الانتخابات.. هل تنهي حرب أوكرانيا؟

في ظل تعقيدات الحرب الدائرة في أوكرانيا، تبدو الدعوات لإجراء انتخابات مبكرة وكأنها حلٌ سحري لإنهاء الصراع، لكنّ الواقع يكشف عن تحديات تتجاوز مجرد تنظيم الانتخابات في مناطق الحرب.
فحتى في حال رفع حالة الطوارئ العسكرية، تبقى المعوقات الأمنية واللوجستية، مثل الغارات الروسية المتواصلة و«تلغيم» الأراضي ونزوح الملايين، عوائق تجعل من الانتخابات في هذه الأوضاع ضربًا من الخيال.
علاوة على ذلك، تركت الحرب جروحًا عميقة في البنية التحتية والمجتمع الأوكراني، ما يفرض ضرورة سن قانون انتخابي جديد يأخذ في اعتباره الظروف المتغيرة.
فهل تُنهي الانتخابات حرب أوكرانيا؟
تقول مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن الدعوات الروسية والغربية لإجراء انتخابات مبكرة في أوكرانيا خلال الحرب تبدو كمحاولة لإنهاء الصراع عبر حلول سريعة.
لكن الواقع يشير إلى أن هذا الطرح غير واقعي، بل قد يُعقِّد الأزمة؛ فالتحديات اللوجستية والأمنية، ممتزجة مع الواقع السياسي تجعل من المستحيل تنظيم انتخابات ذات مصداقية في ظل استمرار القتال، وفقا للمجلة الأمريكية.
يُضاف إلى ذلك، أن الدستور الأوكراني يمنع إجراء الانتخابات في ظل حالة الطوارئ العسكرية، وحتى وإن رُفعت حالة الطوارئ، فإن استمرار الغارات الروسية اليومية، وتلغيم مساحات شاسعة من الأراضي، ونزوح ملايين المدنيين داخل البلاد وخارجها، يجعل عملية التصويت الآمنة ضربًا من الخيال.
وحتى بعد انتهاء القتال، ستتطلب الانتخابات فترة أطول من التحضير، كون الحرب تركت تأثيرًا مدمرًا على المجتمع والبنية التحتية في أوكرانيا، حتى إن هناك الآن اتفاقًا واسعًا في البلاد على ضرورة سنّ قانون جديد للانتخابات بعد الحرب يأخذ في الاعتبار الظروف الجديدة.
ومن المتوقع أن يستغرق التحضير للانتخابات فترة تتراوح بين نصف عام إلى عام كامل، ولا يُعد هذا أمرًا غير معتاد في سيناريو ما بعد الصراع.
زيلينسكي رقم صعب
رغم تراجع شعبيته نسبيًا مقارنة بذروة الحرب، لا يزال الرئيس فولوديمير زيلينسكي يحظى بتأييد غالبية الأوكرانيين. كما تشير أحدث استطلاعات الرأي إلى حصوله على نسبة 64%، متفوقًا بفارق كبير على منافسيه.
وحتى وإن ظهر منافس جدي – مثل الجنرال فاليري زالوجني – فإن الخطاب السياسي في أوكرانيا بات مُوحدًا حول رفض أي تنازلات لروسيا. والتيارات المؤيدة للتقارب مع موسكو تكاد تكون منعدمة، بعد أن فقدت نفوذها منذ بداية العملية العسكرية الكاملة في 2022.
قراءة «خاطئة» للمشهد
كشفت تسريبات عن اتصالات أمريكية مع سياسيين معارضين – مثل يوليا تيموشينكو وبيترو بوروشينكو – عن سوء تقدير في واشنطن للمشهد الداخلي الأوكراني؛ فكلا السياسيان يرتبطان بعهد ما قبل الحرب، المليء بفضائح الفساد، ولا يتمتعان بشعبية تُذكر.
والأهم من ذلك، أن المعارضة الأوكرانية – رغم انتقادها أحيانًا لزيلينسكي – تتفق على رفض إجراء أي انتخابات تحت القصف، وتؤيد مواصلة الحرب حتى التحرير الكامل للأراضي.
ومن المتوقع أن يلعب العسكريون السابقون دورًا محوريًا في سياسة ما بعد الحرب، مما يعزز التيار الوطني الرافض لتقديم تنازلات. ووفق استطلاع حديث، يثق 78% من الأوكرانيين بالعسكريين أكثر من السياسيين في قيادة البلاد.
ومع دخول هؤلاء المحاربين إلى البرلمان والمجالس المحلية، من المرجح أن يدفعوا نحو تشريعات أكثر صرامة، مثل رفض أي مفاوضات مع روسيا قبل انسحاب قواتها كليًا.
أولويات حقيقية
ترى «فورين بوليسي»، أنه بدلًا من إضاعة الوقت في الضغط على كييف لإجراء انتخابات مستحيلة، يجب على الحلفاء التركيز على دعم أوكرانيا عسكريًا لتحقيق اختراقات ميدانية، وتعزيز برامج إعادة الإعمار لضمان استقرار طويل الأمد.
وحين يتم إجراء الانتخابات في وقتها فسوف تكون خطوة نحو تعزيز الديمقراطية، لكن فرضها الآن سيكون بمثابة منحة مجانية للكرملين، تُضعف الشرعية الأوكرانية وتُطيل أمد الصراع.
aXA6IDMuMTM5LjkwLjAg جزيرة ام اند امز