كان التطبيق الجدير بالدراسة والتوقف والتقدير معاً، هو تعيين المزروعي باحثاً اجتماعياً، ما يدل على بصيرة نافذة لرئيس حكومتنا.
التجربة الإماراتية الفريدة لم تقوَ وتشتد بضربة حظ أو لمسة سحرية، إنما هي نموذج ثري للعمل الدائم على التطوير في كافة المجالات، والتنمية المستدامة على الصعيد الإنساني بشمولية أبعاده الروحية والفكرية والعلمية والاجتماعية والثقافية والفنية، وكذلك على الصعيد الوطني، وكل ما يضمن له أمانه واستقراره وقوته وفاعليته وازدهاره.
هذه التجربة ذاتها التي تثير الكثيرين وتجعلهم يتساءلون دوماً عن سرّ نضوجها وألقها، فالحقيقة أن مقومات قوتّها وسطوعها ظاهرة للجميع لكل من يريد أن يستفيد وينهل من دروسها، شرط أن يكون منتبهاً للتفاصيل الصغيرة..
كان التطبيق الجدير بالدراسة والتوقف والتقدير معاً، هو تعيين المزروعي باحثاً اجتماعياً، ما يدل على بصيرة نافذة لرئيس حكومتنا، بتوفير فرصة عمل تتناسب تماماً وإمكانات الرجل..ليكون الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب
وأقرب مثال يوضح كيف تتطور هذه التجربة وتتماسك وتقوى، هي قصة المواطن علي المزروعي.. مواطن إماراتي بسيط يتصل بأحد برامج البث المباشر عارضاً بعض العقبات التي تواجه ذوي الدخل المحدود من المواطنين، فيبادر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، بتوفير كافة احتياجات هذا المواطن وتلبيتها بشكل فوري، موجهاً وزيرة تنمية المجتمع بإعداد تقارير عاجلة حول أوضاع ذوي الدخل المحدود، ومن ثم يدعو المواطن علي المزروعي لحضور اجتماع مجلس الوزراء في سابقة أولى في منطقتنا.
وخلال الاجتماع يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مقولة بالغة الصدق حاملة رسالة لكافة وزارات الدولة ومؤسساتها: «تتحرك دولة حينما يتوجع مواطن واحد»، موجهاً جميع المعنيين بضرورة الأخذ بيد المواطنين من ذوي الدخل المحدود ورفع مستوى معيشتهم، وتلبية كافة حاجاتهم الإنسانية، ويتم تعيين المزروعي في الوقت ذاته باحثاً اجتماعياً في وزارة تنمية المجتمع واعتماد 11 مليار درهم مساعدات اجتماعية لكافة ذوي الدخل المحدود لثلاث سنوات مقبلة.
إلى هنا تبدو كافة الإجراءات السريعة التي يتم اتخاذها تدور في فلك المساعدات الضرورية التي ينبغي تقديمها لبعض المواطنين من ذوي الدخل المحدود، ليعيشوا حياة هانئة كريمة، إلا أن المتتبع يلاحظ أيضاً أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لم يكتفِ بذلك بل دعا بأن يكون أبناء شعبه من أصحاب الدخل المحدود مساهمين في عجلة التنمية والتقدم بما يليق بإمكانات كل منهم واهتماماته وقدراته، حينما أكد في كلمته خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير قائلاً: «علينا أن نأخذ بأيديهم ونعلو بهم، ليصبحوا أعضاء مساهمين بفاعلية ومحبة في بناء هذا الوطن»...
كان التطبيق الجدير بالدراسة والتوقف والتقدير معاً، هو تعيين المزروعي باحثاً اجتماعياً، ما يدل على بصيرة نافذة لرئيس حكومتنا، بتوفير فرصة عمل تتناسب تماماً وإمكانات الرجل..ليكون الرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب.
والحقيقة أن طبيعة الاستجابات السريعة للحكومة الإماراتية بشأن كل ما يمس المواطنين ليست بالغريبة، فهذا ما اعتادت عليه القيادة الحكيمة تجاه أبنائها، ما جعلهم قادرين على البوح بمشاكلهم وتحدياتهم الحياتية بكل ثقة وأريحية. ففي سابقة شبيهة بحكاية المزروعي أوصى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عبر برنامج الخط المباشر عام 2012 بالاستماع إلى شكاوى الناس، وإيصال أصواتهم للمسؤولين قائلاً: «لا يتصل إلا المحتاج، وصاحب الحاجة لحوح، لذا علينا الاستماع إلى شكاوى الناس والعمل على تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم»...
هذه إذن هي بعض النقاط المفصلية في بيان التجربة الإماراتية المباركة، والتي غرس بذرتها المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، وسار على نهجه قائد مسيرتنا ورائد نهضتنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله).
فهكذا سعى زايد لأجلها، وهكذا أرادها، وهكذا حافظ أبناؤه، أبناء الإمارات عليها كخير ما تُصان وتُحفظ الأمانة.
نقلا عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة