وجود الغاز الصخري بهذه الكثافة في دول المجلس يفتح آفاقاً واسعة لتنسيق وتكامل الاكتشافات الحالية والمستقبلية.
بالإضافة إلى الثروات النفطية الكبيرة، فإن أراضي دول مجلس التعاون الخليجي تحتوي على كميات مضاعفة من النفط والغاز الصخريين، حيث تقدر كميات النفط الصخري ما بين 700 و800 مليار برميل تتفاوت أعماقها وتكاليف استخراجها بين منطقة وأخرى.
ومع أن التقنيات الحديثة تتيح إنتاج ما بين 10 و15% من هذه الاكتشافات، فإن التجربة الأميركية في إنتاج النفط الصخري تشير إلى أن هناك تقدماً ملحوظاً في تطوير التقنيات وتخفيض تكاليف الإنتاج، والتي انخفضت من أكثر من 80 دولاراً للبرميل قبل خمس سنوات فقط إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل حالياً، كما يتوقع أن تواصل تكاليف الاستخراج تراجعها في الفترة المقبلة لتصل مستويات تتيح استخراج كميات أكبر من النفط الصخري بأسعار تجارية مجدية.
بما أن تكاليف استخراج الغاز الصخري أقل كثيراً من تكاليف إنتاج النفط الصخري وأكثر جدوى، فإن التركيز مستقبلاً ربما يكون باتجاه إنتاج الغاز، والذي بدأ عملياً نهاية شهر مارس الماضي بالسعودية من حقل «الجافورة» المرتبط بالاكتشافات الكبيرة التي أعلنت عنها البحرين مؤخراً
ومع التقدم التكنولوجي السريع يمكن لدول الخليج أن تستثمر هذه الثروات بما يخدم برامجها التنموية، علماً بأن الاستثمار في استخراج النفط والغاز الصخريين سيتوقف على العديد من العوامل والاحتياجات لكل دولة، فالدول التي تتمتع باحتياطيات كبيرة من النفط التقليدي سوف لن تكون بحاجة لاستخراج النفط الصخري، أما البلدان التي تضم أراضيها احتياطيات أقل فستستغل الاكتشافات الجديدة لتقوية قطاعها النفطي وتعزيز أوضاعها الاقتصادية.
وينطبق ذلك على الغاز الصخري، لكن الوضع هنا مختلف تماماً؛ فمعظم الدول بحاجة لتطوير إنتاجها من الغاز الصخري متى ما توافر بكميات تجارية، كما حدث في كل من السعودية والبحرين مؤخراً، وكما نتوقع أن يحدث مع الإمارات والكويت وعمان كذلك. وهنا أيضاً ستتفاوت إمكانية وظروف استخراج الغاز الصخري، والتي لابد أن تأخذ بعين الاعتبار معظم الجوانب التجارية والبيئية المترتبة على عمليات الإنتاج.
وبما أن تكاليف استخراج الغاز الصخري أقل كثيراً من تكاليف إنتاج النفط الصخري وأكثر جدوى، فإن التركيز مستقبلاً ربما يكون باتجاه إنتاج الغاز، والذي بدأ عملياً نهاية شهر مارس الماضي بالسعودية من حقل «الجافورة» المرتبط بالاكتشافات الكبيرة التي أعلنت عنها البحرين مؤخراً.
وجود الغاز الصخري بهذه الكثافة في دول المجلس يفتح آفاقاً واسعة لتنسيق وتكامل الاكتشافات الحالية والمستقبلية في كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعمان، إذ من المعروف أن هناك احتياجات متزايدة للغاز للاستخدامات التنموية، وبالأخص لتنمية المشاريع البتروكيماوية وإنتاج الطاقة الكهربائية وتغذية مصاهر الألمنيوم، والتي تعتمد بنسبة 40% على الغاز الطبيعي، حيث تحولت دول المجلس إلى أحد أكبر منتجي الألمنيوم في العالم.
وفي حالة التنسيق بين هذه الدول في مجال إنتاج الغاز الصخري، فان نتائج إيجابية كبيرة ستجد لها انعكاسات على مختلف القطاعات الاقتصادية وعلى سياسات الطاقة لهذه البلدان، إذ يمكن أن تتحول معها إلى دول مصدرة للغاز الطبيعي بدلاً من مستوردة له، كما هي الحال الآن، فمن جهة يمكن إقامة شبكة للغاز الطبيعي بين الدول الخمس والاستغناء تماماً عن الغاز القطري، كما يمكن من جهة أخرى إقامة منصات لتجميع الغاز وتسييله ومن ثم تصديره للأسواق الدولية، إذ من المعروف أن عملية التسييل تحتاج لكميات كبيرة من الغاز لتصبح ذات جدوى اقتصادية.
وذلك يعني أن النفط والغاز الصخريين يمكن أن يغيرا خريطة الطاقة الخليجية، ويفتحا آفاقاً جديدة للتعاون الخليجي البيني، ويعززا من موقع دول الخليج العربي في ميزان الطاقة العالمي، مما يعني أن التعاون والتنسيق في مجال الغاز وبفضل الغاز الصخري بالذات، سيشكل أحد أهم أوجه التعاون بين هذه الدول مستقبلاً، وسيوفر لها بدائل من الطاقة النظيفة والاعتماد على الذات في مجال الغاز الطبيعي، والذي تتزايد استخداماته في العالم.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة