استضافت دولة الإمارات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025 خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر الجاري، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، بمشاركة واسعة من الحكومات والخبراء ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من مختلف أنحاء العالم.
ويُعد هذا المؤتمر، الذي ينظمه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) كل أربع سنوات، من أكبر الفعاليات البيئية على مستوى العالم، إذ يشكّل منصةً رئيسيةً لبحث قضايا حماية الطبيعة، والتنوع البيولوجي وصياغة السياسات المستقبلية التي تعزز التنميةَ المستدامة على مستوى الكوكب.
وجاء اختيار الإمارات لاستضافة هذا الحدث العالمي تتويجاً لاستحقاق ريادتها في مجال حماية البيئة، وتقديراً لمسيرتها الحافلة بالإنجازات في صون الطبيعة، وهي مسيرة تمتد جذورها إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي وضع رؤيةً بيئيةً متكاملةً سبقت عصرها وحازت اعترافاً دولياً واسعاً تُوّج بحصوله على جائزة الباندا الذهبية عام 1977 ولقب رجل البيئة والتنمية عام 1993.
وتواصل الدولة اليوم هذا النهج من خلال التزامات بيئية طموحة، أبرزها إعلانها أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتعهّد رسمياً بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، إلى جانب سياسات واستراتيجيات وطنية شاملة، تمثّل خارطةَ طريق نحو مستقبل أكثر استدامة.
واعتمدت الإمارات منظومة من المبادرات البيئية الرائدة والسياسات والاستراتيجيات الشاملة، من أبرزها استراتيجية التنوع البيولوجي 2031 التي تستهدف إعادةَ تأهيل 80% من المناطق المتدهورة والحفاظ على 21% من النظم البيئية، والأجندة الوطنية الخضراء 2030، والاستراتيجية الوطنية للتغير المناخي، واستراتيجية الأمن الغذائي 2051، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2030.
وتسهم هذه السياسات جميعاً في تعزيز استدامة الموارد الطبيعية، واستعادة النظم البيئية، وحماية الأنواع المهددة بالانقراض محلياً وعالمياً.. ما يعكس التزامَ دولة الإمارات بتعزيز التوازن بين التنمية والبيئة.
وقد أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس مجلس إدارة هيئة البيئة- أبوظبي، أن توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة بشأن زيادة مساحة المحميات الطبيعية تُجسِّد رؤيةَ القيادة الرشيدة في الحفاظ على البيئة وتعزيز الاستدامة، بما يُسهم في حماية التنوع البيولوجي وصون النظم البيئية للأجيال المقبلة، ويُعزّز مكانةَ أبوظبي نموذجاً عالمياً في العمل البيئي.
وتحتضن الإمارات أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات والحيوانات، منها أنواع نادرة، وتضم 49 محمية طبيعية تغطي أكثر من 15% من مساحة الدولة، بعضها مُدرَج ضمن اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة، كما تعمل على تحديث القائمة الحمراء للأنواع المُهدَّدة بالانقراض وتطوير خطط فعالة لحمايتها.
النسخة الأخيرة من المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة (2025) كانت الأكثر شمولاً واستدامةً في تاريخه، إذ يجمع بين المشاركة الحضورية والافتراضية، ويتضمن ثلاثة مكونات رئيسية: منتدى لمناقشة القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وجمعية الأعضاء للتصويت على قرارات الاتحاد، ومعرض لاستعراض أبرز المبادرات البيئية عالمياً.وتمثّل استضافة الإمارات لهذا الحدث امتداداً لنجاحها في تنظيم مؤتمر الأطراف COP28 (عام 2023)، الذي أطلق «اتفاق الإمارات» التاريخي، وأسهم في دمج العمل المناخي مع حماية الطبيعة والإنسان، مما رسّخ مكانةَ الدولة منارةً عالميةً في حماية البيئة وصناعة مستقبل مستدام للطبيعة والإنسان.
وعلى هذا الدرب تتابع الإماراتُ نهجَها الراسخ في صون البيئة وتنمية المحميات الطبيعية، على اليابسة وفي البحر، بما يعود نفعه للإنسان والحيوان والطبيعة، ويساهم في زيادة المساحات الخضراء التي تحسِّن عواملَ الطبيعة وتأثيرَها الإيجابي نحو البشر والحيوانات والنباتات وسائر الكائنات الحية.
نقلا عن صحيفة الاتحاد
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة