهو ما أكدته دولة الإمارات مرارا في مواقف عدة ومحافل دولية متنوعة.
فمع كل توتر تشهده مدينة القدس، كانت دولة الإمارات حاضرة بمواقفها الرائدة الواضحة الصريحة، وسبق أن صدر منها بيانات إدانة لاقتحام القوات الإسرائيلية المسجد الأقصى المبارك، أكدت من خلالها رفضها المطلق للعنف من أي طرف وأهمية تغليب صوت العقل.
بيانات تحمل رسالة إماراتية مفادها بأن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وإنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت، وسيكون الخاسر دائما هم الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم.
ولم تفوت دولة الإمارات حضورها في أي محفل دولي إلا وأكدت دعمهما القضية الفلسطينية، ففي 21 مايو/أيار الماضي، أكد صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي في كلمة خلال أعمال المؤتمر الـ33 الطارئ للاتحاد البرلماني العربي في القاهرة أنَّ القضيةَ الفلسطينيةَ تأتي دوماً على رأسِ أولوياتِ السياسةِ الخارجيةِ لدولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ منذُ قيامِها، وهي التي تصدتْ، ومعها الدولُ الشقيقةُ، سياسياً ودبلوماسياً لجميعِ الإجراءاتِ والقراراتِ الإسرائيليةِ التي استهدفتْ طمسَ أو تغييرَ هويةِ المسجدِ الأقصى، أو تغييرَ الوضعِ القانوني والتاريخي في القدسِ، وطابعها العربي والإسلامي.
وقال إن دولة الإمارات لم تتركْ فرصةً إلّا وحرصت فيها على فتحِ كلِّ الأبوابِ للدفاعِ عن حقوقِ الشعبِ الفلسطينيِ الشقيق، سيما حقَه في تقريرِ المصيرِ وإقامةِ دولتِه المستقلةِ، فقد تربعَ هذا الأمرُ، كما يعلمُ الجميعُ، على صدارةِ اهتمامِ ودعمِ مؤسسِ دولة الإمارات المغفور له الشيخِ زايد بن سلطان آل نهيان، كما أنه على قائمةِ اهتمامِ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شأنُ كلِّ قضايا العربِ فهي في عمقِ اهتمامهِ والتاريخُ سيظلُ خيرَ شاهدٍ بأنَّ دولتَنا، قيادةً وشعباً، هي دوماً في نُصرةِ الشعبِ الفلسطيني، ودعمِ قضيتِه العادلةِ في جميعِ الظروفِ والأحوالِ.
وهو ما سبق أن أكد عليه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، خلال زيارته التاريخية لإسرائيل يومي 27 و28 مارس/آذار الماضيين، والذي شارك خلالها على مدار يومين في "قمة النقب"، بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة ومصر والبحرين والمغرب وإسرائيل.
وخلال تلك الزيارة التاريخية، حرص الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان على إغلاق الباب أمام أي محاولة للصيد في الماء العكر، وأكد بشكل واضح خلال "قمة النقب" التزام دولة الإمارات بدعم الشعب الفلسطيني، وحقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وجدد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان التزام دولة الإمارات بمساعدة الشعب الفلسطيني، بما في ذلك من خلال دعم وكالات الأمم المتحدة ذات العلاقة.
التزام أكدت عليه دولة الإمارات مرارا وتكرارا، قولا وفعلا، قبل وبعد توقيع اتفاق السلام التاريخي مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020، وتؤكد عليه مجددا في بيان الخارجية الإماراتية الصادر السبت الماضي.
ويأتي ذلك استمرارا لسياسة دولة الإمارات، منذ تأسيسها، في وضع القضية الفلسطينية على رأس أولوياتها باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، في نهج أسس له المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير على خطاه القيادة الرشيدة التي تكرس الجهود كافة لإحلال قيم العدالة والسلام.
كما يأتي ترجمة لرؤية دولة الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
رسائل تؤكد رغبة إماراتية في أن يجني الفلسطينيون ثمار اتفاق السلام، بما يدعم قضيتهم، ضمن مقاربة منطقية تستند إلى استراتيجية داعمة ومشجعة للسلام، وقائمة على ترسيخ مفاهيم التعايش والتسامح ودعم القيم الإنسانية، دون أن يعني ذلك تفريطا في الثوابت والحقوق.
ومنذ خطوتها التي وصفها مراقبون ومسؤولون بالشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، ما فتئت دولة الإمارات تؤكد أن المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ولا يخلو أي خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي أو من خلال لقاءات ثنائية أو أي مباحثات مشتركة من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية لدولة الإمارات والأمة العربية والإسلامية، والتحذير من مغبة عدم التوصل لحل عادل لتلك القضية، والتأكيد على الالتزام الثابت بدعم القضية الفلسطينية.
دعم إنساني
التزام تجاوز الآفاق السياسية إلى الأطر الإنسانية، التي تؤكد من خلاله دولة الإمارات تعزيز مبدأ الإخوة الإنسانية.
ويعد توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، تقديم الدعم المالي لمستشفى المقاصد في القدس الشرقية أحدث محطة في مسيرة الدعم الإنساني المتواصل للأشقاء في فلسطين.
إذ ساهمت دولة الإمارات بأكثر من 883 مليون دولار أمريكي، منذ عام 2013 وحتى 2021، لتمويل القطاعات الحيوية ودعم جهود التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووكالة الأونروا.
كما أرسلت 60 ألف جرعة من لقاح كوفيد-19، وأكثر من 36.6 طن من المساعدات الطبية العاجلة لآلاف العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، لتمكينهم من التصدي للجائحة.
مبادئ الخمسين
أيضا يجسد هذا الدعم لأكبر مستشفيات القدس تطبيقا عمليا لوثيقة "مبادئ الخمسين" التي تتضمن التزاما إماراتيا واضحا بترسيخ الأخوّة الإنسانية.
وترسم الوثيقة المسار الاستراتيجي لدولة الإمارات خلال الخمسين عاماً القادمة في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية والإنسانية والداخلية.
وأكد المبدأ الثامن من تلك المبادئ العشرة في موضعين على التزام دولة الإمارات بترسيخ الأخوة الإنسانية، أحدها أكد أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على ترسيخ الأخوّة الإنسانية"، ما يعني أن ترسيخ الأخوة الإنسانية يأتي ضمن الأسس والقواعد العامة لمنظومة القيم في مبادئ الإمارات.
وفي موضع آخر، يعلن الالتزام بتطبيق هذا النهج في السياسة الخارجية، قائلا إن دولة الإمارات "ستبقى داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".
وينص المبدأ الثامن على أن "منظومة القيم في دولة الإمارات ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ دولة العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوّة الإنسانية واحترام الهوية الوطنية. وستبقى الدولة داعمةً عبر سياستها الخارجية لكل المبادرات والتعهدات والمنظمات العالمية الداعية للسلم والانفتاح والأخوّة الإنسانية".
وهو أمر يؤكد أن نشر التسامح وترسيخ الأخوة الإنسانية هو قول وفعل، ونهج وسياسة.
aXA6IDMuMTQ0LjMxLjE3IA== جزيرة ام اند امز