زيلينسكي والدعم الأمريكي.. هل تستعيد أوكرانيا إجماع الكونغرس؟
زيارة مفاجئة أجراها الرئيس الأوكراني لواشنطن وسط تساؤلات عما إن كانت ستنجح بإخماد مؤشرات تصدع إجماع الكونغرس الأمريكي حول مساعدات كييف.
جدل يتفجر في ظل الانتقادات التي يوجهها المحافظون الأمريكيون لسياسة الدعم الذي تنتهجه واشنطن تجاه أوكرانيا في حربها مع روسيا.
وخلال الأيام التي تلت اندلاع الحرب، وعندما كانت الدبابات الروسية تتجه نحو العاصمة الأوكرانية كييف، رفض زيلينسكي الفرار كما رفض عروض المساعدات وقال لمواطنيه: "أنا هنا. أحتاج إلى ذخيرة، وليس لمن يقلني خارج الحدود".
ومع ذلك، توجه زيلينسكي، الأربعاء، إلى واشنطن بدعوة شخصية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهي أول رحلة خارجية له منذ بدء الحرب في فبراير/ شباط الماضي، بحسب تحليل نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وتأتي الزيارة في توقيت مفصلي سواء في ساحة المعركة حيث تخوض القوات الروسية والأوكرانية مواجهة طاحنة، أو في الأروقة الصاخبة سياسيا بالكونغرس الأمريكي.
تصدع؟
وحتى وقت قريب، كان دعم أوكرانيا مسألة حزبية إلى حد كبير، ففي مارس/ آذار الماضي، ألقى زيلينسكي خطابا عبر الفيديو أمام مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين، شبه فيه الحرب الروسية بمآسي "بيرل هاربر" (2001) و11 سبتمبر 2001، وساد الصمت القاعة، وبدأ بعض أعضاء الكونغرس بمسح دموعهم.
وبعدها بعشرة أشهر، ومع اقتراب الجمهوريين من السيطرة على مجلس النواب، هناك مؤشرات على بدء تصدع هذا الإجماع. وبدأ المحافظون من مؤيدي شعار "أمريكا أولا" في التساؤل بشأن المساعدات الأمريكية الضخمة – العسكرية والاقتصادية – التي يتم إرسالها إلى أوكرانيا.
وبحسب التحليل، ينظر زيلينسكي إلى الحرب باعتبارها صراعا من أجل الديمقراطية ومستقبل النظام العالمي. وإذا فازت روسيا، فإنه يمكن لأي بلد يحمل ضغينة إقليمية الاتجاه للاستيلاء على أخرى، مستشهدا بأوكرانيا باعتبارها سابقة. أما إذا انتصرت أوكرانيا، فسيكون ذلك بمثابة للمعايير الدولية القائمة على القانون، على حد رأيه.
ووصف أندريه زاغورودنيوك، وزير الدفاع الأوكراني السابق، الزيارة بـ"الرمزية للغاية". وقال لـ"الجارديان" إن "الولايات المتحدة حليف أساسي لكييف. وتقدم معظم المساعدات العسكرية الضرورية، وتقود المساعدات الاقتصادية، وتردع التهديدات النووية الروسية."
كما اعتبرها التحليل فرصة للقاء بايدن وزيلينسكي وجها لوجه، بعد شهور من التواصل عبر مكالمات الفيديو.
وفي فبراير/شباط، توقع الكرملين السيطرة على كييف في غضون أيام، وهو ما لم يحصل، واضطرت القوات الروسية في الخريف للتخلي عن مقاطعة خاركيف في الشمال الشرقي، ومدينة خيرسون والقرى المحيطة على الضفة اليمنى من نهر دنيبرو في الجنوب.
ومن الناحية العسكرية، اعتبرت الصحيفة أن تلك كانت إهانة غير متوقعة، ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحسب الآن أن جولة جديدة من التعبئة في الربيع ستغير المسار. وتعتقد كييف أنه يخطط لشن هجوم على أوكرانيا مجددا من الشمال وبيلاروسيا.
سيناريوهات 2023
واعتبر التحليل أن هذا الهجوم في 2023 – حال حدوثه – فقد يكون آخر فرصة لروسيا لاغتنام النصر لعمليتها العسكرية الخاصة.
وقد يكون العام المقبل لحظة تاريخية أخرى بعد الشهور الحالكة والمروعة لعام 2022. وقال زيلينسكي إنه لن يتفاوض مع روسيا إلا بعد مغادرة قواتها من جميع الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها، بما في ذلك القرم التي تم ضمها عام 2014.
وفي سياق متصل، قال مسؤولون أمريكيون لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إنه مع دخول الحرب في أوكرانيا قريبا عامها الثاني، ستجد القوات الأوكرانية صعوبة أكبر بكثير في استعادة الأراضي من القوات الروسية التي تركز على الدفاع عن المكاسب المتبقية على الأرض بدلًا من التوغل أعمق بالبلاد.
وعلى مدار الأشهر العشرة الأولى من الحرب، تفوق الجيش الأوكراني - بدعم أمريكي كبير - على الجيش الروسي، وقاتله حتى الوصول إلى طريق مسدود، ثم استعاد مئات الأميال والعاصمة الإقليمية الوحيدة التي استولت عليها روسيا.
ورغم الهجمات الروسية التي لا هوادة فيها على إمدادات الطاقة المدنية، لا تزال أوكرانيا تحافظ على الزخم على الخطوط الأمامية منذ سبتمبر/ أيلول الماضي.
لكن من المرجح أن يتغير مجرى الحرب في الشهور المقبلة، مع تحسين روسيا لدفاعاتها والدفع بمزيد من الجنود إلى الخطوط الأمامية، مما سيصعب على أوكرانيا استعادة مساحات شاسعة من الأراضي التي خسرتها العام الماضي، بحسب تقديرات للحكومة الأمريكية.
وتجعل كل هذه العوامل السيناريو الأكثر ترجيحا للعام الثاني من الحرب هو مأزق، لا يستطيع فيه أي من الجيشين السيطرة على العديد من الأراضي رغم القتال المحتدم.
وقالت إيفلين فاركاس، المسؤولة السابقة في البنتاغون وخبيرة بالشأن الروسي: "أعتقد أنه من الأسهل بكثير لأوكرانيا الدفاع عن الأراضي بدلاً من شن هجوم لاستعادة الأراضي. نحتاج تزويد الأوكرانيين بالمعدات والتدريب اللازم من أجل ذلك."
aXA6IDEzLjU5Ljk1LjE3MCA= جزيرة ام اند امز