الإمارات تعذب قطر كلما رأت قطر كم أن الإمارات مطوقة بالعدل والأمن والرغد، وكلما رأت مشهد التحام شعب الإمارات وقيادته في أفق الوفاء.
الحقيقة الأولى الممهدة لما يراد قوله اليوم، أن بعض الإعلام العربي، بعضه الكثير للأسف، خصوصاً ذلك التابع لقطر أو الممول منها، يعيش اليوم المرحلة الأسوأ في المنطق، فهذا الإعلام لم يعد يكتفي بنقل أو خلق الأخبار الكاذبة أو تشويه الحقائق عبر التقارير الملونة أو الملوثة، لا فرق، بل أخذ، ضمن مسارات ممنهجة، يصنع الأخبار.
وخبر قيام الإمارات بتعذيب يمنيين مسجونين في 17 سجناً يمنياً خبر اشتغلت عليه قناة الجزيرة الإخوانية الإرهابية وغيرها من وسائل الإعلام القطرية التي يديرها مفكر «الإخوان» عزمي بشارة، وعملت على بث هذا الخبر يومياً بأساليب وطرق متعددة، سواء من خلال الأخبار الخالصة، أو التقارير الملغومة، أو الحوارات مع مأجورين ومرتزقة هنا وهناك.
الإمارات تعذب قطر حين يقترب جواز السفر الإماراتي من أن يكون في قوته العاشر على مستوى العالم، ما يدل على قوة الإمارات ومدى احترامها في العالم. الإمارات تعذّب قطر بوجود وحضور جيشها القوي، وبالتضحيات الرائعة التي قدمها جنود الإمارات البواسل
ويبدو أن قطر صدّقت هذه الشائعة المغرضة من فرط ما رددتها، ولا غرابة حين تلجأ قطر إلى هذه الأساليب الملتوية، فهي في هذه المرحلة بالذات تستحق الشفقة، والواقع الملتصق بمجاز مسوغ تماماً أن الإمارات لا تعذب مسجونين في اليمن؛ لأن ذلك ليس من عاداتها أو إرثها، ولأنه يعارض قوانين الإمارات ودستورها وأخلاقها قبل أن يكون متطلباً دولياً. والإمارات دولة قانون ودستور وأخلاق، ودولة التزام بالقوانين والقيم العالمية. الحقيقة الملتصقة بالمجاز أن الإمارات «تعذّب» قطر، ولا تعذّب أحداً غير قطر، إلا من في حكمها أو لف لفها أو رضي أن يكون ذيلاً لها.
الإمارات تعذب قطر كلما دخلت في عمر التقدم أشواطاً، وكلما اقتربت حكومتها من حلم بات تحقيقه قريباً، كأحد تحديات ورهانات العالم 2021، وهي أن تكون حكومة دولة الإمارات واحدة من أفضل خمس حكومات في العالم. والإمارات تعذب قطر حين تمتلك هذه الثروة البشرية التي تتعامل مع الحاضر والمستقبل بلغة الحاضر والمستقبل، بين مشروع تطوير تعليم متقدم وهيكلة حكومية مفارقة، والمؤسسات الوطنية المنتمية إلى المستقبل. من وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل إلى المهارات المتقدمة والعلوم المتقدمة والأمن الغذائي والذكاء الاصطناعي والسعادة والتسامح، ومن ذاك كله إلى التمسك بإرث الإمارات المعنوي والحضاري إلى طموح مسبار الأمل الذي يصل إلى المريخ في عام 2021.
الإمارات تعذب قطر حين يكون للإمارات هذا الحضور السياسي والاقتصادي والثقافي في الإقليم والعالم، فلا مقارنة مع الإمارات التي تحضر الآن في صميم الفعل السياسي العالمي، وعند جهينة الاقتصاد الخبر اليقين والرقم اليقين، وفي الثقافة حدث ولا حرج.. فالإمارات تعذب قطر حين تكون في صدارة الدول العربية ودول العالم أجمع لجهة معارض الكتب وجوائز الثقافة والإبداع وحركة الكتابة والنشر ونهضة المتاحف والآثار ومبادرات الترجمة وتحدي القراءة. الإمارات تعذب قطر بإعلامها المتقدم شكلاً ومحتوى، الذي يتميز بسمتي الصدقية والإتقان.
الإمارات تعذب قطر وهي تمتلك هذه النهضة العمرانية المذهلة، وحين تصبح الإمارات الوجهة رقم واحد للشباب العربي، وحين تشغل الإمارات المراكز الأولى والمتقدمة في العطاء الإنساني والتنافسية ورضا المتعاملين مع المؤسسات الحكومية ورضا المستثمرين والشفافية والتوازن بين الجنسين.
ربما تجدر بنا الآن، قبل مواصلة حكاية كيف تعذب الإمارات قطر، العودة إلى بيت شاعر المهجر إيليا أبي ماضي من قصيدته «هدايا العيد»:
وإلى حاسدي عمراً طويلاً
ليطول الأسى بهم مما بي
أراد أبو ماضي أن يهدي حاسديه، يوم العيد، عمراً طويلاً ليطول أساهم مما به. ونحن، نتمنى الشيء نفسه لنظام «الحمدين» حتى يطول عذابه كلما خطرت الإمارات في باله وفي أحلامه أو كوابيسه.
لا في النوم فقط، فالأصل أن الإمارات تعذب قطر في اليقظة: الإمارات تعذب قطر كلما تذكرت قطر تفوق الإمارات عليها في كل الميادين والقطاعات: الإعلام والتجارة والصناعة والزراعة والسياحة إلى آخره. الإمارات تعذب قطر حين يقترب جواز السفر الإماراتي من أن يكون في قوته العاشر على مستوى العالم، ما يدل على قوة الإمارات ومدى احترامها في العالم. الإمارات تعذب قطر بوجود وحضور جيشها القوي، وبالتضحيات الرائعة التي قدمها جنود الإمارات البواسل.
الإمارات تعذب قطر كلما واجهت الإمارات قوى التطرف والطائفية والإرهاب بالفكر والعدل والأمن، وكلما فضحت الإمارات وشقيقاتها السعودية والبحرين ومصر، الدول الأربع المقاطعة لقطر، دولة قطر بوصفها دولة راعية للإرهاب، وكلما قزمت تنظيمات الإخوان المسلمين والحوثيين و«القاعدة» و«داعش» و«حزب الله» اللبناني، الإمارات تعذب قطر كلما تضامنت مع مصر وكلما استعادت مصر روحها ودورها العربي.
الإمارات تعذب قطر كلما حققت، ضمن التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، انتصاراً جديداً في اليمن، والإمارات عذبت وتعذب قطر بانتصارات الحديدة المتوالية نحو دحر الحوثي الإيراني.
الإمارات تعذب قطر كلما أسهمت الإمارات في كشف الأطماع الإيرانية وانحسار النفوذ الإيراني في المنطقة والوطن العربي. والطريف أن قطر بدأت تطلق اسم «التحالف السعودي الإماراتي» على التحالف العربي في اليمن، وهذا وصف خاطئ طبعاً لكنه يدل على أن الإمارات تعذب قطر كلما توطدت العلاقة الاستراتيجية بين الإمارات والسعودية.
بمناسبة حرب المصطلحات، التي تشنها قطر، فالمؤسسة القطرية تصر على تسمية «داعش» باسمها الحقيقي كما تدعي.. «تنظيم الدولة» أو تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها، في الوقت نفسه، تصر على تبديل الاسم الأصلي للتحالف العربي كما ورد أعلاه، فيما هي لا تقول «الإرهاب» مباشرة، وتقول «ما يسمى الإرهاب».
المسألة أخلاقية في الأساس، والإمارات تعذب قطر كلما وضعت الأشياء في حجمها وسمتها كما يوجب الضمير.
الإمارات تعذب قطر حين تفضح الإمارات مزاعم منظمة العفو الدولية التي تأثرت، وياللمفارقة الصارخة، بأكاذيب قطر، فتعلن، بكل وضوح أنه لا إشراف للإمارات على سجون في اليمن، وأن سجون اليمن إنما هي تحت إشراف الحكومة الشرعية. وأبعد من ذلك، فقد طالبت الإمارات الحكومة الشرعية بالتحقيق في تلك المزاعم.
الإمارات تعذب قطر كلما رأت قطر كم أن الإمارات مطوقة بالعدل والأمن والرغد، وكلما رأت مشهد التحام شعب الإمارات وقيادته في أفق الوفاء والولاء والانتماء.
نقلا عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة