من يتابع الحركة الثقافية والفكرية العالمية يخرج بخلاصة مفادها أن المؤسسات الإماراتية هي الأكثر نشاطا بصورة متميزة في مجالات نشر قيم التعايش والتسامح والسلام، انطلاقا من تجربة اجتماعية وقانونية وسياسية ناجحة.
ليس هذا فحسب، بل إنها الأبرز على مستوى العالم، دعامتها قانون يجرم التمييز وخطاب الكراهية الصادر في عام 2015 الذي كان الأول عالميا، والذي ينص في ديباجته على أنه لا يمكن الاحتجاج بقيم حرية التعبير أو حرية الرأي لمخالفة أي من بنود هذا القانون، بحيث يمنع منذ البداية أن تكون حرية الرأي سببا في الإساءة للأديان والمعتقدات.
إن تجربة دولة الإمارات في التسامح والتعايش مؤسسة على قواعد راسخة من القيم والتقاليد والثقافة المجتمعية الرصينة، ويحميها ويحرسها قانون تقوم على إنفاذه مؤسسات الدولة؛ وهذا الذي جعل المؤسسات الإماراتية تنطلق في مختلف بقاع الأرض بكل رصانة وثقة، لترسخ قيما وممارسات مطبقة في أرض الواقع في المجتمع الإماراتي، وهذا الذي أكسبها المصداقية والثقة، وجعل العالم يتقبل أطروحاتها بكل ترحاب وانفتاح.
وفي هذا السياق، نظمت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، المؤتمر الدولي الأول لحوار الأديان بالتعاون مع وزارة السلام الإثيوبية ومجلس الأديان في العاصمة أديس أبابا يومي 4 و5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وقد شارك في أعمال المؤتمر وزراء وسفراء وشخصيات دولية من مختلف الأديان.
هذا المؤتمر مثل مجالاً واسعاً ورحباً للحوار حول تعزيز قيم التفاهم بين الأديان، من أجل نشر مفاهيم التعايش والتسامح والسلام، ودعم قيم المواطنة الشاملة، وبناء جسور التعاون بين الثقافات والأعراق والمعتقدات المختلفة، لضمان تحقيق الاستقرار والسلام اللازم للتنمية والازدهار والرفاهية المجتمعية، من أجل تعميم النموذج الإماراتي للتنمية والتقدم في مختلف الدول خصوصا الدول الأفريقية التي توليها القيادة الإماراتية أهمية خاصة.
وكان من أبرز نتائج المؤتمر إطلاق وثيقة أديس أبابا للتسامح والمواطنة والسلام بمشاركة قادة الأديان، والتي تُعَدُّ عهداً للسلام والتسامح وخطوة كبيرة نحو تحقيق تضامن حقيقي يعزِّز الاندماج الوطني والتضامن الأخلاقي والإنساني، باعتباره انطلاقة جوهرية في الحوار الديني واحترام المعتقدات والتعددية الدينية وتعزيز مفهوم المواطنة، وركيزة أساسية في التفاهم وبناء جسور الحوار والتواصل، ليكون هذا الإعلان إنجازاً تاريخياً حضارياً جديداً للعالم أجمع.
كذلك، شهد المؤتمر توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ووزارة السلام الإثيوبية. وتهدف الاتفاقية إلى تعميق التعاون العلمي بين دولة الإمارات وإثيوبيا، ودعم المبادرات التي تُسهم في تعزيز التسامح والتعايش السلمي في مختلف الدول الأفريقية خصوصا دول القرن الأفريقي.
وقد استقبل الجانب الإثيوبي مبادرة جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بكل تقدير واهتمام، فأشاد الرئيس الإثيوبي تايي أتسكي سيلاسي، خلال كلمته الافتتاحية للمؤتمر، بالجهود التي تبذلها دولة الإمارات لتعزيز الحوار بين الأديان، وإعلاء قيم التسامح والتعايش، واهتمامها بمد جسور التواصل الحضاري مع الشعوب الأخرى، وقدَّم الشكر والتقدير لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية على دعمها ورعايتها للمشاريع الثقافية والعلمية في إثيوبيا.
وقد أكَّد الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أنَّ محاور المؤتمر جاءت منسجمة مع التوجُّهات الاستراتيجية لدولة الإمارات، ومع جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ورؤيتها ومبادراتها في مجال تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام.
إن هذا المستوى من الحوار بين أتباع الأديان المختلفة، الذي يهدف إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش والسلام، يقدم مخرجا لدول المنطقة في القرن الأفريقي وما جاورها، بل في مختلف مناطق أفريقيا من العداء وحالات الصراع التي أجهضت عمليات التنمية، وأهدرت طاقات الشعوب، وأضاعت الفرص أمام أجيال من الشباب مما دفعهم للهجرة.
إن النموذج الإماراتي للتعايش والتسامح الذي يحقق التنمية والازدهار يقدم حلولا للدول الأفريقية خصوصا ولمختلف دول العالم الثالث عموما التي أرهقتها الصراعات العرقية والدينية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة