الإمارات نموذج لتوثيق التراث الثقافي في "اليونسكو"
الإمارات نجحت خلال السنوات الماضية في تسجيل 8 عناصر على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية التي تعتمدها "اليونسكو"
قدمت دولة الإمارات نموذجا ملهما في العناية بتراثها الثقافي غير المادي، وتسليط الضوء عليه عالميا بوصفه إرثا إنسانيا غنيا وزاخرا جديرا بالصون والحفظ للأجيال القادمة.
ونجحت الإمارات خلال السنوات الماضية في تسجيل 8 عناصر على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية التي تعتمدها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" شملت كلاً من: الصقارة، والسدو، والعيالة، والرزفة، والتغرودة، والقهوة العربية والمجلس، والعازي.
والتقرير التالي يحوي نبذة تعريفية بتاريخ وخصائص أبرز الفنون والعادات والرياضات التراثية الإماراتية التي تحولت إلى تراث عالمي معترفا به من قبل "اليونسكو"، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام":
البداية مع فن "العيالة" الذي يعتبر من أكثر فنون الأداء الشعبية انتشاراً في الدولة، حيث تُقام عروض العيالة في حفلات الزفاف والمناسبات الوطنيّة والاحتفالات الأخرى.
وتعكس العيالة الإرث الثقافي الغني للإمارات وروح المروءة والشهامة التي تميّز الحياة البدوية، ويؤديها مجموعة من الرجال الذي يحملون عصي الخيزران، ويؤدون رقصات متناغمة على إيقاع الطبول.
وانتشر فن العيالة عبر الأجيال في جميع مناطق الدولة وحظي بأهمية كبيرة داخليا وخارجيا إلى أن أدرجته الـيونسكو عام 2014 ضمن "القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي للبشرية".
بدوره يعد فن "الرزفة" من الفنون الشعبيّة الإماراتية التي تجمع بين الشعر والرقص باستخدام عِصِي الخيزران الرفيعة، بينما اعتاد الناس في الماضي على استخدام السيوف والخناجر بدلاً من العِصِي في أداء هذا الفن.
وفي أداء هذا الفن يصطف الرجال والصبية الذين يُطلق عليهم "الرزيفيّن" على شكل صفَّين متقابلين بينهما مسافة 10-20 متراً، حيث يجتمع عازفو الطبول والآلات الموسيقية بجانبهم يؤدي الرزيفة حاملين عصي الخيزران الرفيعة.
وتنتشر الرزفة وسط جميع فئات المجتمع، ويمارسها الصغار والكبار، حيث يُشجع الآباء أبنائهم على ممارسة الرزفة في الفعَّاليات واللقاءات، ويمثل هذا التشجيع واحداً من الأسباب التي تجذب العديد من المشاركين.
ويعد فن "التغرودة" الذي أُدرِج في عام 2012 ضمن القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي للبشرية أحد أنواع الشعر التقليدي الذي يلقي الضوء على جوهر الحياة البدوية ذات الصلة بالهجن والتنقل في الصحراء.
وظهر هذا الشعر الغنائي لترفيه المرتحلين على ظهور المطايا عن أنفسهم أثناء سيرهم لمسافات طويلة في الصحراء، كما أن أهل الصحراء وركاب الإبل كانوا يعتقدون أن هذا النوع من الغناء يحث الإبل على السير، ويسليها في الوقت نفسه، ويزيد من سرعتها كلما أسرع الحادي في إيقاعه الذي يشدو به.
ويتسم فن التغرودة بالإيجاز والبساطة فهو لا يحتوي على أوزان شعرية صعبة.. حيث يكمن أحد أهم الأدوار التقليدية لهذا الفن في توثيق التاريخ الاجتماعي والثقافي للمنطقة.
ويستخدم الشعراء التغرودة للتعليق على القضايا الاجتماعية وإلقاء الضوء على الإنجازات التاريخية، وإسداء النصائح في بعض الموضوعات.
ويعتبر "العازي" رابع الفنون الشعبية الإماراتية التي انضمت إلى قائمة التراث العالمي غير المادي، ويعود أصل هذا الفن إلى الاحتفالات بالنصر، حيث كان يُلقى في ساحة المعركة، ثم توارثته الأجيال عبر مئات السنين.
ويتكون شعر العازي من أبياتٍ مقفاه من الشعر العربي التقليدي، مع اقتباس الأقوال المأثورة، والأمثال في بعض الأحيان.
وبفضل العناية التي أولتها الجهات الرسمية الإمارات تم إحياء شعر العازي مرة أخرى، وأصبح اليوم أحد المظاهر القيمة للتراث والثقافة الإماراتية، وقد أُدرِج فن العازي عام 2017 في "قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل في منظمة اليونسكو".
وبالانتقال إلى العادات والتقاليد، يبرز "المجلس" الذي يعدُّ جزءاً مهماً من حياة الإماراتيين الاجتماعية، وهو بمثابة المنتدى الذي يجمع أفراد المجتمع لمناقشة القضايا المتنوعة والشؤون اليومية.
ونظراً للأهمية الكبيرة التي يمثلها المجلس في حياة أفراد المجتمع فقد قامت الإمارات بالتعاون مع عدد من الدول بإدراجه ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في اليونسكو عام 2015.
وفي السياق نفسه ترمز القهوة العربية إلى الكرم وحسن الضيافة التي يتميز بها المجتمع الإماراتي؛ ممّا جعلها متأصلة بقوة في التقاليد الإماراتية.
ونجحت الإمارات بالتعاون مع عدد من الدول الشقيقة بإدراج القهوة العربية عام 2015 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية نظراً للأهمية الثقافية والتراثية التي تحظى بها القهوة العربية على نطاق واسع يشمل عددا كبيرا من الدول والشعوب العربية.
وفي إطار الرياضات التراثية، تمكنت الإمارات وبالتعاون مع 18 دولة في إدراج رياضة الصيد بالصقور "الصقارة" في القائمة التمثيليّة للتراث الثقافي غير المادي للبشرية.
وعرفت الصقارة في المنطقة العربية منذ 4000 سنة مضت، ومارسها البدو في بواديهم لاسيما صحراء دولة الإمارات وشبة الجزيرة العربية باعتبارها أحد أشكال الصيد المهمة في أرض شحيحة بالموارد الطبيعية، إلا أن دور الصقارة في المجتمع قد تغير مع الزمن، فأصبحت اليوم من أهم الرياضات التقليدية في دولة الإمارات.
وترتبط رياضة الصيد بالصقور بالقيم النبيلة والشجاعة والفخر والمجد الذي تتسم به القيم العربية المرتبطة بهذه الرياضة، بالإضافة إلى صلتها بالحفاظ على الطبيعة والصيد المستدام، وروح الصداقة التي تربط بين الصقّارين.
وفيما يتعلق بالحرف اليدوية التراثية، بذلت الإمارات جهودا كبيرة من أجل إدراج "السدو" في قائمة التراث العالمي غير المادي، نظرا للمكانة الخاصة لهذه الحرفة في المجتمع الإماراتي، وقد تكللت هذه الجهود بالنجاح في عام 2011.
ويعد السدو من الحرف التي يشتهر بها أهل البادية في المناطق الشحيحة للموارد الطبيعية في شبة الجزيرة العربية، ويستخدم في حياكة هذا النسيج البدوي التقليدي وبر الإبل وشعر الماعز وصوف الأغنام، ويصنع منه البطانيات والسجاد والوسائد والخيام وزينة رِحال الإبل.
aXA6IDE4LjIyMi40NC4xNTYg
جزيرة ام اند امز